فكرة معيار السلوك، أصبحت اليوم، قضية مهمة، خاصة فى ظل التحديدات المتوقعة فى الشرق الأوسط.. ففى الفترة التى تلى ما يسمى إلى الآن "الربيع العربى"، أخذت تظهر نظم حكم جديدة فى الشرق الأوسط مؤلفة فى أحيان متقاربة من قادة "يماهون" الإخوان المسلمين.. ومن المنطق أن نفترض أن يكون هناك تأثير كبير للتيارات السلفية المتطرفة، بل ولأذرع القاعدة فى سوريا، فى فترة ما بعد الأسد. ويجرى فى الغرب الآن جدل واسع يتعلق بسؤال يتمثل فى كيفية التعامل مع الإخوان المسلمين، يوجد من جهة أن قيادة القاعدة قد اكتسبت ثقافتها السياسية تحت جناح الإخوان المسلمين، مثل أيمن الظواهرى خليفة أسامة بن لادن، وكذلك أيضا خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات الحادى عشر من سبتمبر، والذى نشأ فى ذراع فى الكويت، ومن الجهة الأخرى يوجد فى أوروبا وواشنطن صاغة سياسة يرون أن الإخوان المسلمين بديل معتدل نسبيا عن السلفيين. يستطيع معيار السلوك المخطط له بحرص أن يكون أداة للتفريق بين الزعماء الذين يخضعون لمبادئه وأولئك الذين يتجاهلونها إذا ما أُنشئت معايير موضوعية لسلوك سياسى مقبول. ويمكن أن نستعمله للتفريق بين من يسمح لهم بأن يكونوا تحت السقف نفسه مع الغرب، ويتمتعوا بالتجارة الدولية ونقل التكنولوجيا، بل وبيع السلاح أيضا خلافا لأولئك الذين سيبقون فى نفس فئة التصنيف مع الدول العاصية. سبق أن وجد وزير الخارجية الأمريكى السابق "هنرى كيسنجر" نفسه فى 1972 مشاركا فى مفاوضة الاتحاد السوفييتى فى تحديد زيادة مخزونات الصواريخ الاستراتيجية للقوتين العظميين، وأفضت تلك المباحثات فى آخر الأمر إلى التوقيع على ميثاق 'سولت 1'، لكن كانت توجد أسباب جدية للشك فى أن تفضى المفاوضات بين القوتين العظميين إلى حل حقا، لأن موسكو عملت على توسيع نشاطها العسكرى فى العالم الثالث من جنوب شرقى آسيا إلى أنجولا.. وطور كيسنجر وثيقة سميت مبادئ أساسية للعلاقات بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفييتى، وبحسب تصوره فإنه إذا عملت موسكو بحسب معيار السلوك هذا فتستطيع واشنطن أن تزن معدل التقدم الذى تم كى تنشئ علاقات جديدة بين القوتين العظميين تقوم على وقف التوتر بين الدولتين. لكن إذا أخلت موسكو بمعيار السلوك فتستطيع واشنطن أن تحول هذه المبادئ إلى وسيلة دبلوماسية لتضرب الروس أمام حلف شمال الأطلسى والجمهور الأمريكى.. ومكّن معيار السلوك الولاياتالمتحدة من جعل السوفييت يكشفون عن نواياهم الحقيقية. وفى نهاية الأمر تم استيعاب معيار سلوك كيسنجر فى وثيقة تأسيسية لمؤتمر الأمن الأوروبى فى 1975 المعروفة أكثر بتصريح هلسنكى. ويبقى السؤال هو: هل تستطيع فكرة معيار السلوك عند كيسنجر أن تكون نافعة فى الشرق الأوسط؟، وهل يمكن صياغة منظومة قواعد لتفاوض فى المستقبل تدفع قدما بمسيرة سلام حقيقية؟، وهل تكفى إشارة واضحة إلى أن القيادة الفلسطينية قد أخلت بالتزاماتها؟، كانت هناك قضايا خاصة بالشرق الأوسط كان يمكن التطرق إليها كالتحريض على العنف وإيواء المنظمات الإرهابية والتوجه إلى جهات دولية بمبادرات مضادة لإسرائيل. نقلاً عن إسرائيل اليوم