إنه من الخطأ تقييم حالة الصحة النفسية فى بلد ما بعدد مرضى مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية. فالمأساة فى ذلك أننا نكون قد أغفلنا السواد الأعظم من مشاكل الصحة النفسية، ذلك أن المشاكل النفسية – مثل التى قد يعانى منها الأطفال، وعدم ارتياح البعض ومعاناتهم من عملهم فى المصانع أو المكاتب، ومشاكل الأسر غير السعيدة التى تعانى من مشاكل الزوجية، وأولئك الذين يعانون الوحدة والإحباط، وأولئك الذين يعانون من الشخصيات المكتئبة والشخصيات المتوترة والمخاوف- هى دلالات على أن الصحة النفسية للمجتمع تحتاج إلى الكثير من الجهد والفكر والأبحاث والدراسات والعلاج، إنه من الصعب تقييم الخسائر الناتجة عن هذه المشاكل والتى تتحملها أمتنا بسبب قصور الصحة النفسية. وذلك يجعلنا ندرك الأهمية القصوى لوجود برنامج مستمر لرفع مستوى الصحة النفسية، تتبناه الدولة والمؤسسات والوزارات المختلفة والجمعيات الأهلية وكل أفراد المجتمع؛ لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن المرض النفسى. فالصحة النفسية تضطرب عندما يعانى الإنسان كل ما سبق، وقد يزيد عبء المشاكل من قدرة الفرد على التحمل، مما يؤدى إلى اضطراب فى كيمائيات المخ وظهور المرض النفسى أو العقلى، ويبذل العلماء الجهد والعرق فى ابتكار الوسائل التشخيصية لاكتشاف هذه العوامل وعلاجها نفسيا وكيميائيا وسلوكيا. ونتيجة لقصور خدمات الصحة النفسية وقلة المعلومات عن هذه الأمراض وانخفاض مستوى الثقافة العامة تظهر فى بعض المجتمعات مظاهر حادة للمعاناة النفسية، التى قد لا يستطيع الإنسان التعبير عنها، فتظهر الأعراض الهستيرية ثم تنتشر، مثل نوبة المعاناة الهستيرية فى مدارس البنات عام 1993، خاصة مع نقص البنية الوقائية النفسية فى المجتمع، وينتج عنها ظهور المشعوذين والدجالين، إضافة إلى تشوه المفاهيم.