تعتبر المشروعات العربية المشتركة الترجمة الواقعية للتضامن العربى والتعبير الحقيقى عن الإدراك بمدى خطورة الفترة الحالية التي تمر بها مصر والدول العربية وهي فترة تستوجب على الدول العربية خلق مصالح مشتركة وحوار فعلى من خلال العلاقات الاقتصادية وتعزيز القدرة الذاتية من خلال تشجيع الاستثمار المشترك بين الدول العربية حتي يتحقق حلم الوحدة والسوق العربية المشتركة. وقد شهدت السنوات العشر الأخيرة صورًا عديدة للتعاون العربى المشترك ومن بين المظاهر الواضحة لتلك العلاقات العربية المشتركة "التعاون المصرى الإماراتى"، حيث شهدت السنوات العشر الماضية توقيع بروتوكولات لمشاركة الإمارات في تنمية محافظات الصعيد ومشروعات البنية الأساسية، وكذلك عدد من الفرص الاستثمارية في قطاعات النقل والتصنيع الزراعي والطاقة المتجددة وإسكان الشباب ومنخفضي الدخل. كما وقعت الدولتان عدة اتفاقيات للتعاون المشترك في الاستثمارات المرتبطة بالتكنولوجيا والخدمات الطبية والتعليم والبحث العلمي. وفى هذا السياق أكد المسئولون الإماراتيون اهتمام الإمارات بتطوير سبل التعاون الثنائي في مختلف المجالات بما فيها الاستثمار في المشاريع التي من شأنها تقوية العلاقات الاقتصادية واستمرار التنمية لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين. وعلى صعيد مؤسسات الاستثمار شهدت السنوات الاخيرة تطورا في مجال التعاون المشترك في مجالات المشروعات الاستثمارية الخاصة بكل مجموعة في مصر وبرنامج التعاون الفني والاستثماري معهما وكذلك تفعيل الفرص الاستثمارية المتاحة في مجالات البنية الأساسية، والصناعة، والنقل، والتصنيع الغذائي، والطاقة المتجددة، والبناء والتشييد، وكذلك إمكانات التعاون لتطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة بشمال غرب خليج السويس ومن بين أوجه الاتفاق بين مصر والإمارات في المجال الزراعى الاتفاق على إنشاء ثلاث مشروعات عملاقة في مصر باستثمارات إماراتية تصل إلى 3 مليارات دولار، منها استصلاح 100 ألف فدان لتوشكى على مدى 5 سنوات بمعدل 20 ألف فدان سنويًا، ويقوم بتنفيذ ذلك المشروع شركة "الظاهرة" الإماراتية. وثانى المشروعات - بحسب تأكيدات مسئولين إماراتيين- هو إنشاء أكبر مزرعة لإنتاج الدواجن الأمهات والجدود الخالية من الفيروس، وكذلك إنشاء معمل للتقليح الصناعى للدواجن، ويتمثل المشروع الثالث في إنشاء أكبر مشروع لتربية الجاموس في الشرق الأوسط وهو شراكة مصرية- إماراتية، وتم تخصيص 10 آلاف فدان له بمركز ملوى بالمنيا. كما أن هناك مشروعًا إماراتيًا آخر سيتم تشغيله وهو عبارة عن إنشاء مزرعة خيول على مساحة 5 آلاف فدان في مدينة 6 أكتوبر باستثمارات تصل إلى 600 ألف دولار، حيث إن هذا المشروع قد تم الاتفاق عليه منذ سنوات وتوقف ويتم تفعيله حاليًا. وفى مجال البحث العلمى شهدت السنوات العشر الأخيرة تطورًا في برنامج التدريب والمنح الدراسية (ماجستير، دكتوراه) المقدم من مؤسسة مصدر الإماراتية بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والذي أتاح الفرصة لمجموعة من المهندسين المصريين حديثي التخرج للدراسة والتعلم حول أحدث البرامج والتكنولوجيا المرتبطة بالقطاعات الهندسية. وفيما يتعلق بالتعاون المشترك بين مصر والسعودية فقد شهت السنوات الأخيرة تعزيزًا للعلاقات والاستثمارات وإقامة مشروعات مشتركة في مجال البتروكيماويات والربط الكهربائى وتنظيم انتقال العمالة المصرية لتلبية احتياجات سوق العمالة السعودية بما يتناسب مع القوانين والتشريعات الجديدة، والتوسع في تدريس المناهج المصرية بالمدارس السعودية، وكذلك المناهج السعودية بالمدارس المصرية. كما شهدت العلاقات بين الجانبين خطوات نحو تأكيد أهمية إزالة جميع المعوقات التي تقف أمام تعزيز التبادل التجاري والاستثمارى بين البلدين، وإقامة المعارض المشتركة، واستكمال الإجراءات النهائية للتوقيع على مشروع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، والبرنامج التنفيذي للتعاون بين هيئتي الاستثمار في البلدين، ومشروع اتفاقية التعاون الجمركى ومشروع اتفاقية النقل البحرى، واستقطاب الكوادر المصرية في مجال الرعاية الصحية، وتنسيق المواقف بين البلدين في المحافل الدولية والإقليمية خاصة في إطار منظمة التجارة العالمية. وفي المجال الأمني، شهدت العلاقات بين البلدين التعاون في مجال مكافحة الجرائم، وتبادل المعلومات والخبرات في هذا الجانب، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من نقل العقاقير المخدرة، وتشهد السنوات الماضية تعزيزًا في التعاون بين الصندوق السعودي للتنمية والجهات المختصة في مصر في مجال تبادل المعلومات والتقارير الإنمائية عن البنوك والشركات المصرفية المصرية للاستفادة من برنامج الصادرات السعودية، والاتفاق على استمرار دعم الصندوق للبرنامج الإنمائى المصرى في ظل الظروف الراهنة. وفي مجال النقل الجوى، تم بحث وضع ترتيبات لتنظيم رحلات الحج والعمرة وبحث طلب المملكة السماح للناقلات السعودية الاقتصادية بالتشغيل الجوى وزيادة التعاون في مجالات التدريب والتعليم في مجال الطيران المدني، وبين مراكز الصيانة في البلدين والتعاون في مجال تبادل قطع الغيار، فضلًا عن التعاون في مجالي الكهرباء والمياه. وفي مجال الكهرباء والمياه تم الاتفاق على التعاون بين مصر والسعودية في مجال ترشيد المياه واستكمال مباحثات تفعيل اتفاقية الربط الكهربائى بين البلدين التي وافق عليها مجلس الوزراء السعودي مؤخرًا وتبادل الخبرات والكوادر والمشاركة في الندوات والورش وإعداد مذكرة تفاهم في مجال الموارد المائية والري. كما تم الاتفاق على بحث اقتراح تشكيل فريق عمل مشترك للاستفادة من الإمكانات المتاحة بين البلدين للتصنيع المحلي لمكونات المشروعات الكهربائية المستخدمة في إنشاء محطات إنتاج الكهرباء وشبكات النقل والتوزيع، بالإضافة إلى تشكيل فريق متابعة يجتمع بعد 6 أشهر في الرياض لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وفي مجال الأرصاد وحماية البيئة، وتم الاتفاق بين البلدين أيضا على تبادل الزيارات وإيفاد بعثة خبراء مصريين لرحلات استكشافية للسعودية وتفعيل البرنامج التنفيذى لحماية البيئة الذي تم التوقيع عليه مؤخرًا. وفي مجال الاتصالات، شهدت المرحلة الماضية بحث التعاون في مجال التشريعات التي تدعم بيئة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتبادل الخبرات بين الجانبين، وتم الاتفاق في في المجال العلمى على تبادل الخبرات في جودة التعليم العالي والاعتمادات الأكاديمية ومنح درجات علمية مشتركة في الدراسات العليا، بالإضافة إلى تجديد الاتفاقيات والبرامج التنفيذية بين الجهات السعودية والمصرية. كما شهدت مباحثات وجهود لم الشمل والشراكة المصرية السودانية الليبية تقدمًا ملموسًا في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية بهدف الوصول لعملة موحدة وبنك مركزي مشترك لخدمة شعوب الدول الثلاث التي تشكل المثلث الذهبي بالمنطقة بالإضافة لتوحيد المناهج الدراسية لتكون نواة لشراكة أفرو عربية في عصر التكتلات، وتسعى القاهرة لتعزيز المصالح المشتركة بين دول القارة الأفريقية من أجل بناء وحدة حقيقية من خلال شراكة حقيقية تضم مصر والسودان وليبيا. وتستهدف الجهود العربية للم الشمل وإعطاء دفعة قوية لعمليات تدفق الأفراد ورءوس الأموال بين الدول الثلاث تعزز تقدمنا في عالم يتقدم بخطى سريعة، حيث أثبتت الأحداث التاريخية على الأقل في النصف قرن الأخير أن البلدان الثلاث يتحدون في وجه الأخطار المشتركة. ومن جانبه أكد "ناصر بيان" رئيس الجمعية المصرية الليبية المشتركة لرجال الأعمال أن جهود التعاون والشراكة بين الدول العربية لا يمكن أن تتم دون التأسيس لتعاون سريع في مجال مشروعات البنية الأساسية، مشيرًا إلى أن مصر تعانى تدهورًا شديدًا في مشروعات البنية التحية وشق الطرق وترفيق الأراضي بالإضافة إلى التعاون في إقامة المستشفيات، وجهود البحث والتنقيب عن البترول والغاز الطبيعى. وشدد "بيان" على أهمية إقامة الصناعات الكبيرة كثيفة العمالة في مصر لجذب وتشغيل الأيدى العاملة المعطلة، مطالبًا بضرورة توجيه القطاعات الاستثمارية في الوطن العربى للاستثمار في مصر، بالإضافة إلى استيراد ما تحتاجه الأسواق العربية من مصر وهو ما يضمن تحقيق استيراد نحو 80% من مستلزمات الدول العربية من السوق المصرية، وحول آليات وفرص التعاون مع الدولة الليبية قال "بيان" إنه على الجانب الليبى تقديم عطاءات وفرص تفضيلية للعمالة المصرية وشركات المقاولات المصرية لاعادة البناء والاعمار موضحا أن أعمال الاعمار ستستقطب ما بين 3 و4 ملايين عامل وفنى مصرى. وقال الدكتور "محرم هلال"، رئيس مجلس الأعمال المصرى القطرى، إن المواقف العربية الداعمة الظروف المصرية التي تمر بها حاليا، مشيرًا إلى أنه تم عرض مجموعة من المشروعات الاستثمارية العربية على مجلس الوزراء المصرى وتتمثل في مشروعات طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل. وحول مشكلات العمالة في البلاد العربية قال "هلال" إنه على مجالس الأعمال المشتركة ضرورة التحرك واتخاذ إجراءات من شأنها الحد من المشكلات العمالية وقضايا الكفيل التي تنتشر ببعض الدول العربية والاتجاه لإيجاد حلول جيدة من شأنها إيجاد قاعدة مشتركة وبخاصة المملكة العربية السعودية التي ستقبل على مشروعات تنموية تقدر ب 100 مليار دولار في مجالات تكنولوجيا المعلومات والإنشاء والتعمير وغيرها.