سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«لحظات فارقة» في قرار «العزل».. ضباط يروون تفاصيل المفاوضات الأخيرة بين مرسي والسيسي..الجيش لم يأبه بغضب الأمريكان.. السعودية والكويت والإمارات الأكثر تأييدًا.. تخوف غربي من إفلاس مصر
كانت اللحظة الفارقة بالنسبة لقادة الجيش في مصر يوم 26 يونيو ، ففي ذلك اليوم التقى كبار القادة بالرئيس محمد مرسي أول رئيس يصعد لقمة السلطة في انتخابات ديمقراطية في البلاد، وتحدثوا معه بصراحة مؤلمة وأبلغوه بما ينبغي له قوله في الكلمة التي كان من المقرر أن يوجهها للشعب مع تصاعد الاحتجاجات في أنحاء البلاد، وذلك وفقا لتقرير ل«رويترز» اعتمد على شهادات ضباط حضروا الاجتماعات. وقال ضابط كان حاضرًا في الغرفة التي عقد فيها الاجتماع ل«رويترز»: «طلبنا منه أن يكون الخطاب قصيرًا، وأن يستجيب لمطالب المعارضة بتشكيل حكومة ائتلافية ويعدل الدستور، وأن يحدد إطارًا زمنيًا لهذين الأمرين، لكنه خرج بخطاب طويل جدًا لم يقل فيه شيئًا. وعندها عرفنا أنه لا ينوي إصلاح الوضع، وأن علينا الاستعداد للخطة الاحتياطية». وأضاف الضابط «كنا مستعدون لكل الاحتمالات من العنف في الشوارع إلى اشتباكات واسعة النطاق وجهزنا القوات لهذين الاحتمالين». وطلب الضابط عدم نشر اسمه مثل الضباط العاملين الآخرين الذين أجرت «رويترز» مقابلات معهم بسبب حساسية الوضع. ومع ازدياد التوتر في الأيام التالية ظل مرسي على موقف التحدي. وقال مصدر عسكري إنه في مكالمة أخيرة مع القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح السيسي يوم الأربعاء ضحك الرئيس استخفافًا بالمظاهرات الحاشدة التي نظمها المعارضون له. وقال المصدر المطلع على اتصالات السيسي «لم يكن يصدق ما يحدث». وتبخرت أي آمال متبقية أن يدعو الرئيس الملتحي إلى استفتاء على مستقبله أو يتنحى في هدوء. وتحدث تقرير لصحيفة «الجارديان» البريطانية أمس في الاتجاه نفسه، مشيرًا إلى أنه يوم الأربعاء كان مرسي يتحدث مع مجموعة ضيقة من معاونيه في قاعدة (يعتقد أنها مقر الحرس الجمهوري)، عندما طمأنه مساعد مقرب منه بأنه مهما حدث فإن الحرس الجمهوري سيحمونه، لكن في اليوم نفسه عندما تحركت قوات خاصة لاحتجاز مرسي فإن حراسه تبخروا في ما يعكس خطأ تقدير آخر للرئيس السابق يضاف إلى أخطائه، وفقًا ل«الجارديان». ونقلت «الجارديان» عن دبلوماسي غربي أمضى وقتًا مع مرسي ودائرته المغلقة وقيادات الإخوان، أنهم لاحظوا منذ 9 أشهر أن جماعة مرسي أصبحوا أكثر بعدًا عن الواقع، وأن الجيش أصبح أكثر قلقًا من جماعة الإخوان المسلمين. وكان الاقتصاد في حالة تدهور، والحكومة تنفق شهريًا 1.5 مليار دولار أكثر مما يجب أن تنفقه. كما كان يجري استنزاف الاحتياطي النقدي الأجنبي بشكل خطر، وهو ما كان ينذر بالوصول إلى إفلاس البلاد وتمرد اجتماعي وشعبي عندما تعجز الحكومة عن دفع الرواتب. وقال الدبلوماسي إنه بحلول مارس بذل دبلوماسيون جهودًا مع مرسي لإقناعه بتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، وبعد الكثير من المفاوضات رفضوا، وجعلوا الأمور أكثر سوءًا بالاستعانة بتكنوقراط من مستوى متواضع لديهم أفكار ليست جيدة. وكان الأسوأ تعيين علاء عبد العزيز وزيرا للثقافة وطرد 5 من قيادات الوزارة بينهم مدير الأوبرا والمكتبة الوطنية، وهو ما روج الاعتقاد بأنهم يحاولون فرض أجندة إسلامية على الثقافة. من جانبه، يشير تقرير «رويترز» إلى أنه مع خروج الملايين إلى الشوارع نفذ الجيش خطته، فاحتجز مرسي في مجمع الحرس الجمهوري، وألقى القبض على قيادات رئيسية في جماعة الإخوان المسلمين، وتولى السيطرة على عدد من الأجهزة الإعلامية. وهكذا انتهت أول محاولة للتوفيق بين الإسلام السياسي والديمقراطية في مصر بعد عامين ونصف العام من الإطاحة بحسني مبارك في انتفاضة شعبية. وتبين السهولة والسرعة اللتان سقط بهما مرسي هشاشة الربيع العربي الذي أطاح بعدد من الحكام العرب. كما أن سقوط مرسي جدد النقاش حول ما إذا كان من الممكن أن يتعايش الإسلام السياسي مع الديمقراطية أم لا. فلم تستمر تجربة الإخوان المسلمين في السلطة سوى أكثر قليلًا من عام واحد. وقالت «رويترز»: «كانت أخطاء مرسي نفسه جسيمة على النقيض من الطريقة التي صعد بها نيلسون مانديلا إلى قمة هرم السلطة في جنوب أفريقيا حاملًا رسالة الوحدة والتسامح. فلم يكن مرسي أستاذ الهندسة بإحدى الجامعات الإقليمية زعيمًا سياسيًا بطبعه. إذ لم يصبح مرشح (الإخوان) في الانتخابات إلا بعد عدم تأهل المرشح المفضل عند الجماعة. ومع ذلك فقد أبدى الرئيس الجديد بعض الحسم عندما تولى منصبه وجمع في يده سلطات كثيرة، الأمر الذي أدى إلى استعداء قطاع عريض من خصومه الليبراليين والإسلاميين». وعقب انتخاب مرسي في يونيو 2012 بأغلبية 51.7 في المائة من أصوات من شاركوا في الانتخابات أحال اثنين من كبار قادة الجيش للتقاعد، أحدهما هو المشير حسين طنطاوي الذي ظل 20 عامًا وزيرًا للدفاع في عهد مبارك في خطوة بدا أنها تمثل فكاكًا من أسر الماضي، وعين مرسي السيسي (58 عامًا) قائدًا جديدًا للجيش. والسيسي من ضباط سلاح المشاة، قضى فترات كقائد ميداني ودرس في إحدى الكليات العسكرية بالولاياتالمتحدة، كما تولى منصب الملحق العسكري في السعودية. وبدا أنه اختيار جيد للعمل مع مرسي وجماعة الإخوان التي تريد إبعاد الجيش عن الساحة السياسية بعد أن تصدر المشهد عشرات السنين. لكن العلاقات بين مرسي وقادة الجيش الجدد تدهورت خلال شهور من تنصيبه. بل إن نجاح مرسي في التفاوض على وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس الإسلامية التي تدير قطاع غزة أثار استياء العسكريين. وقال المصدر الأمني ل«رويترز»: «تدخل مرسي في حرب غزة جعل مصر ضامنًا لعدم قيام حماس بأي هجمات على إسرائيل وهذا يمثل تهديدًا للأمن القومي المصري لأنه إذا شنت حماس هجومًا فقد يدفع ذلك إسرائيل لرد انتقامي منا». كما تحدث مرسي بلا مواربة عن احتمال مشاركة مصر في الجهاد للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وأثار احتمال القيام بعمل عسكري بسبب سد تبنيه إثيوبيا على نهر النيل. ونتيجة لذلك زاد ارتياب قيادة الجيش فيه إذ رأت أنه يخاطر بإشراكها في صراعات دون التشاور الواجب مع كبار القادة. وشعر القادة العسكريون بقلق لا يقل شدة إزاء الاستقطاب السياسي والطائفي في مصر في ظل التدهور الاقتصادي الحاد. وكانوا قد أمنوا وضعهم في الدستور الجديد الذي وضعه حلفاء مرسي وتم استفتاء الشعب عليه في ديسمبر الماضي فضمنوا بذلك أن تظل مراجعة البرلمان لموازنة القوات المسلحة وعقود التسلح والسيطرة على قناة السويس محدودة. لكن قلقهم تزايد لما رأوه من خطر وصول الأمر إلى حد الحرب الأهلية. وعندما تولى مرسي منصبه كان الاقتصاد المصري الذي زاد الأثرياء ثراء والفقراء فقرًا في سنوات مبارك الأخيرة في أزمة بالفعل. وزادت حكومة مرسي المرتبكة الطين بلة. وبينما ظلت جماعة الإخوان المسلمين أكثر القوى السياسية تنظيمًا ونفوذًا من خلال إدارة شبكة للدعم الاجتماعي وتقديم خدمات للفقراء والمحتاجين، شعر ملايين المصريين بأنه لا يوجد من يمثل مصالحهم. وأطلقت مجموعة من النشطاء حملة «تمرد» في أول مايو لجمع التوقيعات للمطالبة برحيل مرسي. واكتسبت هذه الحركة زخمًا حتى أعلنت أنها جمعت أكثر من 22 مليون توقيع، ودعت إلى تنظيم مظاهرات ضخمة في مختلف أنحاء البلاد يوم 30 يونيو بمناسبة مرور عام على تنصيب مرسي. وفي اليوم التالي لمظاهرات 30 يونيو حدد السيسي مهلة مدتها 48 ساعة لمرسي، فإما الاستجابة لمطالب المتظاهرين باقتسام السلطة مع المعارضة وإما إفساح المجال أمام الجيش لطرح خريطة طريق أخرى. وقال مصدر عسكري اطلع على التفاصيل إنه في لقاءين آخرين مع الرئيس في الأول والثاني من يوليو الحالي كان القائد العام أكثر صراحة لكن مسعاه قوبل بالرفض. وقال المصدر «توجه الفريق أول السيسي إليه وقال لنا عندما عاد إنه لا يصدق ما يحدث، وقال إن المحتجين بين 130 و160 ألفًا فقط. قلت له «لا سيادتك إنهم أكثر بكثير من ذلك، وعليك أن تستمع لمطالبهم». وأضاف المصدر «في الاجتماع الثاني ذهب السيسي ومعه تسجيل فيديو للاحتجاجات أعده الجيش، وقال له (سيادتك الوضع خرج عن السيطرة، واقتراحاتك لتغيير الحكومة وتعديل الدستور الآن فات أوانها ولن ترضي الشارع. أقترح أن تدعو لاستفتاء على استمرارك في الحكم»... لكنه رفض، وقال إن ذلك غير دستوري ومخالف للشرعية. وأمام رفض الرئيس كثف السيسي اتصالاته بمحمد البرادعي الذي اختارته جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة للتفاوض مع الجيش وبالقيادات الدينية للمسلمين والمسيحيين متمثلة في الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا تواضروس رأس الكنيسة القبطية. وكان الاثنان قد أيدا حركة الاحتجاج علانية. كما أشرك قائد الجيش مؤسسي حركة تمرد وزعيم ثاني أكبر الأحزاب الإسلامية هو حزب النور السلفي الذي ينافس الإخوان على أصوات المسلمين. والتقى الجميع بمقر المخابرات العسكرية في شارع الثورة يوم الأربعاء الثالث من يوليو الذي انتهى فيه إنذار الجيش لمرسي لرسم خارطة طريق لمرحلة انتقالية ثانية. استمر الاجتماع نحو ست ساعات وتبنى الجيش الخطة التي اقترحتها حركة تمرد ووافقت عليها جبهة الإنقاذ. وقال المصدر العسكري «حاول الفريق أول السيسي الاتصال بزعيم الإخوان المسلمين لاقتراح خيار الاستفتاء لكنه رفض الحضور هو وآخرون. كما عرضها على الساسة وغيرهم لكن أعضاء تمرد رفضوها، واتفق الآخرون تقريبا على كل شيء اقترحته تمرد». كان النشطاء الذين يحركون الشارع وعددهم يزيد قليلًا على العشرين هم من أخذوا بزمام الأمور. وقال تقرير «رويتزر»: «كانت أطراف خارجية تشعر أيضًا بالقلق لأسباب ليس أقلها أن مصر تحصل على قدر كبير من المعونة الأمريكية، وأن مرسي كان يمثل فرصة للديمقراطية في المنطقة. فقال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما اتصل خلال زيارته لتنزانيا بمرسي يوم الإثنين الأول من يوليو وحثه على الاستجابة لمطالب المحتجين. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للصحفيين خلال جولة في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي «قدمنا توصيات كثيرة لأصدقائنا في مصر. نحن نحاول المساعدة مثلما تحاول دول أخرى لإيجاد مكان للمعارضة في العملية السياسية لتنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية التي تسهم في جذب الأعمال ورأس المال وبدء تحريك الاقتصاد». لكن مسئولين أمريكيين آخرين أبدوا تشككا في قدرة مرسي على توحيد البلاد والخروج من الأزمة. وخلف الكواليس اتصل وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل بالسيسي، حسبما أعلن البنتاجون. وامتنعت الوزارة عن الإفصاح عما دار بين الرجلين لكن المصالح المشتركة بينهما كثيرة. ويكتنف الغموض القدر الذي كانت تعلمه الولاياتالمتحدة مسبقًا عن نوايا الجيش المصري. ويوم الأحد الماضي احتشد ما لا يقل عن نصف مليون متظاهر في ميدان التحرير وحوله وخرج ملايين آخرون في مختلف أنحاء البلاد فيما أظهر تحولًا كبيرًا في الاتجاهات. في عام 2011 عندما طالب المحتجون بسقوط مبارك قائد القوات الجوية السابق كانت الجماهير تخشى أن تتعرض لهجوم من الجيش. إلا أن الجيش انحاز آنذاك للشعب وأرغم الرئيس على التنحي. أما الآن فعندما حلقت طائرة هليكوبتر فوق حشود المتظاهرين في ميدان التحرير وألقت أعلام مصر هلل المحتجون لها. وقال الجيش إن هذه الخطوة استهدفت تشجيع المشاعر الوطنية لإظهار التأييد السياسي. لكن المغزى كان واضحًا، إذ لم تكن بالمحتجين على حكم مرسي حاجة للخوف من الجيش. وقدم الجيش لقطات مصورة من الجو للحشود الضخمة المعترضة على مرسي لمحطات التليفزيون لإبراز حجم الدعم الشعبي لعزله. وقال المصدر العسكري «أصبحت لدينا الآن حرب إعلامية مع الإخوان المسلمين». وفي تلك الليلة استهدف محتجون المقر الرئيس لجماعة الإخوان بضاحية المقطم في القاهرة. ولم يظهر أثر للشرطة أو رجال الإطفاء. وحطم المحتجون نوافذ المبنى المكون من أربعة أدوار ونهبوا الأثاث وأشعلوا النار في المبنى فيما أعاد للأذهان الهجوم على مقر مباحث أمن الدولة عقب سقوط مبارك. وتحرك السيسي بعد شهور من السعي دون جدوى لحمل الرئيس على التوصل لتفاهم لاقتسام السلطة مع خصومه الليبراليين والوطنيين واليساريين. وأمهلت القوات المسلحة مرسي 48 ساعة لإبرام اتفاق مع المعارضة. وأعلن السيسي على التليفزيون المصري أنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسيتعين على القوات المسلحة أن تعلن خريطة طريق للمستقبل. وقال الجيش إنه سيشرف على تنفيذ خريطة المستقبل بمشاركة كل طوائف الشعب والأحزاب السياسية لكنه لن يعمل بالسياسة أو يتولى الحكم. ولم يرد مرسي فورًا على المهلة. لكن المفارقة المريرة كانت جلية، فالجيش الذي كان الثوار يأملون في 2011 أن يظل بعيدًا عن السياسة كان يوجه إنذارًا للرئيس المنتخب. وسارع أنصار مرسي بإبراز هذه النقطة. فقال حسن الشربيني، أحد المتظاهرين قرب مسجد بالقاهرة «اعتقد العالم دائمًا أننا نحن الإسلاميين لا نؤمن بالديمقراطية. الآن الإسلاميون يعلمون المصريين الديمقراطية بينما يتخلى الليبراليون عن الديمقراطية. وأين رد فعل العالم لذلك». وكان رد الفعل العالمي العلني خافتًا. وقال البنتاجون إن وزير الدفاع هاجل تحدث ثانية مع السيسي. كما جرى اتصال بين ضابط كبير بالقوات المسلحة المصرية والجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية. وقال مصدر بالجيش المصري اطلع على تفاصيل هذه المحادثة «فهمنا من بعض الاتصالات المتبادلة بين كبار المسئولين من جانبنا والأمريكيين والسعوديين ومن تقارير المخابرات أن الأمريكيين ليسوا سعداء بتدخلنا لكننا لم نأبه لذلك». وأضاف «كنا ندرك أن التأييد الشعبي معنا». واتضحت رغبة واشنطن في عدم إدانة خطوة الجيش المصري في ما بذلته من جهد لاختيار ألفاظ تصف بها ما حدث من دون أن تستخدم عبارة انقلاب عسكري، إذ أشار أوباما إلى القرار المصري بعزل الرئيس مرسي وتعطيل العمل بالدستور. وكانت مواقف الحلفاء الإقليميين أكثر حماسة لخطوة الجيش سواء في السر والعلن. وقال مصدر أمني آخر «الدول الأكثر تأييدا هي السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة لأنها تتفهم أهمية مصر الاستراتيجية للعالمين العربي والإسلامي». وعندما رد مرسي في نهاية المطاف على إنذار السيسي رفض مطلب الجيش، وقال إنه سيواصل السير في خططه الخاصة بالمصالحة الوطنية. وقالت رئاسة الجمهورية إن الرئيس لم يستشر في البيان الذي أصدرته القوات المسلحة، وإن الرئاسة تؤكد أنها ماضية في المسار الذي خططته مسبقًا لدعم المصالحة الوطنية الشاملة. وكان مرسي قد نقل إلى قصر القبة الجمهوري حفاظًا على سلامته بعد أن حاصر المحتجون مقر الرئاسة في قصر الاتحادية. ويوم الأربعاء نقل مرسي إلى مكتبه الاحتياطي في مجمع الحرس الجمهوري بالقاهرة. وفي آخر أيامه في منصبه تشاور مرسي مع مساعديه وظل يعمل كالمعتاد وكأنه لا يدرك شيئًا عن سقوطه الوشيك. ونحو الساعة السادسة مساء بعد ساعة من انتهاء المهلة قال ياسر هدارة، المستشار الإعلامي لمرسي، هاتفيًا، من داخل المجمع الرئيس ما زال هو الرئيس وما زال يجلس في مكتبه مع فريقه).وأضاف الجو العام في الواقع مريح. الناس تواصل العمل). وعقب ذلك طلب من أغلب العاملين مع مرسي مغادرة المبنى. وقال المصدر إن السيسي اتصل بمرسي نحو الساعة السابعة مساء وطلب منه للمرة الأخيرة أن يوافق على الاستفتاء على البقاء في منصبه أو تسليم السلطة لرئيس البرلمان. اعترض الرئيس فقال له السيسي إنه لم يعد رئيسًا. وتم احتجاز مرسي وأقرب مساعديه مستشار الشئون الخارجية عصام الحداد، في المجمع، وقيل لهما إنهما لا يمكنهما المغادرة لسلامتهما الشخصية. وقال المصدر العسكري عن مرسي «عومل باحترام لأننا لا نريد تدمير صورته كرئيس لمصر». وأضاف أن الجيش استاء لرؤية مبارك القائد السابق للقوات الجوية وراء القضبان في المحكمة بعد الإطاحة به. وآخر مرة شاهد فيها كثير من المصريين الرئيس الذي فاز بأصوات 13 مليون ناخب في أول انتخابات رئاسية حرة قبل عام من خلال تسجيل فيديو على يوتيوب يجلس فيه إلى مكتبه ويندد باستيلاء الجيش على السلطة وينادي بالمقاومة السلمية. وفي حين أن مرسي ظل كعادته يكرر كلامه في الخطاب الأخير، نشر الحداد على صفحته على «فيس بوك» تحليلًا من 885 كلمة لسقوط رئيسه. وقال الحداد وهو طبيب درس في برمنجهام «أدرك تمام الإدراك وأنا أكتب هذه السطور أنها قد تكون السطور الأخيرة التي أتمكن من بثها على هذه الصفحة. ومن أجل مصر وللدقة التاريخية دعونا نسمّ ما يحدث باسمه الحقيقي انقلاب عسكري». وقال إنه إذا ترسخ تدخل الجيش فستتردد الرسالة بكل وضوح في العالم الإسلامي. إن الديمقراطية ليست للمسلمين. كثيرون رأوا من المناسب في الشهور الأخيرة أن يحاضرونا عن كون الديمقراطية أكثر من مجرد صندوق الانتخابات. ربما كان هذا بالفعل صحيحًا. لكن الأمر المؤكد صحته أنه لا توجد ديمقراطية دون صندوق الانتخابات.