هى سر المعادلة، مهد الحضارة، بادئة التوحيد، فجر الضمير، هى دواء القلوب وإكسير الحياة وملهمة المبدعين وباعثة التسامح ومنيرة العقول وقاصمة ظهر البغاة ومقبرة الغزاة، مصر التى فى خاطر وفم كل مصرى وطنى أصيل لا يرضى بسواها بديلا ولا يتدنى بها فيقدم جماعة أو تنظيما عليها .. إنها مصر التى أنهت حكم الفاشية فى ثلاثة أيام فقط، هى من أزاحت أو انقلبت على جماعة الوهم الأكبر فى حياة كل مصرى، مسلما كان أم مسيحيا . من الحماقة أن تتناسى شعب تأصل وراثيا بمنظومة حضارية.. علمت العالم معنى الحضارة منذ آلاف السنين ومزجت أرضها الطيبة أجسادهم وأرواحهم بها، فمن يسافر خارج الوطن يرى تعلق المصريين بأى شىء من رائحة مصر وعبقها، من يستدعى ذاكرة الأجداد الطيبين يجد الفلاح المصرى يدفن أجساد أهله بجوار حقله أو بالقرب من منزله، تلك الحميمية مع الأرض التى تساوى العرض والشرف لدى المصرى حيث أرض الوطن التى التصق بها فى حياته الدنيا ويعز عليه أن يفارقها فى آخرته، امتزج بغرين النيل وطميه، لم يعرف الترحال والحياة الرعوية البدائية والصحراوية الجافة فلم يفارق مصر ولم تفارقه هى الأخرى . من خرج فى شوارع المحروسة منذ بداية حركة تمرد المباركة والتى برأتها روح مصر كان يدرك أن المصريين مهما وفدت عليهم من ثقافات جافة وانتهازية يضعون مكانا خاصا فى القلب للحبيبة مصر، كنا فى الشوارع ندعوا البسطاء للتوقيع على استمارات عزل مرسى وجماعته فيأتينا الرد تقريبا واحدا وتلقائيا وحضاريا وخالصا لوجه الله والوطن، حاضر، البلد بتضيع، ربنا يستر على مصر. لم يقدم أحدهم نفسه أو مطالبه الشخصية ولم يفصح الفقراء وكافة المظلومين من الشعب عن توقهم للعدالة الاجتماعية والتى ثاروا من أجلها وتحملوا المستحيل على مدى ثلاثين شهرا، لم يشغلهم أن مرسى وجه خيرات الدولة ومناصبها وأموالها فقط للأهل والعشيرة المقدسين عنده وعند كل من يتبع فكر الجماعة الضال الظلامى، كان همهم الأول والأخير، مصر، الوطن الذى يتدهور ويهوى داخليا وتحيط به قوى الشر الموالية للجماعة من خارج حدوده . سيقول لك المداهنون والمتأخونون والواهمون ممن نافقوا الجماعة وتطفلوا على جسدها وتنظيمها وعبدوها زلفى لمصالح عفنة ومنافع دنيئة، إن هذا انقلاب من الجيش ! أيها الحمقى، إنه جيش مصر وليس ميليشيات إرهابية تابعة لجماعة شوهت دينا عظيما وحسبت تطرفها وعبادتها لذاتها صلاحا، جيش مصر هو الابن البار لكل أب مصرى وأم مصرية جوهر مورثاتهم وجيناتهم الوطنية المصرية فقط . أتجد أباك أو أمك تسقط ولا تنقذها، أتترك عرضك أو عرض أهلك أو جيرانك يُستباح ويخدش وتقف أبلها مخزيا مكتفيا بالمشاهدة! مصر هى عرض كل مصرى ومصرية، مصر هى شرف وغاية كل مصرى ومصرية مصر هى وجودنا، أنتخلى عن كل ذلك ! مصر هى من حررت نفسها وحررتنا من براثن التخلف والإرهاب والعنف والطائفية والخيانة.