تحتل الثورة على الظلم أشكالا درامية عديدة، لعل أشهرها صورة مقاومة الطاغية أو رئيس العصابة الذي يذيق البلدة الهوان. وفيلم (شىء من الخوف ) المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للأديب ثروت أباظة وإخراج حسين كمال، يعبر عن أقسى صور الظلم، والبطولة للفنانة شادية، وقد أجاد الفنان محمود مرسي دور المستبد، وفي مشهد الختام تهب القرية عن بكرة أبيها صارخة: باطل.. باطل..إلى أن تسقط دولة الطغيان على رأس عتريس وعصابته. وبصورة أخرى نجد الشرطة هي مخلب الشعب للقضاء على الظلم والجور المتمثل في رئيس عصابة وعمدة مغيب تماما عن الواقع وإقطاعي يكنز الأموال بفضل رئيس العصابة، وهو ما رأيناه في فيلم "الوحش"، إخراج صلاح أبوسيف وبطولة أنور وجدي ومحمود المليجي. ومن أفلام العصابات الحاكمة إلى الأفلام الرمزية نجد فيلم "البداية" لصلاح أبوسيف، الذي عالج فيه بسخرية ممتعة فكرة الديكتاتورية، من خلال مجموعة من المواطنين تسقط بهم الطائرة في منطقة مهجورة، فيفرض أحدهم – نبيه أو جميل راتب – سيطرته وسطوته عليهم ويطلق على المنطقة اسمه (نبيهاليه ) ،مستعبدا الجميع، ويقود الثورة عليه أحمد زكي، لينتهى به الأمر وحيدا في دولته التي قامت على استخدام القوة واستخدام الإعلام المضلل ونشر الشائعات بين الجهلاء. ولا أحد ينسى الدور الذي قام به حمدي أحمد معبرا عن هذه الفئة من المجتمع عندما ذهب يسأل أحمد زكي: هو انت والعياذ بالله..ديمقراطي؟ لأن الطاغية أقنعه بأن الديمقراطية تعني الإلحاد ،ومن الأفلام الرمزية أيضا "الحرافيش"، عن رائعة نجيب محفوظ بذات الاسم. ولعلنا نجد الصورة واضحة في فيلم "التوت والنبوت"، بطولة حمدي غيث وعزت العلايلي، فالفتوة الظالم يحصد الأموال والإتاوات ولا يرحم الأرملة ولا الفقير ،ويتجاهل الصوت المحذر "إياك وغضبة الحرافيش الذين ينتصرون في النهاية عندما يطرحون الخوف من النبوت ويرفعون نفير الثورة. ويمكن اعتبار الفتوة في هذه الأفلام هو الحاكم المطلق ،وعلى غرارها هناك فيلم "الجوع"،.وفيلم "الزوجة الثانية" بطولة صلاح منصور وسعاد حسني وشكري سرحان، عندما نجد العمدة هو الحاكم الذي يستولي على كل ما يعجبه من أراض وأملاك وزوجات أهل البلدة، مستغلا سطوته من حراس وخفراء وأختام..( الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا ) حتى تنتقم منه الزوجة الثانية شر انتقام. أما أفلام المواجهة المباشرة التي تعرضت إلى حركات وطنية للثورة على ظلم الحكام أو رؤساء الشرطة، كفيلم "المماليك" إخراج عاطف سالم وبطولة عمر الشريف وعماد حمدي وحسين رياض، وتدور أحداثه في عصر المماليك، لكن دون تحديد زمن أو أشخاص تاريخيين بعينهم ،فنجد واليا طاغية يتلذذ بقتل الأبرياء ،ويدبر واحد من وزرائه حركة سرية ترتب للثورة عليه، وينتهي الفيلم بانتصار الثورة. نفس الأجواء نجدها في نسختي فيلم "أمير الانتقام" – بطولة أنور وجدي – و"أمير الدهاء" بطولة فريد شوقى وإخراج هنري بركات، اذ نجد رئيس الشرطة بدران – سراج منير أو محمود مرسي – يستبد بكل معارض ويعزل الوالي عن الشعب ،ويعتقل المواطنين في معتقل المغول ،وتستمر حركة الأحرار الوطنية لمدة عشرين عاما. ويتم اعتقال حسن الهلالي، فلا تصل رسالة التحرك، إلا أن الأحرار ينتصرون في النهاية، ويقضون على رئيس الشرطة المستبد، وتتردد في حوارات الفيلم كلمات من قبيل (الظلم قد يطول ولكن لا يدوم – أنا رجل والثورة فكرة.. الرجل يموت والفكرة تبقى ). ولعل ثورة أهالي شبرا على أمين الشرطة - خالد صالح - في فيلم "هي فوضى" ليوسف شاهين تعد من ثورة ضد استبداد الأمن ولكن بشكل عصري. ومن أقدم الأفلام التي قدمت موضوع الثورة والبحث عن الحرية والعدل وأثار ضجة رقابية فيلم "لاشين" الذي أنتج عام 1938من إخراج فرينز كرامب وسيناريو وحوار أحمد رامي وبطولة حسين رياض وحسن عزت، ويدور حول لاشين قائد جيش أحد الحكام، ويدير شئون الحكم رئيس الوزراء الذي يتاجر بقوت الرعية، في حين أن الحاكم لا يقدم ولا يؤخر، وهو ضعيف الشخصية، متعدد العلاقات النسائية، ويحاول "لاشين" تنبيه الحاكم إلى ألاعيب رئيس الوزراء، فيتم إلقاء القبض على "لاشين" بتهمة غوايته لجارية تحبه ويحبها الحاكم ويودع في السجن، يثور الشعب الذي كان قد ضاق ذرعًا بأفعال رئيس الوزراء الظالم ،الذي استغل المجاعة للاستيلاء على السلطة، وقد صور الفيلم مشاهد الجوع بشكل قاس. ثم يثور الشعب وينجح في الإفراج عن لاشين، وتعم العدالة في البلاد، وفى نسخة الفيلم التي رفضتها الرقابة كان يتم قتل الملك، أما في النسخة النهائية فتم الاكتفاء بقتل رئيس الوزراء فقط. وهناك عدد كبير من الأفلام التي تعاملت بأسلوب دعائي مع ثورة 23 يوليو 1952، ومنها "رد قلبي" بطولة مريم فخر الدين وشكري سرحان ،و"الله معنا" بطولة فاتن حمامة، و"امرأة هزت عرش مصر" بطولة فاروق الفيشاوي ونادية الجندي ،و"أيام السادات" لأحمد زكي ومنى زكي. أما ثورة 25 يناير- غير المكتملة- فجاءت الأفلام عنها أيضا مبتورة، من ذلك وضع بعض المشاهد في أفلام كانت معدة سلفا لمواكبة الحدث، مثل فيلم "صرخة نملة" إخراج خالد يوسف وبطولة عمروعبد الجليل وحمدي أحمد ،ويدور حول معاناة مواطن في العشوائيات وقهر أمن الدولة له، الأمر الذي ينتهي بالثورة ،وفيلم "الفاجومي" عن حياة الشاعر المبدع أحمد فؤاد نجم ،وبطولة خالد الصاوي وجيهان فاضل وينتهي بشباب التحرير وقصيدة نجم "الورد اللي فتح في جناين مصر"، وهناك أفلام هزلية حاولت استغلال الثورة مثل "أمن دولت" و"تك تك بوم".