وزير المجالس النيابية: الرشاوي الانتخابية ممنوعة ومجرمة    وزير المالية: نستهدف إطلاق وثيقة السياسات الضريبية قبل نهاية 2025    مصر ترحب بالبيان الصادر عن 25 دولة حول الوضع بالأراضي الفلسطينية المحتلة    كريم فؤاد: سعيد بالعودة.. وأسعى لتحقيق أقصى استفادة من معسكر الإعداد    "فوزي" و"صبحي" يشاركان في احتفالية "100 عام مرشدات في حب الوطن"    الداخلية تكشف ملابسات فيديو "طفل يقود سيارة" في أكتوبر    مصطفى كامل: السوشيال ميديا تناولت صورة المشهد في حفل راغب علامة بشكل غير مستحب    راغب علامة: صورة «القبلة» خادعة.. وما حدث لحظة عفوية من معجبة عربية    رسميا.. افتتاح وحدة مناظير أورام النساء بمستشفى 15 مايو التخصصي    أشرف صبحي: انتخابات جديدة للأندية بعد تعديلات قانون الرياضة.. وال3 دورات مقترح الأولمبية الدولية    شعبة الخضروات والفاكهة: الحلقات الوسيطة سبب ارتفاع الأسعار    درجة الحرارة غدا الثلاثاء في مصر    نفس صيغة نيكو باز.. سكاي: كومو يتفق مع ريال مدريد على ضم رامون    كما كشف في الجول - الفرنسي فرانك موريس مدربا ليد الزمالك    فعالية ثقافية لذوى الهمم بمتحف طنطا    صور| اتفاقية بين الجامعة الألمانية بالقاهرة وغرفة الصناعة العربية الألمانية لدعم التعليم    الحكم على 9 متهمين فى إعادة محاكمتهم ب«فض اعتصام رابعة» 15 نوفمبر المقبل    ولي عهد الكويت يشيد بحكمة الرئيس السيسي وبالدور المصري الداعم لمختلف القضايا العربية    رئيس هيئة الدواء المصرية يوقّع مذكرة تفاهم مع وكالة تنظيم الأدوية السنغالية    الشباب العربى فى العصر الرقمى    سياسي فلسطيني: لا نعوّل إلا على مصر.. وتجويع غزة جريمة تفوق الوصف    إيناس جوهر: التلفزيون المصري بيت كل المصريين وصوتي "مش شبه ملامحي"    كرة سلة – منتخب مصر يهزم إيران في بطولة لبنان الودية    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيي الأورام والتل الكبير بالإسماعيلية    على طريقة المطاعم.. خطوات تحضير المكرونة بصلصة البولونيز    وزير الخارجية: مصر مستعدة لتطوير تعاونها مع مفوضية الإيكواس في تدريب قوة لمكافحة الإرهاب    مي سليم تنشر صورة مع تامر حسني وتوجه له رسالة.. ماذا قالت؟    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أرباح السوشيال ميديا حلال أم حرام؟.. الدكتور أسامة قابيل يجيب    رمضان عبدالمعز: اللسان مفتاح النجاة أو الهلاك يوم القيامة    رئيس جامعة بنها يشهد حفل ختام ملتقى إبداع لكليات التربية النوعية    قرار عاجل من محكمة الاستئناف في قضية طفل البحيرة    عاد مبكرًا فوجد زوجته وشقيقه في غرفة نومه.. قصة خيانة هزت العمرانية    افتتاح كنيسة جديدة ورسامة شمامسة في بوخوم بألمانيا    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    برلماني: مصر قطعت الطريق على "حسم" الإخوانية.. والأجهزة الأمنية تسطر نجاحًا جديدًا    تغطية مصرف عزبة أبو الجدايل بكفر الشيخ تمهيدًا لرصف الطريق    10 انفصالات هزت الوسط الفني في 2025 (تقرير)    أمجد الشوا: العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة    تفاصيل اختطاف قوة إسرائيلية لمدير المستشفيات الميدانية في غزة    "الدراسات العليا" بجامعة قناة السويس يفتح باب القبول والتسجيل لبرامجه "دبلوم - ماجستير - دكتوراه"    المعارضة ليس لها مكان…انتخابات مجلس شيوخ السيسي "متفصلة بالمقاس" لعصابة العسكر    رئيس الوزراء يستعرض موقف توافر الأسمدة الزراعية ومنظومة حوكمة تداولها    فريق طبي بمستشفى كفر الشيخ الجامعي ينجح في إنقاذ مريضة تعاني من ورم    المؤبد لطالب وشقيقه بتهمة قتل سيدة بمركز البلينا فى سوهاج    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    الشركة الوطنية للطباعة تعلن بدء إجراءات الطرح فى البورصة المصرية    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    شواطئ مرسى علم تحتفل مع السائح البلجيكي بيوم بلاده الوطني    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    زعيم المعارضة الإسرائيلية: يجب الاحتكام إلى الانتخابات لإنقاذنا من حكومة نتنياهو    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    الجيش الإسرائيلي يحرق منازل بمخيم نور شمس ويواصل عمليات الهدم في مخيم طولكرم    محمد الشناوي يعلق على رحيل عدد من لاعبي الأهلي.. ويوجه رسالة إلى الجماهير    آدم كايد: حققتُ حلمي بالانضمام إلى الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر الحلقة الرابعة من "زمكان" للكاتب الكبير ثروت الخرباوي
نشر في فيتو يوم 17 - 06 - 2013

تناولنا فى الحلقة الثالثة من رواية "زمكان"، وصف المكان الذى تدور فيه أحداث الرواية في "أنشاص"
وفي أنشاص الرائعة نشأت وتنسمتُ حدائقها واستغرقتني طبيعتها، حيث الخمائل والحدائق وعطر الربيع وسحر المكان وروعة الزمان ، كانت الفيلا التي نسكن فيها مميزة على كل الوجوه ، ورغم أنها مطابقة لباقي الفيلات إلا أنها كانت متميزة بموقعها حيث كانت الغرف الخلفية لها تطل على الحدائق الملكية التي لا يستطيع البصر الوصول إلى منتهاها ، كما أن حديقتها كانت أكبر من الحدائق الأخرى وتحتوي على عدد من الأشجار أكثر من باقي الفيلات.
قبل أن أدخل المدرسة أرسلني أبي وأنا في الخامسة إلى كتاب الشيخ محمد عثمان لأحفظ ما تيسر من القرآن ولأتعلم القراءة والكتابة والحساب ، كان الشيخ محمد هو إمام وخطيب المسجد الملكي ، وكان بارعا في الخطابة مولعا بالقراءة ، خبيرا في تعليم الصغار ، وكان ينتحي بنا جانبا من المسجد قبل صلاة الظهر بساعتين فيأخذ في تحفيظنا قصار السور ، والحروف الهجائية ، فنخرج من الكتاب ونحن نُغني " ألفٌ باءٌ أبت ثجحٌ " وعندما وجد شغفي بالحروف قال لي : أنت تذكرني بشاعر كبير خرج من كتابي هذا ، سألته بنهم المتشوق للمعرفة : وما هو الشاعر ؟
هو الذي يكتب الشعر .
وما هو الشعر ؟
ألا تغني حينما تخرج من الكتاب مع رفاقك " أبت ثجحٌ"
يعني الشعر أغنية !
هو كذلك
ومن هو الشاعر ؟
الشهيد هاشم الرفاعي .
اسمه "الشهيد"؟
لا اسمه هاشم ، الشهيد يعني أنه مات في سبيل الله .
وما معنى " مات " ؟
ألم تسمع عن الموت من قبل !! .
كانت هذه أول مرة يحدثني فيها أحد عن الموت مباشرة ، كان ذكر الموت يأتي عرضا في أحاديث البعض ولكنني لم أكن أتوقف عنده ، لا بد أنه شيئ مثل المرض ، ولكن ذكره كان يخيفني ويجزع قلبي، يومها شرح لي الشيخ محمد طبيعة الحياة، ومن هو أبونا آدم ، ولماذا خلقنا الله ، والموت الذي هو نهاية كل حي ، ويوم القيامة، والجنة والنار ويبدو أنه تعجب حينما سألته : هل يعرف كل واحد من الناس متى يموت ؟ .
وقتها ابتسم دهشة وقال : علم ذلك عند الله ، فقد أخفى عنا هذا السر .
ولماذا يخفي عنا ؟
هو يخفي عنا أيضا موعد يوم القيامة ؟
لماذا ؟
حتى نعبده حق العبادة ، فلو عرفنا موعد موتنا لعبدناه فقط قبل الموت .
الموت ، الموت ، ظلت هذه الكلمة تتردد في أذني، وعندما كان الموت يرد على بالي كنت أرى بخيالي جسدا شفيفا أبيض لا ملامح له، ما هذا الخيال ؟ ولماذا البياض هو الذي يظهر أمامي عند ذكر الموت ؟! وعلى مدى عدة أيام كنت أرى أمي في الحلم وهي تبكي وتلبس السواد ، وكنت أرى ضيوفا يدخلون إلى بيتنا والحزن يرتسم على وجوههم ، ونساءً يبكين ، وامرأة تولول ، كنت أصحو فزعا ، وأحيانا كنت أصحو باكيا ، هرعت لي أمي تطمئن على حالي ، ما الذي أفزعني في المنام ، فرويت لها ما رأيته، فبسملت واستعاذت بالله من الشيطان الرجيم وطلبت مني أن أتفل ناحية اليسار ثلاث مرات ففعلتُ مثلما قالت ، ثم أراحتني على الفراش ووضعت يدها على جبهتي وقرأت لي بضع آيات من القرآن حتى رحت في نوم عميق.
تكرر الحلم أكثر من مرة ، وعرفتُ أن هذا النوع من الأحلام اسمه كوابيس، ولكن هل هذا كان كابوسا فعلا ؟ عندما أخذت أقص على أمي تفصيلات الحلم بدقة متناهية ، كنت أرويه لها بصورتين ، حيث كنت أعيش في أحداثه بشخصيتين ، الشخصية الأولى هي أنا ذلك الطفل الصغير ، أقف ساهما شاردا أنظر بذهول إلى أمي وهي تبكي بحرقة وترتدي السواد ، وإلى أطياف الضيوف الداخلين إلى البيت مقطبين مكفهرين ، وإلى المرأة التي تولول ، والشخصية الثانية هي أنا الذي يجلس وكأنه ينظر لشاشة كبيرة يرى فيها المشهد الفائت ، قالت أمي وهي تحتضنني : يا ضنايا ، عقلك يتذكر يوم ماتت جدتك ، كنت قد بدأت تدخل عامك الثالث حينما ماتت ، كان كل ما تراه هو ذكريات عقلك عن هذا اليوم ، لم تنسه ولكنك دفنته في قلبك ، لذلك تراه في الأحلام .
جدتي ! جدتي لأمي ! نعم أتذكر طيفها كملاك يرتدي البياض ، كنت أنده عليها مثل كل الأحفاد في العائلة : نينا الحاجة ، أو نينا سيادة ، وكان جدي العمدة يناديها دائما " بالحاجة سيادة " كانت جدتي صاحبة عيون زرقاء ووجه أبيض مفرط في الطيبة والهدوء والاستكانة والرضا ، كانت حكاءة ماهرة بالفطرة ، أتذكرها وهي تحكي لي وأنا في حضنها وهي جالسة متربعة على سريرها ، حدوتة الشاطر حسن وست الحسن والجمال ، وحدوتة قطر الندى ، وحدوتة الشاطر حسن والشاطر محمد والشاطر عليّ الدين ، ومغامرات علي الزيبق المضحكة ، وحينما كنت أضحك بسبب مقلب من مقالب علي الزيبق كانت جدتي تزيد من جرعة ضحكاتي فتزغزغني من باطن قدمي الصغير فتتقطع أنفاسي من كثرة الضحك ، فتقول لي بطيبة مفرطة : هاموتك من الضحك يا ابن بنتي ، فأقوم هاربا من أمامها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.