كتبت من قبل أن فترة الرئيس الأولى كانت كلها للإنجاز والبناء لكل عناصر قوة مصر الشاملة على المستوي العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولا يخفي على أحد ما تم خلال تلك السنوات الفائتة سواء ما تم في ملف تطوير وتحديث الجيش ورفع جاهزيته إلى المستوى اللائق به كواحد من الجيوش المصنفة عالميا.. وما تم في الملف الاقتصادي من تطوير وتنمية البنية التحتية في الطرق والكهرباء والغاز والنفط وبناء المصانع والمدن الذكية، وما تم في ملف سياستنا الخارجية وإعادة بناء علاقاتنا الدولية مع الغرب والشرق والشمال والجنوب، واسترداد النفوذ الذي فقدته مصر من قبل 2011 وما بعدها في أفريقيا ومناطق أخرى في العالم، وما تم في الملف الاجتماعي من اهتمام بالمرأة والشباب وذوي القدرات الخاصة وسكان العشوائيات والأماكن الخطرة، ومن دخلوا تحت مظلة الرعاية الاجتماعية في طول البلاد وعرضها. لا أظن أن هناك من ينكر ذلك وتكون له أعين يرى بها، وبصيرة يبصر بها، وعقل يعقل به خصوصا وأن كل ذلك يجري على أرض مصر وهي تبحر –وما زالت- في محيط هائج تتقاذفها الأمواج العاتية، ومع ذلك تمر فيه وهي صلبة وقوية وقادرة على التحدي بفضل قيادة مؤمنة بما تفعل، وبفضل شعب يدرك في لحظات الخطر حتمية الوقوف خلف دولته الوطنية وهو يسترجع حضارته وتاريخه وبطولاته التي حققها رغم كل المعاناة والصعوبات الحياتية التي يواجهها، ويؤمن كل الإيمان بأن الوطن إذا ضاع فلا فائدة من أي مكاسب، ولا معني لنضال بعد ذلك. وقلت أيضا إن شرعية الإنجاز التي يتميز بها عبد الفتاح السيسي في فترته الثانية سوف تعززها وتعضدها شرعية الانحياز لهؤلاء الذين شكلوا –وما زالوا– حائط الصد أمام كل المؤامرات، وتحملوا تداعيات برنامج إصلاح اقتصادي صعب وقاس على أي شعب آخر، طبقته الأكبر والأوسع من محدودي الدخل والبسطاء في هذا الوطن، لذلك لا تمر مناسبة يكون فيها الرئيس حاضرا إلا وأسند الفضل لصاحبه.. وقال بلا خجل أو ادعاء -كما يفعل الآخرون– إنه لولا الشعب وصموده وتفهمه لطبيعة المرحلة التي تمر فيها مصر ما أنجزنا ما تم إنجازه، ولهذا يسعى بكل قوة وإرادة صلبة متحديا الوقت وكل العراقيل التي تواجه مسيرة الوطن لتقديم بعض ثمار الشجرة التي رواها الشعب المصري بعرقه ودمه وصبره الطويل على الحرمان من كثير من ضرورات الحياة ! قد يرى البعض أن ما أكتبه هو انحياز للرئيس، بينما أنا أراه انحياز للوطن وإقرار بانحياز الرئيس للذين وقفوا خلف الوطن وتمترسوا وراء منع الدولة الوطنية من السقوط، وهم بالمناسبة الطبقة الكادحة التي تدفع فاتورة البناء والإصلاح دائما. الانحياز لم يبدأ الآن مع القرارات الأخيرة، لكنه بدأ مع سنوات الإنجاز بأولويات الحلول العاجلة التي لا تقبل التأجيل حتى جني الثمار، ورأينا مبادرات متعددة خاطبت شرائح واسعة من طبقات الشعب، وكلها مبادرات ذات تكلفة عالية من علاج فيروس سي إلى إزاحة كابوس الموت تحت أنقاض مساكن العشوائيات.. إلى إلغاء فترات انتظار طويلة لإجراء جراحات القلب وغيرها من الجراحات الدقيقة، وغيرها وغيرها من المبادرات التي يعرفها الجميع، ومع ذلك كان يطرح السؤال.. من أين يتم الإنفاق على تلك المبادرات، ومتى يشعر المواطن بثمرة هذا الصبر الذي كان وما زال؟ جاءت الإجابة في تصريح لم يلتفت انتباهنا ولم نقف أمامه عندما أعلن وزير المالية وهو يتحدث عن مؤشرات الإصلاح الاقتصادي قائلا: (أن أهم تلك المؤشرات ارتفاع قيمة الفائض الأولى بالموازنة العامة إلى 21 مليار جنيه في النصف الأول من العام المالي الحالي 2018/ 2019 وهو ما يمثل نحو 0.4% من الناتج المحلى مقابل عجز أولى بقيمة 14 مليار جنيه بما يمثل نحو 0.3% من الناتج خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي) الفائض عن النصف الأول فقط من يوليو 2018 إلى ديسمبر 2018 بما يعني أن برنامج الإصلاح يسير في طريق واضح وآمن وبدأ يؤتي ثماره، التي يجب إن تذهب إلى أصحاب الفضل في تحقيقها فكانت تلك القرارات التي أصدرها الرئيس أخيرا يوم تكريم المرأة المصرية والأم المثالية، ولعل إصدار تلك القرارات في هذا اليوم له دلالات عظيمة وتعظيم لقيمة المرأة المصرية في كل أطوار حياتها نظرا لدورها الرائع والهائل في أدق مرحلة تمر فيها مصر. خطوات الانحياز الاجتماعي بدأت بخطي واسعة، ولعل التوجيه بالإسراع في إصدار قانون الأحوال الشخصية، وكذلك التركيز على تفعيل برنامج مودة، بما يضمن أن نقدم للمجتمع أسرة مؤهلة تستطيع بناء مجتمع قادر على مواجهة التحديات، ودراسة إجراءات أو تشريع ينهي ظاهرة الغارمات والغارمين الذين يدخلون السجون، وكذلك إجراء مسح طبي شامل للكشف المبكرعن سرطان الثدي وعلاج السيدات بالإضافة إلى مبادرة 100 مليون صحة هي أنحيازات لا تقل أهمية عن مجمل قرارات العلاوات ورفع الحد الأدنى للرواتب والمعاشات والترقيات وباقي القرارات التي تخص الموظفين في الدولة. بدأت سنوات الانحياز.. والقادم أفضل بإذن الله طالما بقي الشعب على عهده في الصمود والتحدي، وبقي واعيا وفاهما وعاقلا وهو يواجه آلة الشر التي لا تتوقف عن التضليل وإطلاق الشائعات ورسم دوائر الإحباط لإسقاطه فيها.. (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) صدق الله العظيم.. الآية 30 الأنفال.