أنا لا أكتب في الرياضة، فما أكثر كُتابيها وقنواتها ونقادها، كما أن لدينا من المشكلات والهموم في كل المجالات ما يستحق الاهتمام وهي أولى بالكتابة وتسليط الضوء عليها من الرياضة وكرة القدم، لكن الذي شجعني في الكتابة عنها اليوم أمران: الأول كلام السيد رئيس الجمهورية خلال المؤتمر الوطني للشباب الأسبوع الماضي حول أهمية البحث عن المواهب الرياضية، وقال نصا: "هل لا يوجد في مصر 100 موهبة في كرة القدم يتم إعدادها وتجهيزها تخوض بهم البطولات الرياضية، وتنافس على المستوى العالمي حتى لا يتكرر لنا ما حدث في كأس العالم"، قطعا يا سيادة الرئيس يوجد في مصر آلاف الموهوبين لكن المشكلة أن الواسطة والمحسوبية هي التي تتحكم في اختيار المواهب وهناك من يقتلها بلا رحمة. الأمر الثاني هو الجدل الدائر حول المدير الفني الجديد للمنتخب الوطني المكسيكي الجنسية الذي تعاقد معه اتحاد كرة القدم لمدة 4 أعوام براتب شهري 120 ألف دولار، فهناك من يرى أنه مدرب كفء وقاد منتخب بلاده في كأس العالم، وكذلك منتخب الإمارات، وهناك من يرى أن نتائجه مع المنتخبين كانت سيئة جدا ولا يصلح لتدريب منتخبنا، وكان الأولى التعاقد مع مدرب وطني، لأنه سيكون أقل تكلفة وأكثر حرصا على مصلحة بلده، وتحقيق إنجازات لنفسه، مثلما فعل الكابتن محمود الجوهري والكابتن حسن شحاته المدربين الوطنيين، اللذين حقق معهما منتخبنا أعظم إنجازاته الكروية. رأي المتواضع كمواطن مصري ولست خبيرا في كرة القدم أن المشكلة ليست في المدرب ولا جنسيته ولا راتبه، المشكلة في القماشة التي يلعب بها المدرب، في اللاعبين أنفسهم، ويجب أن نعترف أنها حاليا سيئة جدًا، ولن يجدي معها أفضل مدربي العالم، لأنه للأسف الشديد حتى الواسطة والمحسوبية دمرت كرة القدم والتوريث أصاب عالم المواهب في مقتل، رغم المفروض أن تكون المجالات التي تحتاج إلى موهبة يجب ألا يكون فيها واسطة أو توريث بل الاجتهاد هو الأساس. "مانويل جوزيه" كان مدربا للنادي الأهلي وحصد معه كل البطولات المحلية والقارية، فقد كان معه أفضل اللاعبين، المدرب نفسه حقق فشلا ذريعا في كل الأندية والمنتخبات التي تولاها بعد الأهلي بسبب سوء حالة اللاعبين، فالمشكلة في اللاعبين وليست في المدرب.. قصصًا كثيرة سمعتها من أولياء الأمور حدثت مع أبنائهم خاصة أولئك الذين يأتون من القرى إلى الأندية في العاصمة، مثلما حدث مع محمد صلاح نفسه في نادي الزمالك قبل أن يلتحق بالمقاولون العرب، ومنذ أيام قليلة قرأت عن الطفل الموهبة الذي فشل في اختبارات نادي "طنطا" ونجح في "باريس سان جيرمان". الرئيس تحدث بمرارة في مؤتمر الشباب لأنه رأى الحزن الكبير لدى كل المصريين بسبب الأداء السيئ في كأس العالم، والخوف من استمرار هذا الفشل مستقبلا، وهو متوقع، إلا إذا صححنا المسار ووضعنا مصلحة بلدنا فوق مصالح التوريث والوساطة والمحسوبية، فنحن شعب تعداده أكثر من 100 مليون و60%منه شباب ومُولع بكرة القدم فهل معقول ليس لدينا الآلاف من المواهب؟ أو نطلب من مؤسسة الرئاسة نفسها البحث عن المواهب؟ لم أستطع مشاهدة أكثر من عشر دقائق في مباراة الزمالك وبتروجت وكذلك بين الأهلي والإسماعيلي، حيث شعرت بالغثيان والأسى على مستوى اللاعبين، والبعض يعلل أنها البداية، وهذا غير صحيح، فهؤلاء ليس لديهم أكثر من ذلك رغم الملايين التي يتقاضونها. المشكلة ليست في المدرب لكن في الفساد الذي يقضي على المواهب الشابة ويقتلها في مهدها. اسمعوا كلام الرئيس وانزلوا إلى القرى والنجوع سوف تجدون محمد صلاح بالمئات، أو على الأقل امنعوا الواسطة والمحسوبية والتوريث وسوف يكون لدينا فريق يفوز بكأس العالم. [email protected]