تمكنت البعثة الأثرية المصرية الأمريكية من جامعة «ييل» من العثور على موقع أثري كان يستخدم بوصفه محجرًا وموقعًا لصناعة مادة الفلنت والأدوات الحجرية خلال عصور تاريخية مختلفة. وجاء ذلك أثناء أعمال المسح الأثري لمنطقة "بير ام تينيدبا" ضمن مشروع المسح الأثري لصحراء الكاب بمدينة إدفو، الواقعة في مفترق طريق وأدى هلال المؤدي إلى الطريق الشرقي والشمالي الجنوبي والمتفرع من وادي شهاب. وأوضح الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية، أن البعثة عثرت في الموقع على عدد من اللوحات الصخرية صور عليها نقوش ورسومات بارزة يمتد تاريخها إلى بداية عصر ما قبل الأسرات (نقادة الأولى – نحو 4000 – 3500 قبل الميلاد)، ودفنات تعود لأواخر الدولة القديمة وأخرى تعود للعصر الروماني المتأخر، بالإضافة إلى منطقة سكنية تعود للعصر الروماني المتأخر. وأشار د. عشماوي إلى الأهمية التاريخية والأثرية لهذه المنطقة والمعروفة بالواحة المفقودة أو البئر القديم في الصحراء الشرقية وحاليًا ببير ام تينيدبا، فهي تمثل موقعًا أثريًّا وكتابيًّا مهمًّا في منطقة الصحراء الشرقية التي كان يُعتقد قديمًا أنها خالية من أي دفنات قديمة أو شواهد تاريخية وأثرية. ومن جانبه قال جون كولماندارنييلن، مدير بعثة جامعة ييل الأمريكية إنه تم العثور على ما لا يقل عن ثلاث لوحات صخرية تحمل نقوشًا تعود لفترة نقادة الثانية ونقادة الثالثة والأسرة (نحو 3500- 3100 قبل الميلاد)، مما يؤكد وجود واستمرار الأنماط الفنية في الصحراء الشرقية لوادي النيل، وأشار أن هذه النقوش تتضمن صورًا لمجموعة من الحيوانات منها الثور والزرافة والغنم، والحمير بعضها يظهر باعتباره رمزًا أو مثالاً للحياة الدينية في فترة أواخر عصر ما قبل الأسرات. وأكد أن هذه النقوش تمثل أوائل أشكال الكتابة في مصر القديمة قبل الكتابة الهيروغليفية، وصور عليها أقدم وأكبر علامات من المراحل التكوينية المبكرة والبدائية للنص الهيروغليفي، ويقدم دليلاً لكيفية اختراع المصريين القدماء نظام الكتابة المتفرد، ويمتد تاريخها إلى بداية عصر ما قبل الأسرات (نقادة الأولى – نحو 4000 – 3500 قبل الميلاد) وحتى أواخر الدولة القديمة (نحو 2350 قبل الميلاد). وأضاف د. كولمدارنييلن أنه تم العثور أيضًا على موقع آخر يضم عددًا من الدفنات التي يبدو أنها تنتمي إلى سكان هذه الصحراء الذين تربط بين وادي النيل والبحر الأحمر، وبدراسة إحدى هذه الدفنات تبين أنها تخص امرأة يتراوح عمرها بين 25-35 سنة في وقت وفاتها، ربما كانت واحدة من النخبة، ودُفن معها على الأقل وعاء، وحبل صُنع من قواقع البحر الأحمر والخرز العقيق. ومن المتوقع أن يتم كشف عن المزيد من الدفنات التي تخص سكان الصحراء. و في الجهة الجنوبية من موقع النقوش الصخرية والدفنات، تم العثور على مستوطنة تعود لأواخر العصر الروماني وعشرات من المباني الحجرية التي تحتوي على أعمال خزفية التي ترجح أن الموقع يرجع إلى الفترة بين 400 - 600 م.