الشعب السكندرى اختار ميدان القائد إبراهيم - وسط الإسكندرية - ليكون ميدانا للحرية، وهو يشبه ميدان التحرير بالقاهرة، لكنه يتميز عنه بأنه قريب من البحر المتوسط، ليعبر عن طبيعة الإسكندرانية العاشقين دائمًا للبحر والحرية بلا حدود، كما يقع فى محيط الميدان مسجد القائد إبراهيم منبر الثورة والثوار والذى تميزه مئذنته المرتفعة، فضلًا عن أن الميدان ملتقى الشرق والغرب فى «عروس البحر المتوسط» مما يسهل الوصول إليه. يضم الميدان عددًا كبيرًا من المؤسسات الحكومية والشعبية فى المحافظة، أبرزها مركز الإسكندرية للمراة والطفل، الذى كان يحمل اسم سوزان مبارك قبل الثورة، ويعتبر ثوار الإسكندرية أنه لا يخدم أى فئة، لذلك كان التجمع دائمًا أمامه وفوق أسواره حتى تم انتزاع اسم سوزان مبارك وتم تغيير اسمه، ولا ننسى أن هذا السور كان ولا يزال حائط الشعارات التى تدعم الثورة وتقف ضد النظام السابق، وكان من بين الشعارات التى تكتب على السور «الداخلية بلطجية»، و«يسقط قتلة خالد سعيد» و«ارحل يعنى امشى.. ياللى مابتفهمشى»، ثم تطورت الشعارات لتكون «يسقط حسنى مبارك» وبعدها «يسقط فلول النظام»، ثم عادت الشعارات من جديد تحت عنوان «الثورة راجعة من تانى»، «والثورة مستمرة»، و«راجعين» وشعار «كلنا ايد واحدة»، وبعد سقوط الشهيد بهاء السنوسى تمت كتابة شعارات ثورية دونها حزب التيار المصرى، ثم غنى الفنان محمد منير بالإسكندرية، وقد تم رسم صورة له على سور مركز الإسكندرية للطفل والمرأة، وتحمل مقطعًا من أغنيته وهى «عمالة تزيدى فى حيرتى». أما عن الجهة الغربية لميدان القائد إبراهيم فيوجد جهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة والنادى الخاص بهم، والمستشفى الأميرى الجامعى الذى استقبل العديد من الحالات وقت الثورة من مصابين وشهداء، وكان يخلو انذاك من الأطباء، وللمفارقة فإن على مقربة من مسجد القائد ابراهيم يوجد مركز «محمد رشيد لعلاج الأورام»، الذى تبرع به والد الوزير الهارب رشيد محمد رشيد. وبالقرب من الميدان تقع حديقة الخالدين التى تحتوى بعض التماثيل النصفية لنماذج وشخصيات مصرية مثل العقاد ومصطفى كامل ومحمد كريم وعبدالله النديم وحسن الإسكندرانى. وكانت الحديقة - فى أيام الثورة- بمثابة منصة الثورة وكان يعتليها كل من يريد التحدث إلى جماهير الثورة بالإسكندرية، وهى أيضا خط الدفاع الأول للثوار فى القائد إبراهيم، ومن خلالها كانت تأتى الإشارات للثوار من طريق الكورنيش. ويوجد بميدان القائد ابراهيم مسرح محمد عبد الوهاب الذى كان القائمون عليه يرفضون فتح ابوابه للثوار لعقد الاجتماعات والمشاورات فيما بينهم، وخلف مسرح عبد الوهاب وفى عمارة ذات طراز معمارى مميز توجد شقة للمناضل السكندرى ابراهيم طلعت، الذى كانت شقته مقرا لاجتماع المشاهير من أعلام الثقافة والأدب، فكان يأتى إليها إحسان عبد القدوس وأمل دنقل وأنيس منصور وغيرهم، والشقة فتحها نجل ابراهيم طلعت المناضل الوفدى وهو مصطفى ابراهيم طلعت المحامى ورئيس لجنة الحريات بحزب الوفد وفتح الشقة لثوار الإسكندرية فى أعقاب مطاردة الأمن لهم فى أول أيام الثورة، وكان يحضر لهم الطعام. وخلف القائد إبراهيم توجد قاعة مناسبات يقام بها عزاءات الشخصيات المهمة والبارزة فى الإسكندرية، وهى القاعة التى لا تستقبل عزاءات الطبقة الوسطى والفقيرة فلا يستطيعوا حجزها نظرا لإيجارها الكبير جدًا. وفى نهاية شارع عبد الحميد بدوى -القريب من ميدان القائد ابراهيم- توجد جمعية الشبان المسيحية (الواى) التى غابت عن الثورة تماما، أما طعام الثوار وشرابهم فاهم ما يميز ميدان القائد ابراهيم هو قربه من سلسلة مطاعم شعبية شهيرة تقدم الفول والفلافل، ولا يخلو الميدان بالطبع من باعة الكعك والشاى الساخن، وللميدان 8 مداخل ومخارج، أما خطيب الثورة فى الإسكندرية فكان الشيخ احمد المحلاوى الذى كان يلهب حماسة ثوار الإسكندرية فور اعتلائه المنبر. الميدان قبلة الباحثين عن الحرية، وإذا أراد أى فصيل سياسى معرفة درجة حرارة الإسكندرية سياسيًا فعليه الذهاب أولا الى ميدان القائد إبراهيم.