دشَّن المصريون داخل مصر وخارجها عشرات المبادرات والحملات، لحث المصريين فى الخارج لتحويل أجزاء من مدخراتهم بالدولار للبنوك المصرية، مساهمة منهم فى إنقاذ الاقتصاد المصرى، فى وقت استنكر فيه خبراء الاقتصاد أسباب الأزمة، مؤكدين أن الأزمة إدارية وليست فى نقص السيولة. وبدأت هذه المبادرات عبر تغريدة للداعية السعودى الشيخ خالد البكر، قال فيها "أخى المغترب المصرى.. كانوا يقولون لنا قديمًا ادفع ريالًا تنقذ فلسطينيًا.. وأنا أقول لك اليوم حوّل دولارًا تنقذ مصر كلها". وتبعتها حملة جديدة تحت مسمى "حوِّل لمصر"، ناشد فيها نشطاء مصريون عبر "الفيسبوك" المصريين بالخارج تحويل مبلغ لا يقل عن 500 دولار، فى محاولة منهم لإنقاذ الجنيه المصرى بعد سلسلة الهبوط التى شهدها فى نهاية عام 2012. ودعا المكتب الإعلامى المصرى بولاية كاليفورنيا المصريين بالخارج إلى مبادرة لدعم الاقتصاد المصرى عبر تحويل ألف دولار إلى أرصدتهم فى مصر لتوفير عملة صعبة وإنعاش الجنيه. من جانبه دشَّن الكاتب مهنا الجبيل محلل سياسى سعودى، حملة بعنون "عشانك يا مصر"، لحث المصريين بالخارج وكذلك العرب على تحويل مبالغ دولارية لحساباتهم بالبنوك المصرية. ولم يتوقف الأمر عند مناشدة المصريين فى الخارج، بل طالب البعض من رجال الأعمال والمصريين فى الداخل تحويل مدخراتهم الدولارية إلى العملة المحلية، وترشيد استهلاك السلع الترفيهية والاستهلاكية لتوفير العملة الأجنبية فى البنوك. بدوره استنكر الخبير الاقتصادى الدكتور أنور النقيب مستشار وزير التموين للشئون الاقتصادية، أسباب الأزمة، مؤكدًا أن الوضع الاقتصادى كما هو منذ شهور، فما الداعى إلى هذه الأزمة. وقال النقيب إن هذه المبادرات عديمة الجدوى، فأسباب الأزمة تنحصر فى طلب زائد، غير مبرر، على الدولار، أو نقص المعروض من الدولارات. وأضاف مستشار وزير التموين للشئون الاقتصادية، " كرجل اقتصاد لا أجد سببًا لهذه الأزمة"، موضحًا أنها أزمة سياسية وليست اقتصادية، فقيمة الجنيه المصرى خارج الحدود كما هى، لم يحدث أى متغيّر جديد يرفع الطلب على الدولار. وأوضح النقيب أن إيرادات قناة السويس تكفى لتغطية واردات الحكومية من السلع الاستهلاكية والتى تستهلك العملة الأجنبية، مؤكدًا أن هناك عدم أمانة فى إدارة السياسة المالية والنقدية. بدوره، انتقد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى، هذه المبادرات، خصوصًا العربية، مؤكدًا أن المصريين فى الخارج بطبيعتهم لديهم الانتماء القوى إلى مصر، ويحولون مدخراتهم إلى البنوك المصرية بشكل روتينى. وقال عبده "المواطن المصرى فى الداخل والخارج غير مسئول عن حل الأزمة"، موضحًا أن العبء الأكبر من المسئولية يقع على الدولة والمجموعة الاقتصادية، وعندما تشاركنا الدولة فى السياسات والقرارات يمكن للمواطن المساهمة بما يستطيع عمله، فدوره تكميلى. واستنكر عبده أزمة سيولة الدولارات فى مصر، مؤكدًا أن المصداقية والثقة أهم سبب لهذه الأزمة، فعلى سبيل المثال شهدت الفترة السابقة عدة قرارات دون فهم مغزاها، مثل استقالة فاروق العقدة رئيس البنك المركزى ونفى الاستقالة، مما سبَّب بلبلة وجاء بنتائج عكسية، كذلك قرار منع دخول أو خروج أكثر من 10 آلاف دولار، ورفض البنوك إعطاء المستوردين خطابات فتح اعتماد جعلهم يلجئون إلى السوق السوداء، التى رفعت من سقف الأزمة، ومحاولة البنك المركزى شراء فوائض البنوك من الدولارات، موضحًا أن هذه تخبطات سياسية أثَّرت على الاقتصاد. وبدوره أوضح الناشط والمفكر القبطى كمال زاخر، أن الأزمة هى أزمة إدارة وليست نقص سيولة، موضحًا أنه لو أزمة نقص سيولة يمكن تدبير الدولارات بطرق كثيرة، لكنها أزمة إدارة مرتبطة برؤية المجموعة الاقتصادية وسياساتها. وقال زاخر، إنه من التبسيط المخل أن تقتصر الأزمة على توفير العملة الأجنبية، ما دامت هذه الرؤية مستمرة، لكن الأهم أنظر إلى أسباب الأزمة وإيجاد حلول جذرية لها.