وكأن الدنيا توقفت على حدثين (تافهين) وقعا بالأمس في مصر، وهما رقصة الدكتورة منى برنس، وهزيمة نادي الزمالك في كرة القدم من نادي الشرقية.. تشعر وكأن المصريين يعيشون في جنة من الرفاهية ولا ينقصهم شىء سوى التعلق بما وقع من إنسانة لها كود أخلاقى خاص بها لا يرضى كثيرا من المصريين الذين ولد في أنفسهم وبزغ فجر الضمير كما أشار العلامة جميس برستيد منذ عقود مضت، وضمير أغلبية المصريين يرون في هذا السلوك مخالفة لقيم عرفوها منذ الأزل، وعمقتها الأديان السماوية التي اعتنقوها، بالقطع تحقق للدكتورة كثير مما كانت تتمناه، وهو معرفة الناس بها وبقدرتها على الرقص لدرجة أنها كانت تستفسر كثيرا من محاورها الأستاذ وائل الإبراشى عن مقدار إعجابه برقصها! طيب يا فاضلة يا محترمة يا أديبة ومعلمة ومربية ومثقفة.. حضرتك بترقصى حلو جدا والله، كما أنك كنت تستطعين ترك العمل الأكاديمى واحتراف الرقص الشرقى الذي لا ترين فيه أي عيب أو مثلب.. هذا حقك ولا ضير.. لكن حق المجتمع أيضا أن يهتم بأشياء أكثر فائدة من رقص حضرتك أو مايوه سعادتك الذي نشرت أنت بنفسك صوره على صفحتك الشخصية، أي إنك انتهكت خصوصيتك بنفسك ثم تلومين الآخرين الذين تطفلوا بالحديث عن ذلك.. لا مشكلة إطلاقا من ممارسة حريتك ولكنها لا تشغلنا ولا تشغل بالنا خاصة إن كان هناك نساء أخريات فاضلات أتعبهن الغلاء والفقر ونقص الأدوية واستعار كل شىء في حياتهن حتى اقترب الجوع من كثيرات منهن يعولن أسر بأكملها.. هؤلاء لا يرقصن، ليس فقط من قلة الفرح في حياتهن لكنهن يرون الرقص أمام العامة نقص وقلة حياء.. عيب يعنى.. هذا هو معيارهن الأخلاقى للاحتشام والعفة والعفاف.. وطبعا لكل منا حريته فيما يعتقد ويؤمن. لكن ذلك الحدث رغم تفاهته كشف عن أشياء كثيرة في المجتمع، منها مثلا تهافت طائفة تسمى نفسها بالنخبة، رأت أن من حق الدكتورة أن ترقص وتفعل ما يحلو لها من باب الحفاظ على الحريات والحق في الحياة، لم نجد هؤلاء يتحدثون مثلا عن حق المعتقلين في الحياة أيضا وحريتهم المسلوبة، ولم نجد منهم أحدا يوما ضُبط متلبسا بمخاطبة الرئيس بالعفو عن عدد أكبر من المفرج عليهم من المسجونين الشباب، ممن لم يتورطوا في أعمال إرهابية.. بل إن أحدا منهم لم ينشغل يوما بالسيدات الغلابة الفاضلات المقهورات الغارمات المسجونات بسبب شيكات كتبنها على أنفسهن لستر بناتهن وتزويجهن بالحلال ! ثم اكتملت الخيبة بالأمس فقط وعقب فوز فريق الشرقية لكرة القدم على فريق مليونيرات نادي الزمالك، فخرج علينا نجوم فضائيات الخيبة والتفاهة ليتحدثوا عن حاجة فريق الزمالك لطبيب نفسى لأنهم يا حبة عينى (مكسورين) ونفسيتهم في الحضيض! حقا فهم يقبضون بالجنيه المصري والجنيه انهار أمام الدولار وغرق في بحور الغلاء.. ماذا يفعل هؤلاء المساكين الذين يبلغ دخل أحدهم مليونين أو ثلاثة أو أربعة أو حتى خمسة في السنة!.. كيف يعيش هؤلاء البؤساء في ظل تلك الظروف الصعبة.. إذن من الواجب أن نقبضهم بالدولار حتى ترتفع نفسيتهم مثل باقى الشعب الذي يغنى مع تناول كل طبق فول محترم تضاعف سعره مرات عديدة في شهور قليلة، لدرجة أن البعض منهم يرقص أحسن من الدكتورة وكل دكتورة، عندما يمر أمام الجزار ويتذكر الأيام الخوالى عندما كان يستطيع شراء نصف كيلو لحم بعضمه صار يترفع عن أمثاله بكل عظمة! للأسف صارت البلاهة والاستفزاز عنوانا للحياة في مصر، ليس فقط من أبواق وكباتن الفضائيات الذين يعيشون في مصر أخرى وعالم موازٍ لأغلبية المصريين، بل من كثير ممن يسمون أنفسهم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى أو من السادة المنظرين لحرية الرقص والتعرى فقط، بينما الحرية في جوهرها أسمى من ذلك بكثير، حرية تبدأ من تكافؤ الفرص وتساوى الجميع في الحقوق والواجبات وليس في السُكر والرقص على واحدة.. وأتباعها.. جاتكم القرف! [email protected]