"الحاجة وحشة وهي اللي خلتني أقعد القاعدة دي بحلة المحشي وسط الشارع"، هكذا بدأت "أم محمد" حديثها بعد أن ضاقت عليها الدنيا بما رحبت وصارت تتحدى ظروفها الصعبة وتغلبت عليها بعد أن تركت قريتها بمحافظة الشرقية؛ واتخذت من شارع الموسكي بالقاهرة عنوانا لقصة كفاحها التي بدأتها منذ 7 أشهر. تقول "أم محمد": ورثت تلك المهنة غير المألوفة من حماتي فهي منذ سنوات وهي تطبخ آنية المحشي وتنزل بها من إحدى قرى منيا القمح بمحافظة الشرقية إلى قلب العاصمة، لبيعها للزبون حسب الطلب "فيه اللي بييجي ياخد ب جنيه أو اتنين أو تلاتة"، وتبيع أم محمد ال 30 "صباع محشي" ب10 جنيهات، وأغلب الزبائن عندما يسمعون هذا الرقم منهم من يتعجب ويرحل وآخر يدفعه الفضول للشراء وخوض هذه التجربة. وتمر الأيام لتحل السيدة محل الحماة التي علمتها وصارت تأتي من الشرقية إلى القاهرة لبيع صوابع المحشي؛ قائلة: يلا المحشي السخن يلا محشي الشرقية" وما أن يسمع المارة حديثها ورائحة المحشي التي تفوح من الحلة الألومنيوم التي تطرق عليها بالمعلقة التي في يدها؛ إلا وتهافت المارة عيها بالأطباق البلاستيكية لشراء ما لذ وطاب كأنهم لأول مرة يرون "حلة محشي" أمامهم. ومنذ سبعة أشهر وأم محمد تتردد على منطقة الموسكي بالقاهرة، هي وأخت زوجها التي تجلس بجوارها على ذات الرصيف وتبيع الفطائر والفول السوداني، وهي تقول: "بناتي كل يوم بيتحايلوا عليا ينزلوا معايا مصر عشان يبيعوا وأنا برفض ومخلياهم عشان يكملوا تعليم؛ من أجل أن يأتي اليوم التي ترى فيه "أم محمد" بناتها يعيشون في مستقبل أفضل.