«فيروز – جارة القمر» صوت لا مثيل له، تستمع إلى أغانيها، فتظن أنها الأولى من فرط انبهارك وانتباهك لمساحات جديدة في صوتها.. ذلك الصوت الذي امتلك من الحنو والفخامة والبساطة ما يحير العالم، فهي الصوت الذي ما زال جميع النقاد الموسيقيين يجهلون تفسيره ومعرفة سره حتى الآن. ومع تزامن عيد ميلاد فيروز ال 81 اليوم، نحاول فيما يلي عرض تحليل موسيقى مبسط، يفسر لنا ماهية هذا الصوت الذي اجتمع عليه العالم كله دون أن يعي. اقرأ أيضًا: «حكايات فيروزية» 15 حكاية عن جارة القمر وفي حديث ل «فيتو» مع الناقدة الموسيقية علا صلاح، قالت إن جزءا كبيرا من تفوق فيروز ونجاحها يرجع إلى خامة صوتها، وهي منحة ربانية خالصة ليس لها يد فيها، على الرغم من أنها استطاعت تدريب تلك الخامة والعمل عليها حد النجاح، إلا أنها في الأساس عطاء من الله لها. وأضافت علا أن فيروز تمتلك مساحات واسعة وعريضة في صوتها، حيث تستطيع الوصول إلى «القرار-الطبقات المنخفضة من الصوت» بشكل سليم، فيما تمتلك في نفس الوقت «جواب- الطبقات العالية من الصوت» عال جدًا، مؤكدة أنه لو وضعناها في مقارنة مع كوكب الشرق أم كلثوم، سنجد أن فيروز هي المنافس الأول لها، حيث تستطيع أم كلثوم أن تصل إلى قرارات أعمق من فيروز بدرجة أو درجتين، فيما تتفوق جارة القمر على كوكب الشرق في الطبقات العالية. وعن سر أغانيها من حيث التكنيك الموسيقى، تقول علا إن ما يميز فيروز هو قدرتها على الانتقال السريع والسلس من أعمق درجات الطبقة المنخفضة من الصوت إلى أعلاها في جملة موسيقية واحدة، دون بذل أي مجهود، فلا تشعر أذن المتلقي بأي انتقال ولا أذى، بل أن الأذن تستمع بتلك النقلة الخفيفة والسريعة.. مؤكدة أن تلك النقلة السريعة هي ما تميز فيروز نفسها عن أي مطرب آخر يؤدي أغانيها. وأرجعت علا قدرة فيروز على التمكن والتمرس في التكنيك الموسيقي الشرقي، إلى نشأتها وتربيتها على أداء الألحان الشامية والجبلة، حيث تتميز تلك الألحان عن غيرها بأن الجملة الموسيقية فيها أطول وأوسع، إضافة إلى نفس المطرب الطويل، وضربت مثال على ذلك مبارزة فيروز الغنائية مع المطرب الكبير شمس نصري الدين ووديع الصافي، وهما علمين من أعلام الغناء الجبلي، لا يستطيع أن يقف أمامهما للتباري غنائيًا إلا فنان متمكن ومتمرس على درجة عالية. وعن التكنيك الموسيقى الغربي في صوت جارة القمر، قالت علا إن فيروز استطاعت أن تجمع بين فنين من أًصعب ما يكون وهما "التكنيك الجبلي الشرقي، والديني الأوروبي"، وهو من خلال تربية فيروز على أداء الترانيم الدينية المسيحية، فالموسيقى الدينية في أوروبا والغناء الجنائزي والجوقة في غاية الصعوبة، وتتكون من أربعة أصوات من ضمنها الصوت المستعار.. للرجال اثنين من الأربعة وهما «التينور والباص»، والنساء صوتان هما «الألتو، والسوترانو». ونفت علا عن فيروز أن تكون تستخدم في غنائها "الصوت المستعار"، مؤكدة أن عمق صوت جارة القمر أكبر وأوسع من تضطر لاستخدام أصوات مستعارة، في حين أنها لو استخدمت الاستعارة في بعض الجمل الموسيقية البسيطة في أغانيها مثل جملة «حبيتك بالصيف.. حبيتك بالشتي» فهذا يرجع لخلفية فيروز الثقافية والغنائية التي تمرست على الجوقة والغناء الديني الأوروبي، وهو أمر يدعمها ولا يقلل من شأنها أو صوتها.