كان مكتوبا على الحائط منذ زمن طويل: إن بركة السباحة ستغلق ثلاثة أسابيع من أجل أعمال ترميم؛ فالحمامات سيئة ويجب ترميمها، فقد اقترحت البلدية بديلا وهو بركة أخرى فى حى قريب أكثر ثراء، وقد جاء إليها اللاجئون يلتمسون طريقهم بلا حول ولا قوة إلى وطنهم المؤقت الجديد. كان حفل الاستقبال لهم فوريا، وتمت مقابلتهم بشكل بارد ومعادٍ، فما أن وطئت أقدام اللاجئين البركة حتى تمت مقابلتهم بالمظاهر القبيحة، فضلا عن كلمات البغضاء والصراخ المعترض عليهم، والذى بدأ فى غرف تبديل الملابس، وبلغت ذروته فى مسارات السباحة. حيث قال أحد أسياد إسرائيل بلغة الاستعلاء، وهو صاحب الاشتراك الذهبى فى البركة: إن اللاجئين سرقوا أول يوم الفوطة من هيربارت، وسرقوا من موشيه المحفظة ومفاتيح الدراجة النارية، كما سمع أيضا حديثا فى الحمام عبروا فيه عن فرحهم لموت 17 فلسطينيا دفعة واحدة فى حادثة، إلا أن اجتياح اللاجئين أصبح حديث غرفة خلع الملابس المكتظة بالأشخاص، وفى الوقت ذاته تضاعفت اشتباكات عنيفة فى البركة. كما جرت المعارك على كل مقعد، بالإضافة إلى الحوادث الحدودية، وقد زاد أحد اللاجئين الحريق اشتعالا، وهو روسى الأصل، حينما تهكم مازحا: إن الاجتياح سيستمر لمدة نصف عام، الأمر الذى زرع خوفا وكراهية إضافيين، ولم يفكر أحد ما الذى سوف يحدث حينما يتم غلق بركتهم من أجل أعمال الترميم. اتحد اللاجئون وهم أقل من عشرين مسنا دفعة واحدة، وأصبحوا معسكرا موحدا فى مواجهة دفعهم إلى هامش البركة، أن الناس الذين يسبحون معا منذ سنوات ولا يكاد بعضهم يحيى البعض بتحية الصباح، كشفوا عن الأخوة بينهم. وفى المقابل اتحد معسكر أصحاب البيت من أسياد البركة أيضا، واقترح أحدهم، وهو قتالى بشكل خاص، جمع لجنة الحى أو لجنة البركة على الأقل، والدعوة إلى تدخل البلدية العاجل لإيجاد حل؛ لأن البركة قد أصبحت مزدحمة. مرت الأيام وهدأت العاصفة، ولم يعد هيربارت الذى تأثر تأثرًا عميقًا لسرقة فوطته، لم يعد إلى البركة بعد ذلك، وبدأ موشيه يتأقلم، وانتقل آخرون إلى بركة بعيدة فى حى شرقى كان يعرف سابقًا بأنه حى فقير، ومنتشرة به الجريمة، ولكن كان الاستقبال هناك حارًّا وأكثر عطفًا . وقال أحد المترددين على البركة: إن الصراصير فى غرف الثياب هى العلامة التى تميزه، لكن الصراصير هناك أيضًا هشت أكثر من أغنياء تلك البركة، وأهم من ذلك أن من بقوا فى بركة الخصومة تعلموا بالتدريج كيف يتعايشون سويًّا، وتحول التعايش المتوتر بالتدريج إلى حياة عادية مشتركة، فهى بركة واحدة للشعبين. لا ينقصهم إلا أن يأتى لاجئون جدد، فاللاجئون القدماء الآن أيضًا الذين جاءوا من قريب، من المؤكد أنهم سيثورون عليهم ثورة عارمة، سوف تنتهى أعمال الترميم ويعود كل واحد إلى بركته وإلى أرضه المقدسة فى راحة بال، وقد يتم حل هذه الأزمة الإقليمية. نقلا عن هاآرتس