مهلكات رواتب الموظفين ثلاثة: رمضان والعيد والمدارس، فأولياء الأمور يصرخون، يستغيثون، يودون الاستعانة بساحر «مراكشي» لتوليد الجنيهات لتصبح دولارات أو يوروهات أو حتى استرلينيات، أو بالميت - بدون خشبة - ريالات، لكن كل هذا لا يجدي، فقد جاء موسم المدارس فى منتصف الشهر، والجيوب أنظف من الصينى بعد غسيله، أو حتى الإيرانى - ملابس مدرسية وشنط وأحذية وكراسات وكشاكيل وأدوات هندسية، وكله كوم و«البرجل» كوم، فحتى هذه اللحظة لا يعرف أولياء الأمور فائدته. المهم أن الكارثة الكبرى هى الرواتب الشهرية الضخمة التى يتعين على ولى الأمر دفعها للمدرسين الخصوصيين، وقد اقترح البعض توفير فرص عمل إضافية لولى الأمر، بمهنة تدر مئات الجنيهات يومياً، وهى التسول فى عربات مترو الانفاق! الكتب الخارجية لا تمثل عبئاً على أولياء الأمور، إذ يشترون من كل كتاب نسخة واحدة فى السنة، لكن على مستوى الجمهورية يدفع أولياء الأمور 039 مليون جنيه ثمناً لهذه الكتب، التى تحتوى على شرح واف وتدريبات مطولة ونماذج للامتحانات، ومع تعدد وتنوع الكتب الخارجية للسنة الواحدة وفى المادة الواحدة أيضاً، فأولياء الأمور يفضلون شراءها جميعاً، فضلاً عن كتب المراجعة النهائية والملازم التى يروج لها المدرسون، والمركز الرئيسى لهذه الكتب فى الفجالة والمكتبات، وتصل تكلفة هذه مجتمعة إلى نحو مليار جنيه، تصب فى خزائن مؤلفى الكتب وباعتها والمطابع وغيرها، وهذه الأرباح مستمرة طوال العام، بعد استغناء جميع التلاميذ عن الكتب المدرسية التى لا فائدة منها، لصعوبة شرحها وأسلوبها الردئ فى عرض المادة العلمية، وخلوها من نماذج امتحانات. أشهر الكتب «سلاح التلميذ» و«الأضواء» والمعاصر»، ويؤكد سيد محمد - صاحب مكتبة- أن سوق الكتب الخارجية مزدهرة طوال العام ويتراوح سعر الواحد منها من 01 إلى 03 جنيهاً، وتعرضت هذه السوق لأزمة فى عهد الوزير أحمد زكى بدر، الذى صعد بسرعة الصاروخ، من أستاذ بهندسة عين شمس لمنصب رئيس الجامعة ثم وزيراً للتربية والتعليم، وليس هذا غريباً، فقد كان والده وزيراً للداخلية فى العهد المباركي، المهم أن «بدر» أصدر فرماناً لمحاربة الكتب الخارجية، فأصبح تجار الكتب أشهر من تجار المخدرات، وكان صاحب المكتبة يتفق مع ولى الأمر الذى يرغب فى شراء البضاعة بتبادل ارقام الهواتف ثم الاتفاق على موعد محدد فى شارع جانبى لتسليمه «البضاعة» - أقصد الكتب الخاجية- وبالطبع بأسعار مضاعفة. ولأن أحمد زكى بدر - وزير التعليم - ذهب إلى «صفحات» - وليس صفائح - التاريخ، فقد عادت تجارة الكتب الخارجية لسابق ازدهارها. وترتفع أسعارها طبقاً لارتفاع أسعار الورق ومستلزمات الطباعة، وبالطبع التضخم، المالى بالطبع وليس حجم الكتب.