* أصحاب سبوبة المعارض يكسبون سريعا ويختفون سريعا * بدايتي الحقيقية بعد تمثال صالح سليم * معرض "سنين عجاف" للنحت الأهم في حياتي * الفن التشكيلي لم يتراجع * القوى الناعمة والثقافة تحقق ما فشلت فيه السياسة * المعرض العام كان ناجحا وما أثير من جدل سببه المعرض السابق * تعليم قراءة الأعمال التشكيلية يشبه كثيرا تعليم القراءة * لا يوجد وزير ثقافة قدم أشياء ملموسة مثل فاروق حسني تجلت أنامله كثيرا في مجال النحت، هو الفنان عصام درويش التي تحتضن جدران الجاليرهات والمتاحف أعماله في الكثير من الأماكن، وتتميز عن غيرها حيث يتجلى فيها أسلوبه الخاص، الذي يظهر منه مدى تأثره بطبيعة البيئة التي نشأ فيها، بالإضافة لمراحل خبرته الفنية التي تمتزج بين القوه في الأداء والبساطة في التعبير. شارك في كثير من المعارض داخل وخارج مصر، منها معرض منحوتات معاصرة وسمبوزيوم النحت الدولي الرابع، ومن الجوائز التي حصل عليها جائزة النحت الأولى في المسابقة القومية للفنون التشكيلية عام 1990. له بعض المقتنيات في العديد من الأماكن الرسمية، مثل متحف الفن المصري الحديث، وقاعة الاجتماعات بوزارة الثقافة. "فيتو" حاورته عن بداياته وأعماله وتفاصيل أخرى في السطور التالية: * صف لنا بدايتك الحقيقية ؟ كانت لي بدايات صغيرة أثناء دراستي في الكلية ولكن بداية الأعمال التي اعتز بها بشكل شخصي هي مسابقة عن أفضل من ينحت تمثال لصالح سليم "أول رئيس لنادي الأهلي" وتم اختيار الاسكتش الخاص بي من ضمن أفضل ثلاثة وتم عمل ماكيتات حتى وقع الاختيار على التمثال الخاص بي، وهو نحو 5 متر ونصف طول منهم 3 ونصف برونز وهو يعد أحد أهم أعمالي الميدانية والتي حضر افتتاحها نحو 20 ألف شخص وكان هذا في ذلك الوقت تجمعا كبيرا بالنسبة للفنانين التشكيليين، ونال إعجاب الناس ومن هنا بدأ انطلاق اسم عصام درويش، ثم شاركت في عدد من السومبوزيومات. * مشوارك الطويل مع النحت... كيف بدأ وماهو سر تعلقك به ؟ عندما سألوا فليسوف عن أهم شيء في الوجود قال " الوجود نفسه".. هذه المقولة أثرت بداخلي كثيرا فنحن يجب أن نكون موجودين حتى وإن لم تكن تعمل شيئا، الوجود يكفي بالوجود، وإذا نظرنا إلى جميع أنواع الفنون سنجد أن فن النحت هو الذي يجسد هذا الوجود ويبقيه حقيقيا، فمثلا فن التصوير أو رسم البورتريه هو عبارة عن إلهام لمن ينظر له بأن هناك بعد ثالث، حتى الموسيقى بمجرد أن تنتهي تذهب وتصبح شيئا خياليا، أما النحت هو الشيء الوحيد الذي تستطيع من خلاله أن ترى الشيء حيا أمامك... والنحت على المستوى الشخصي يحقق لي عملية إشباع كلي من الفنون، حتى وإن كان مرهقا ويأخذ وقتا وجهدا كثيرا. * متى بدأت تفكر في عمل معرض للفنون التشكيلية؟ ومتى كان أول معرض؟ أول معرض قمت به كان معرضا خاصا كان في جاليري المسار بالزمالك من تصوير جورج البهجوري ونحتى أنا، وكنت قبلها قد شاركت بمعرض مع الفنان آدم حنا بقاعة أفق وكان بعنوان "تأملات فكرية"، ولكن ما اعتبره من أهم معارض النحت التي قمت وشاركت بها معرض بعنوان "السنوات العجاف" وغايته وسببه أنني كنت عائدا من سومبيوزيم بأسوان وكان قد لفت انتباهي حينها الحبوب وشكلها وتركيبها وكيف لهذه الحبة أن تتحكم بكل مصائرنا فقمت بنحت الحبوب كالفول والترمس وسنابل القمح ولكن بحجم كبير جدا لأجمع بين شكلها مقارنة بقيمتها، وكيفية تخزين تلك الحبوب من قبل المصري القديم ليستنفع بها في سنواته العجاف فكان كل ما أتخيله وأنا أنحت تلك الحبوب هو إبداع الخالق في أنه وضع طاقة الحياة في حبة بهذا الحجم. * من وجهة نظرك ما سبب تراجع الفن التشكيلي في الوطن العربي ؟ من وجهة نظري أن الفن التشكيلي لم يتراجع بالعكس هذا الكلام غير صحيح وهناك اعتبارات أخرى. * ماهي آليات قراءة اللوحة أو العمل التشكيلي؟ وماهي الخطوات التي لو اتبعها الشخص يستطيع أن يكون متذوقا فنيا؟ في رأيي أن تعليم قراءة الأعمال التشكيلية تشبه كثيرا تعليم القراءة أي بالسماع والقراءة عن الفنون التشكيلية والمعادل للتعليم في الفنون التشكيلية هو كثرة النظر إلى اللوحات والذهاب إلى المتاحف ومحاولة ربط الفنون بعضها البعض والإحساس باللوحات ومحاولة تفهم ما يريد إيصاله الفنان، ومع كثرة الدخول إلى الأجواء التشكيلية سيتشبع بها العقل الباطن وسيصبح الجمهور تدريجيا قادرا على قراءة اللوحات والأعمال الفنية. * ماهي الطريقة الأمثل للحد من الفن التشكيلي التقليدي والأفكار المتكررة؟ وماذا عن معارض بعد ثورة يناير؟ ولماذا نحد من تلك الأفكار والمعارض، مصر تمتلك جمهورا واعيا ويعرف تماما كيف يفرق بين الفكرة المميزة والمتكررة ولهذا فلنترك الساحة لكي يظهر الموهوب حقا عن غيره وثقي تماما أن الشخص المميز والعمل المبتكر لن يحتاج إلى شيء كي يثبت نفسه حتى وإن قورن بين الكثير من الأعمال الأخرى، وأما عن فكرة تكرار المعارض التي أقيمت بعد 25 يناير فهذا أمر يحدث في كل الأزمنة فبعد توالي الثورات يعبر الكل عن رأيه بالفن أما الكتابة أو الرسم أو النحت أو الغناء ولكن بعد عدة سنوات يختفي تلقائيا كل المكرر ويبقى العمل الفريد الذي يتذكره الناس. * من وجهة نظرك ماهو الأهم في الفن التشكيلي الموهبة أم الدراسة؟ الموهبة أهم لسبب بسيط، عندما أدخل معهد موسيقى وأتعلم قواعد الغناء سأعرف كيف أغني ولا يصبح صوتي نشازا ولكن لن يصبح صوتي عذبا، هذا مثل بسيط يتضح منه أهمية الموهبة عن الدراسة، ولكن يجب أن يدرس كل موهوب لأن الدراسة توسع المدارك وتنشط الذهن، والموهوب من غير دارسة يصبح بلا قيمة، فلنقل إن الموهبة تشكل 80% والدراسة 20% ولكن الدراسة نسبة لا يمكن تداركها. * كيف ترى فن فاروق حسني ؟ وكيف تراه كوزير ثقافة ؟ ولماذا ؟ أراه من أنجح وزراء الثقافة الذين مروا على مصر، وأنا لا يمكن أن أصنع تمثالا لشخص غير ناجح أو شخص عادي، وردا على من يشككون في نجاحه أنه لا يوجد وزير ثقافة قدم أشياء عملية وملموسة كتلك التي فعلها فاروق، فهو الذي أنشأ الأوبرا ومتحف الحضارة والمتحف الكبير، وأوبرا الإسكندرية، ومتحف السمبوزيوم بأسوان ومتحف محمود خليل، ومهرجان المسرح التجريبي ومهرجان القاهرة السينمائي، وكان مرشحا لمنصب اليونسكو وهذا يدل على أنه شخصية إنترناشونال وتلك العالمية لم تأت من فراغ.. والكثير من الأعمال الملموسة التي إقامها، ومن وجهة نظري لم يهتم أحد بالثقافة كما اهتم بها فاروق حسني، ومن خلال تعاملي معه تعرفت عليه كشخص واستمعت بالعمل معه وبعمله وطريقة تسييره لأمور الثقافة وابتكاره الجديد دوما، فكم وزير ثقافة سبقوه وتلوه ولكن ما من عمل ملموس يذكر. وتتميز أعماله بأنه يهتم بالجذب البصري وإذا رأيتي أعماله وانجذبتي لها بصريا ستتضح لك جملا فنية وبصرية ستشكل في ذهنك فكرة وجمال العمل، وأعماله تخاطب المتمرسين والمهنيين وهم وحدهم من يستطيعون تقييمه والتعليق على أعماله وانتقادها، أما من تعودوا على لوحات الطفل الباكي والبنت الجذابة أن يتواصلوا ويفهموا أعمال فاروق حسني. * من هم أهم الفنانين على الساحة التشكيلية ؟ آدم حنيني من النماذج الصعب تكرارها، وفاروق حسني، جورج البهجوري، عبد العزيز صعب. * ما رأيك في ظاهرة سبوبة المعارض ؟ يكسبون سريعا ولكن سرعان ما يختفون ولا يتذكرهم الناس، لأن الناس تتذكر فقط العمل الجيد، وهناك فنانون دراستهم الفن التشكيلي ويحاولون أن يربحوا من مهنتهم ودراستهم، وهي ظاهرة غير سيئة ولكن لا قيمة لها، وتقل في الوقت الحالي عن وقت سابق بسبب أن الناس زاد وعيها وأصبحت تبحث عن الفن المميز والجيد. * كيف ترى دور القوى الناعمة؟ القوى الناعمة والثقافة قد تستطيع أن تحقق ما فشلت في تحقيقه السياسة، فعلى سبيل المثال سمبوزيوم أسوان ضم فنانين من مختلف بلاد العالم كانوا نحو 65 فنانا و300 عمل فني، فهذا التجمع السلمى الخالي من التعصب يحقق الاندماج الذي لا تستطيع السياسة تحقيقه. * ما تعليقك على المعرض العام لدورته ال 38 والتي أثارت جدلا كبيرا عليك لكونك المنظم له ؟ وما نسبة حقيقة ما ذكر؟ أنا سعيد إن المعرض العام أثار الكثير من الجدل لأنه قليل جدا من معارض الدولة التي يتكالب الفنانون على المشاركة فيها، ورغم أن المعرض مجاني ليس فيه ربح إلا أنه لا يزال بطل الفنانين التشكيليين، ولكن لهذا لعام حدث الأزمة من كون الجاليرهات الخاصة استولت على الفنانين بعقود احتكار أن يشاركوا في عرضهم فقط وأي عمل جديد يجب أن يظهر في الجاليري، فعند طلب المشاركة منهم في المعرض العام لم يهتموا به أبدا، ولكن هناك فنانين لم يصل مستواهم إلى أن يستقطبهم الجاليري وهم الذين تقدم معظمهم. اما عن الدعوات فقد حرصت على أن استضيف الفنانين الدرجة الأولى لكي تعرض أعمالهم ويعرض بجانبها الأعمال المميزة الأخرى وهذا سيسمح بإظهار الأعمال وتقديم فنانيها، وإذا لم أفعل ذلك كان سيصبح المعرض مستوى ثان. وإذا كانت الأعمال مقارنة بالسنة السابقة سنجد أن السنة الماضية كانت الأعمال تعرض في الممرات والمكان مزدحم لدرجة أن الفاصل بينك وبين العمل 30 سم وهذا ما حرصت على أن ألغيه لكي أجعل المعرض يليق بالفنانين العارضين والزائرين.