عبود باشا دفع مليون فرنك لإقالة حكومة.. وسراج الدين حول حزب الوفد لكبار الملاك قانون الإصلاح الزراعى أول ضربة من عبدالناصر لرجال البزنس عثمان أحمد عثمان ملك «السبعينيات» بمصاهرته للسادات «شلة بورتو طرة» احتكرت الطعام والقرار السياسى عقب الاحتلال الإنجليزي لها مورد المواد الخام لمصانع انجلترا، حيث يتم تصنيعها لتعود مرة أخري لمصر في صورة منتج نهائي، وكان أصحاب رءوس الأموال في مصر وجماعات كبار ملاك الأراضي الزراعية قد حققوا فوائض مالية كبيرة من بيع المحاصيل الزراعية وتصديرها، وبدأوا في البحث عن وسائل للاستثمار في هذه الفوائض. واهتدت في بداية القرن العشرين للاستثمار العقاري خاصة بعد نجاح البارون «إمبان» في بناء ضاحية مصر الجديدة، ولكن سرعان مازادت هذه الفوائض نتيجة الاستثمار العقاري الذي لم يمتص كل الفوائض، وهنا بدأت تضغط علي الانجليز للسماح بإنشاء المصانع في مصر، وجاءت الحرب العالمية الأولي (4191 - 8191) بالفرصة الذهبية لرجال أعمال هذا العصر حيث اضطرت بريطانيا تحت ضغط الحرب وانقطاع الاتصال بلندن السماح بإنشاء المصانع لخدمة المجهود الحربي، خاصة بعد تحول مصر لقاعدة لتجميع الجيوش المحاربة من المعسكرين الحلفاء والمحور، وكانت الأرباح التي حصدتها الرأسمالية المصرية الوليدة في هذه الفترة كفيلة بإعلان الحرب ضد الانجليز للحصول علي فرص أكبر في الصناعة وهو ما أدي لانضمام كبار الملاك والرأسمالية الوليدة إلي جماهير الشعب المصري في ثورة 9191،لكن سرعان ما انسحبت من تأييد الثورة بعد السماح لهم بتأسيس المصانع، وهو الموقف الشبيه بموقف كبار الأعيان خلال الثورة العرابية وانقلابهم عليها!!. في هذا الوقت تم تأسيس بنك مصر علي يد طلعت حرب ومجموعة شركاته، كما دخل فرغلي باشا في تجارة القطن كأول مصري يسمح له بذلك بعد احتكار الانجليز لهذه التجارة، وثم تأسيس اتحاد الصناعات المصرية 2291 كأول منظمة ضاغطة تساعد الحكومة في رسم السياسات والتخطيط لمستقبل الصناعة في مصر. ومع دخول الأربعينيات من القرن العشرين كانت الرأسمالية الوطنية قد وصلت لمرحلة التوحش وبدأت تتدخل في السياسة ويصل أبنائها لمناصب الوزراء، لعل أشهرهم فؤاد سراج الدين الذي كان له الفضل في تحويل حزب الوفد من حزب الجماهير إلي حزب كبار الملاك، بعد تحالفه مع زوجة النحاس باشا زينب هانم الوكيل التي سيطرت مع أخوتها علي وزارات الوفد، ومن المهم في هذا الصدد أن نستعرض بعض النماذج التي كان لها أبلغ الأثر في السياسة المصرية وعلي رأسهم أحمد باشا عبود الذي كان من أشهر رجال أعمال هذا العصر وصاحب الملايين والألقاب الرنانة خاصة لقبه الأشهر «ملك السكر» لأنه كان يملك مزارع ضخمة في الوجه القبلي لزراعة قصب السكر ثم أنشأ العديد من المصانع لصناعة السكر فأصبح المحتكر لهذه الصناعة في مصر، وتم اتهامه في العديد من القضايا بتهم الفساد والرشاوي منها القضية التي اشتهرت بقضية الجبل الأصفر حيث تم دفع رشوة لرسو مزاد مزارع الجبل الأصفر عليه، وهذه المزارع كانت تابعة للدولة، كما تم اتهامه بدفع رشوة للملك فاروق تقدر بمليون فرنك لاقالة حكومة نجيب الهلالي باشا لفتحها ملفات الضرائب المتأخرة علي كبار الرأسماليين ومنعهم عبود باشا بالطبع وقد استجاب الملك وأقال الحكومة!!. هذا نموذج من نماذج رجال الأعمال في هذا الوقت حتي قيام ثورة يوليو 2591، حيث بدأت الرأسمالية المتوحشة في مصر تتلقي الضربات حتي تأميمها بصورة كاملة عام 1691. وبدأت العلاقة بين مجلس قيادة الثورة ورجال الأعمال بالحرب المباشرة حيث رفضوا قانون الإصلاح الزراعي الذي قلص ملكياتهم الزراعية لمائتي فدان فقط، ولكن مضي مجلس القيادة في تنفيذ القانون دون النظر لاعتراضاتهم، وهو ما جعل الحرب تشتعل بينهما، وكان الرئيس عبدالناصر يحلم بنهضة مصرية كتلك التي اقامها محمد علي، وكانت أحلامه تنطلق لآفاق الصناعات الثقيلة التي تجنبتها الصناعة المصرية حتي ذلك الوقت لما تحتاجه من تمويل ضخم وبطيء في دورة رأس المال، وهنا بدأت وسائل الضغط بين كل من الحكومة وعلي رأسها جمال عبدالناصر، ورجال الأعمال الذين امتنعوا عن تمويل مشروعات عبدالناصر إلي أن يخضع لمطالب رجال الأعمال واستمر هذا الصراع طوال فترة الخمسينيات ولم يتم تأسيس أي مصانع جديدة حتي نهاية الخمسينيات، مما اضطر جمال عبدالناصر اللجوء إلي تأميم إملاك رجال الأعمال في مصر وتحويلها للقطاع العام والبدء في تنفيذ خطة الصناعة في مصر، وكانت هذه الضربة هي الضربة القاضية للرأسمالية الوطنية بتحويلها إلي رأسمالية الدولة. لم ينته دور رجال الأعمال بحركة التأميمات، وإنما أصبحت المبادرة في يد القطاع العام، ويبدو أن رجال الأعمال كانوا علي يقين بما سيحدث ولذلك بدأ منذ فترة مبكرة الارتباط بعلاقات المصالح بمجموعة الضباط الأحرار ومن بينهم السلطة، ووصل الأمر لزواج بنات رجال الأعمال بالضباط الأحرار وأبناءهم وهو ما سمي في هذا الوقت بزواج الثورة بالثروة، ولعل أشهر هذه الزيجات كانت زواج محمد نصير رجل الأعمال بابنة عبداللطيف البغدادي عضو مجلس قيادة الثورة، والعلاقة التي كانت تجمع صلاح سالم بالأميرة فايزة أخت الملك فاروق، ونماذج من هذه العلاقات كثيرة كان لها أبلغ الأثر في استمرار تواجد رجال الأعمال في السلطة والحكم بشكل غير مباشر حتي عام 4791 عندما بدأ السادات سياسات الانفتاح والسماح للقطاع الخاص بالاستثمار المباشر اسوة بالاستثمارات الاجنبية والعربية التي بدأت تتدفق علي مصر، نتيجة سياسة السادات التي مالت لكفة الولاياتالمتحدةالأمريكية سواء في السياسة العالمية أو عملية السلام بين مصر وإسرائيل، والتي أسفرت عن معاهدة السلام بينهما عام 9791 وبدأت المعونة الأمريكية تتدفق علي مصر إلي جانب الاستثمارات الامريكية المباشرة، وبدأ رجال الأعمال الذين تعرضوا للتأميم يستعيدون املاكهم عن طريق القضاء وبدأت الحياة تعود لأبنائهم ولمعت في هذا الوقت مجموعة من رجال الأعمال مثل عثمان أحمد عثمان والذي يمكن أن نطلق عليه ملك «الحقبة الساداتية» بما تمتع به من نفوذ سياسي كأحد الوزراء وصانعي السياسة المصرية، وكصهر للرئيس السادات وأقرب أصدقاءه إليه، كذلك سيد مرعي صهر الرئيس الآخر، بالإضافة إلي عائلة الرئيس السادات وعلي رأسهم أخيه عصمت والذي دخل في شراكة مع شركات أمريكية وإسرائيلية كذلك رشاد عثمان ملك الأخشاب الذي قبض عليه بتهمة الاتجار بالمخدرات، وتوفيق عبدالحي وهو الذي ادخل الفراخ الفاسدة ومنتهية الصلاحية لمصر، وكامل الكفراوي أول من أدخل البيض الإسرائيلي للبلاد، هذه هي النماذج التي افرزتها هذه المرحلة لرجال الأعمال، اضف إلي ذلك مليونيرات المعونة الأمريكية، حيث استفاد مجموعة من رجال الأعمال بأموال المعونة التي وجهت لتقوية رجال القطاع الخاص في مصر إما بالاستثمار المباشر عن طريق الحصول علي قروض ميسرة من المعونة الأمريكية في مصر، ولعل أشهرهم لطفي منصور وأبناءه، وعائلة ساويرس، وصلاح دياب وشفيق جبر، وغيرهم الذين كانوا النواة التي اسست لوبي غرفة التجارة الأمريكية في مصر، وكانوا أصحاب ما سمي بوفد طرق الأبواب والذي كان يصحب الرئيس مبارك في زيارته السنوية للولايات المتحدة، وهذا اللوبي كان أقوي لوبي رجال أعمال في مصر، ارتبط بالسياسات الأمريكية وصناعة القرار في مصر. وفي السنوات العشر الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك وصل رجال الأعمال لأكبر نفوذ لهم، حيث أصبحوا هم من يديرون مصر بكل ما تحمله الكلمة من معني، حيث اصبحوا هم الوزراء وأعضاء مجلس الشعب، ويحتكرون الصناعات المختلفة ولعل أشهر نماذج لهم هم «شلة بورتو طرة» أحمد عز وجرانة والمغربي، وكل من ارتبط بهم من الوزراء حتي جمال مبارك الوريث المخلوع أيضاً، ولاشك أن ثورة يناير 1102 كسرت نفوذ هذا اللوبي في مصر، ولكن لا يستطيع أحد أن يقول إنها أنهت سيطرته علي الاقتصاد المصري من ناحية، كما لا يمكن أن نؤكد ابتعادهم عن سير العمليات السياسية وإن كان من طرف خفي، وهذا اللوبي أصبح الآن في وضع البيان الشتوي، يلملم أوراقه ويرتب أوضاعه حتي يعود للساحة من جديد، وهذا اللوبي من أكثر اللوبيهات تطوراً ومرونة بحيث يستطيع كما أوضحنا في السابق أن يتلون تبعا لسياسات المرحلة، وهو وما يؤكد ذلك أن لوبي رجال الأعمال عاد للساحة بشعارات ثورة يناير، حتي أولئك المتهمين في موقعة الجمل تنكروا من حسني مبارك ومن أفعالهم السابقة وعادوا للساحة يقدمون خدماتهم للثوار الجدد، ولبسوا ثوب الحمل.