مثلما أفرزت الانتخابات البرلمانية السابقة العديد من الظواهر الخاصة بالترويج للمرشحين وفقا لقاعدة.. «هذا مسلم فانتخبوه».. ومن قبلها كانت «غزوة الصناديق».. الأمر لم يختلف كثيرا فى انتخابات الرئاسة. فقد شهدت الأيام الماضية حالة من «التخاريف»، فهذا يتحدث عن أن خيرت الشاطر مستجاب الدعاء، وقبل أن تظهر قصة «والدة حازم صلاح أبو إسماعيل وجنسيتها..» تحدث الجميع عن كرامات الرجل لدرجة أن الرابطة الشعبية المصرية المؤيدة للشيخ حازم أبو إسماعيل نشرت رواية غريبة جاء فيها:«بعد إلقاء شيخنا الجليل ابو اسماعيل خطبة يوم الجمعه في مسجد أسد بن الفرات خرج شيخنا الجليل فرأي سيدة عاجزة مسكينة مذهولة على كرسى متنقل امام المسجد تنظر اليه بعين منكسرة، فمشى الشيخ حازم والحاشية فى اتجاهها وامسك بيديها فذهلت السيدة جداً، وقالت أحقاً انت الشيخ حازم ام أنك شبيه له، فقال الشيخ :انا عبد لله الفقير حازم ابو اسماعيل، فأمسكها الشيخ حازم من اذنها و نظر بعينه المباركة في عينها نظرة مطولة وقال بعض التلاوات القرآنية و ما هي الا دقائق معدودة حتى قامت السيدة وركعت لله تدعى للشيخ حازم بالنصرة وامتلأ المسجد بصيحات التكبير و التهليل .... الله أكبر الحمد والشكر اليك يارب.... وكانت المفاجأة عندما التفت الناس للشيخ حازم ليقبلوا يده فلم يجدوه»!!. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل روي أحد المرشحين عن رواية قيلت له وهي ان سيدة عربية قالت له بأن مصر ستحدث بها ثورة ويتم خلع مبارك وسيتولى الحكم رئيساً يدعى «عمر» نفس الأمر ينطبق على ما قاله المرشد العام للإخوان المسلمين في مؤتمر إعلان ترشيح خيرت الشاطر عندما قال: «إن خيرت مستجاب الدعوة واللي بييجي عليه مابيكسبش,.. وإذا انتظرنا لفترة آخرى ستلقى على أسماعنا العشرات من هذه الروايات التى قال عنها الدكتور أحمد زايد : أستاذ علم الاجتماع السياسى وعميد آداب القاهرة :مثل هذه الروايات تثبت أننا نعيش فى زمن اللا عقل أو «زمن المولد وصاحبه غايب» الذى من الممكن أن يحدث فيه أى شيء من شعوذة وخرافات وكذب ،مؤكداً أن هذه المرحلة من اللاعقلانية يغيب فيها التفكير فى الصالح العام ، وكل هذا ناتج عن فساد المنظومة التعليمية وغياب المشاركة السياسية ، لذلك فلابد من وجود رئيس يعمل على استرداد عقل وروح المجتمع ويعيد بناءه من جديد على أسس علمية وليس عاطفية . فى حين يرى أستاذ علم الإجتماع بجامعة حلوان الدكتور رفعت الأنصارى أن المجتمع المصرى ومنذ قديم الأزل يلجأ إلى «الزار» لحل المشاكل الاجتماعية التى تواجهه مثل تأخر الإنجاب أو الزواج ، ومثل هذه الأمور تنتشر فى المجتمع الأمى ، ومصر للأسف الشديد بها نسبة فقر تتعدى 60% منهم 40% تحت خط الفقر ، إضافة لنسبة 60% ، 80 % نساء أميات فى الريف ومثل هذا المجتمع تسوده الخرافات والدجل ، ودائماً تضم الشخصية المصرية الكثير من المتناقضات فى ظل عدم احترام القانون السائد ، مبيناً أن نجاح مثل هذه الدعاية التي تستغل الجانب الدينى واستغلال الحالة الاقتصادية وتأثيرها على الناخب فى انتخابات مجلس الشعب لا يعنى بالضرورة نجاحها على مستوى الانتخابات الرئاسية محملاً وسائل الإعلام مهمة التركيز على الجانب التنويرى والحقائق وعدم إعطاء الخرافات ومثل هذه الامور اى قدر من الأهمية . ويضيف «الأنصارى»: إن نجاح رئيس الجمهورية بهذه الطريقة سيقضى على أى مظهر من مظاهر الحضارة والرقى فى المجتمع المصرى مستبعداً أن تؤثر هذه الروايات أو أضعافها على قرار الشعب المصرى الذى يمر بأول فرصة انتخابات رئاسية حقيقية أفرزتها الثورة ،والتى كسرت حاجز الخوف داخل نفوس المواطنين ،مؤكداً على أن المواطن البسيط لديه القدرة على كشف أمر من يكذب وتظهر نواياه بعد ذلك وحرصه على نسبة كبيرة فى اللجنة التأسيسية للدستور ،فضلاً عن تراجعهم عن قرار وجود مرشح لهم داخل الانتخابات الرئاسية المقبلة كما نرى الآن .. فالشعب المصرى صاحب الحضارة العريقة لم تغيره الأحداث السيئة والنظم الفاسدة التى مرت بالمجتمع المصرى ولن يترك لغيره مهما كان الفرصة التحكم فى مصيره أو قراره.