في مجلة الإذاعة 18 مايو 1957، وبمناسبة ذكرى المطرب عبده الحامولي «مايو 1901» كتب عبد الفتاح غبن مقالاً يقول فيه: استطاع المطرب الموسيقي عبده الحامولي، أن يجمع بين الشعر والموسيقى، فوضع اللبنة الأولى في خلق الموسيقى المسرحية في مصر، فهو الذي قال: (والله إن سعدني زماني ما أسكن إلا في مصر... وابني جنينة ومن فوق الجنينة قصر). ولد عبده الحامولي عام 1836، وفي سن الخامسة ماتت أمه فتزوج أبوه، فعرف معنى الألم والحرمان، كانت آهاته تنطلق في الليل عند الساقية في موال يقول: (دا أنا شكيت ربع ما فيّ للحديد ليدوب). بدأ يغني ويحيي الليالي في الموالد والأفراح وهو في الخامسة عشرة من عمره، طرده أبوه تاجر البن من بيته، فراح يهيم على وجهه حتى وصل إلى قهوة عثمان أغا في حي الأزبكية، حيث السهر والليالي الملاح، وأصبحت الناس تترقب أفراحه ولياليه من حي الحسين إلى السيدة زينب، ومن باب الشعرية إلى الإمام الشافعي، وكان لا يبدأ الغناء إلا عند منتصف الليل، فإذا غنى أسكر الناس من فرط الطرب، وكأنما كان يعصر روحه في كأس من الألحان. قال عنه أمير الشعراء أحمد شوقي: عبده.. بيد أن كل مغن... عبده في افتتانه وابتكاره يسمع الليل منه الفجر.. يا ليل فيصغي مستمهلاً في قراره وذات ليلة صحبه صديقه يوسف المنيلاوي إلى فرح في حي الجمالية، فسمع صوتًا جميلاً شعر أنه يغني له وحده: (روحي وروحك حبايب من قبل دا العالم والله)، فوقع في هوى صاحبة الصوت، وتزوج من ألمظ وجعلها تعتزل الغناء لتصبح زوجة وحبيبة، وبعد سنوات تركته ورحلت واستسلم للقضاء، وبينما هو يغني ذات ليلة سمع خبر وفاة ابنه الوحيد محمود مختنقًا، فاستمر في الغناء وقال لمستمعيه: (لقد شاركتوني أفراحي، فهل تشاركونني أحزاني)، وأمسك العود ليغني لابنه.