بعيدًا عن الأجواء والروحانيات وتجمع العائلة، التي تجعلنا نرتبط بشهر رمضان الكريم، هناك أحداث هامة تحدث في حياتنا وتحدد ملامحها ترتبط أيضًا بالشهر الكريم، ويبدو أن هذا الشهر كان لها دوره في حياة نجوم الزمن الجميل. الحدث الأول، ارتبط بزواج الفنان "فريد شوقي" من الفنانة "هدى سلطان"، وهو ما روته "هدى" بنفسها قائلة: "كنت في صراع عنيف مع أسرتي، تزعمه شقيقي محمد فوزي، الذي حارب اشتغالي بالفن ورآه خروجا على التقاليد، لكنني صممت على ذلك ولتفعل القوة ما تشاء، ورآني أحد المنتجين وعرض عليّ احتكار جهودي الفنية لمدة 3 سنوات لحساب شركته، وذهبت لاستوديو الشركة، ودعاني المنتج لزيارة البلاتوه وقدمني إلى أبطال الفيلم، وكان من بينهم فريد شوقي قائلًا: "الست هدى سلطان.. وجه جديد" فانحنى "فريد" في رشاقة مبتسما، وقال: "أهلًا وسهلًا.. تشرفنا يافندم". وأضافت: "وجلست أتفرج على التصوير، وكنا في شهر رمضان وكنت متعبة من الجوع، ولاحظت أن (فريد) يختلس النظر إليّ بين الحين والآخر، حتى انتهز فرصة إعداد الأضواء واقترب مني قائلًا: "تشربي حاجة ساقعة؟" فقلت: "لا.. أنا صايمة"، وبدت عليه مظاهر الدهشة وهو يقول: "صايمة؟"، فقاطعته قائلةً: "وبصلي كمان.. غريبة؟"، فقال: "أبدا.. أبدا"، وغادرت الاستوديو بعد ذلك والشيء الوحيد الذي كان يطوف بذهني هو نظراته وابتساماته". وتابعت: "وجدت نفسي فجأة اهتم بكل ما يقال عن فريد شوقي بأحاديث زملائه عنه، وبما تنشره الصحف والمجلات، وبأفلامه التي لم يفوتني منها فيلم، حتى أرادت الأقدار أن يشترك بأول فيلم أحصل فيه على البطولة المطلقة وهو (حكم القوى)، عام 1951، مع محسن سرحان، وكان فرصة ليتقرب كل منا للآخر ونتبادل الحديث عن آلامنا وهمومنا، إلى أن التقت عواطفنا عند نقطة واحدة، ولما عرض عليّ الزواج كانت الإجابة أسرع من السؤال، وتزوجنا في اليوم الأخير من تصوير الفيلم". الحدث الثاني، ارتبط بالفنان "محمد فوزي"، الذي اجتمع مع عدد من زملائه الموسيقيين وكونوا فرقة موسيقية تجوب شوارع طنطا لإحياء الحفلات والموالد، وذات يوم من أيام شهر رمضان المبارك قادهم نشاطهم الفني إلى إحدى قرى شبين الكوم، حيث أحد الموالد الشعبية، لكنهم اصطدموا هناك بأحد الفتوات الذي عرض عليهم الحماية مقابل تخفيض أجرهم، ووافقوا مُجبرين على ذلك. وبعدما تناول "فوزي" ورفاقه طعام الإفطار بدءوا في إحياء أول ليالي المولد، وامتلأ السرادق عن آخره وشاع الانسجام والطرب، وبعد دقائق حضر أحد الخفراء ليستدعي فوزي لمقابلة ضابط القسم، لكن الفتوة أقنعه ألا يذهب ويستكمل إحياء الحفلة؛ فغضب الخفير ونظر إليهما شزرًا وتركهما ورحل، لكنه عاد بعد فترة بسيطة ومعه 3 آخرين من زملائه. وكانت النتيجة معركة حامية دارت داخل سرادق المولد، وإجبار الضابط جميع المتواجدين على الرحيل، وعندما حاول "فوزي" الخروج، وجد على باب السرادق باقي الفنانين المغتاظين من ضياع رزقهم فلقنوه علقة ساخنة، وحينما أراد تلمس طريقه وقع في أيدي الخفير الأول الذي اقتاده إلى قسم الشرطة. الفنانة "ليلى فوزي"، ارتبطت بتصوير أحد أفلامها بمدينة الإسكندرية في أحد أيام شهر رمضان عام 1957، فسافرت بسيارتها في الصباح وبعد أن أتمت عملها قررت العودة إلى القاهرة للإفطار مع عائلتها، لكن السيارة توقفت قبل وصولها إلى مدخل القاهرة بنحو 15 كيلو متر، بعد أن نفد البنزين. ظلت تنتظر سيارة تنقلها إلى القاهرة، وطال انتظارها دون جدوى، فتركت سيارتها وسارت على قدميها والظلام والخوف يملأ قلبها، وإذا بها تجد فجأة عربة «كارو» وصاحبها يجمع بعض الحشائش، وطلبت منه أن يوصلها، وكان موعد الإفطار مضى بكثير، فأخرج لها الرجل "عيش بتاو" لكي تفطر، وقضت بذلك ليلة رمضانية لا تُنسى. أما الحدث الرابع، فارتبط بالفنان "يوسف وهبي"، الذي تعلق شهر رمضان بإلقائه خطبة؛ حيث اعتادت فرقة وهبي تقديم مسرحية جديدة كل أسبوع، بينما كان يقف هو في الليلة الأولى قبل رفع الستار أمام رواد المسرح ليُلقي عليهم خطبة التهنئة بالشهر الكريم، وظل محافظًا على هذا التقليد لفترة طويلة من الزمن.