على مائدة من نار, تجمع عدد من مردة الشياطين يتباحثون أمورهم, خاصة وان شهر رمضان كان قد اقترب, ولم يكن أمامهم سوى سويعات قليلة يتم بعدها توقيفهم وتصفيدهم لمدة ثلاثين يوما – قد تنقص يوما – فاخذ كل منهم يقدم اقتراحاته بشأن آلية الوسوسة وتحريض بنى آدم على المعاصى خلال تلك الفترة. وقف كبيرهم الشطروفيل , وكان عظيم الكرش مترهل البدن والشرر يطق من عينيه, واخذ يصيح: أبنائى وأشقائى حبايب قرنى, انتم تعلمون أننى شيطان متوسط العمرومع ذلك فأنا اشعر بقرب نهايتى , فأنا كما ترون مصاب بأمراض عدة من ضغط إلى سكر بينما الكوليسترول يطبق على أنفاسى ويعيق قلبى عن العمل, وكما تعلمون أيضا فإننى شيطان حساس للغاية , رهيف الفؤاد, لهذا ادعوكم للوحدة, فالاتحاد قوة وحرس الحدود ضعف! منتفضا, هم احد الشياطين واسمه بديعوش واقفا وراح يسأل: قل لى يا ريس, ما حرس الحدود هذا الذي تقوله إنه ضعيف؟ الشطروفيل: يا أخى اسكت, فأنت غبى وتثير سخطى وغضبى.. فقد قلت الاتحاد قوة وكان لزاما علىّ إكمال «الإيفيه» بأى ناد سكندرى آخر.. العفراتاتنى «شيطان آخر»: يبدو انك كنت شقيا فى شبابك يا مولانا, فها أنت لازلت تتذكر ايام الشقاوة تلك التى قضيتها على شواطئ جليم بالإسكندرية حين كنت تصطحب حسناوات الجن فى رحلات ساخنة على ظهر يختك الكبير.. شطروفيل: خسئت يا بن حلزة, كيف تقول ذلك ونحن مقبلون على شهر رمضان المعظم؟! العفراتاتنى: ما هذا يا مولانا ؟.. لقد قلت رمضان المعظم .. أنسيت أننا كفرة؟! الشطروفيل: يا ويلتا.. لقد نسيت , استغفر الله العظيم. بديعوش: لا تخف يا مولانا, فإن الله غفور رحيم.. المهم الآن هو ماذا سنفعل كى يضل بنى آدم ويظل يرتكب المعاصى خلال الفترة التى سنصفد فيها ؟ هنا قفز شيطان صغير يبدو هزيلا ونحيف القد غير أن عينيه تظهرانه ذكي وفى يده جهاز آيباد صغير فقال: اسمحوا لى يا سادة فلدى فكرة.. الشطروفيل منزعجا: ما هذا؟.. كيف اخترق هذا الفسل الحقير اجتماعنا السرى؟.. ترى هل «زقه» علينا أمن الدولة؟! بديعوش: سيدى عذرا.. لكن هل نسيت أن جهاز أمن الدولة قد تم حله وتحويله إلى جهاز الأمن الوطنى؟ عفراتاتنى: يا عم صل.. وهل يخيل عليك هذا الكلام؟.. ورأس جدى شمهورش ذلك الجهاز لم يحل بل يعمل كما كان وأكثر. لم يكد العفراتاتنى ينتهى من كلامه حتى سرت جلبة بين الموجودين , تبادل فيها كل منهم اتهام الآخر بالسذاجة والعبط , فهذا يرى أن امن الدولة أصبح فى خبر كان, بينما يرى آخر أنه مازال بالخدمة وبينما ثالث يرى انه لا فائدة من الجدل حول ذلك الأمر من أساسه, ولم ينته ذلك الضجيج إلا بصرخة من الشيطان الصغير الذى أسموه فيما بعد الفصيح. الشيطان الفصيح: يا سادة يجب ألا نضيع الوقت فالحل الذي أتيتكم به يحتاج إجراء اتصالات سريعة بمن ينوب عنا فى تضليل البشر والوسوسة لهم لذا فلنهدأ لنقرر ماذا علينا فعله.. الشطروفيل: طيب اكشف لنا يا ننوس عين أمك عما يدور برأسك.. الشيطان الفصيح: ليس قبل أن أبل ريقى بأى حاجة ساقعة.. بديعوش مصفقا : يا سحلوب يا دحلوب هات المطلوب. فدخل سحلوب الدحلوب على الشياطين المجتمعين وهو يرتدى ثيابا نارية تدل على إنه «جرسون» فى بار وأخذ يصيح: وعندك ستة بيبسى دايت وصلحه.. شطروفيل: بيبسى يا كافر.. ألا تعرف إننا لا نشرب مثل هذه المشروبات؟! سحلوب الدحلوب: طيب , تشرب ايه سيادتك؟ عفراتاتنى: يا أخى خليك حدق, شوية شياطين متجمعين فى قعدة مزاج ومقبلين على اتخاذ قرارات فللى.. نزل ستة مية نار سك. شطروفيل: أعتقد أننا أهدرنا كثيرا من الوقت وأنا مرتبط بميعاد مع المدام والعيال, فهذه آخر خروجة سوف نخرجها قبل رمضان, رجاء يا سادة أسرعوا قليلا.. وأنت أيها الشيطان الفصيح, اخلص وقل البقين بتوعك. الشيطان الفصيح: أوامرك يا كبير, الحل هو الإخوان.. شطروفيل: الإخوان؟.. إخوان مين؟! بديعوش: وهل يجوز السؤال فى هذا الأمر.. هو يا سيدنا يقصد جماعة الإخوان؟ عفراتاتنى: اللهم اجعل كلامنا خفيفا عليهم.. يا بنى وهل لدينا القدرة على الاتصال بهؤلاء؟! الشيطان الفصيح: يا سادة لقد أسأتم فهمى , فانا اقصد جماعة إخوان الشياطين, فهذه الفئة من بنى البشر التى تعرف بإسرافها قادرة على أن تنوب عنا نحن معشر الشياطين.. بديعوش: لكن إذا كنت تقصد المسرفين فإن خطرهم محدود, ويتعلق فقط بإهدار الأموال على أشياء غير ضرورية, بينما هذا جزء يسير مما نسعى إليه.. الشيطان الفصيح: يبدو أنكم لا تعرفون شيئا فالدنيا قد تغيرت, وبات هناك مسرفون من كل نوع, ففى مصر مثلا مسرفون فى الدين ومسرفون فى السياسة ومسرفون أمن.. العفراتاتنى: مسرفون أمن؟ الشطروفيل: قفشة يا غبى.. هاه أكمل يا أخ فصيح.. الشيطان الفصيح: أنا شخصيا لدى أصدقاء فى أحزاب وجماعات يدمنون الإسراف, فمنهم من يغالى فى الدين حتى أن بعض المتدينين كفروا بسبب تلك المغالاة, وبعضهم يغالى فى السياسة لدرجة أن شخصيات مشهود لها بالوطنية كفرت بالوطن وتحولت إلى خونة وعملاء, وهكذا تطول القائمة , وهؤلاء كفيلون بأن نستريح نحن ونستغل فترة تصفيدنا خلال شهر رمضان لنذهب إلى المصايف. الشطروفيل : يخرب بيت عقلك ياض أنت ياض.. لابد أن أكافئك على فكرتك الجهنمية هذه.. تمنى على.. الشيطان الفصيح: إذا كنت مصرا, فأنا ارغب فى أن تعيننى رئيسا لمجلس الشياطين حتى أتمكن من سن القوانين الجهنمية خلال الفترة المقبلة. العفراتاتنى: نعم يا خويا, طيب وأنا أروح فين؟! بديعوش: بسيطة تقضى أيامك الأخيرة فى الساحل الشمالى بجهنم, فهناك الهواء ساخن لدرجة الغليان ويمكنك الاستمتاع بشراب المهل وتأكل الضريع مع إخوانك من بنى البشر الذين ضللتهم ودفعتهم لارتكاب المعاصى خلال القرون الماضية فقد آن لك أن تخرج إلى المعاش وتحصل على مكافأة نهاية الخدمة.. العفراتاتنى: ما هذا؟.. يبدو أنكم ستسيرون فى طريق الخصخصة كما كان النظام العفاريتى السابق يفعل.. الشطروفيل: أى نعم, بالفعل هذه خطتنا, فسوف نخصخص شركات الوسوسة ونبيعها لمستثمرين من بنى البشر, فقد تفوقوا علينا – والشهادة لله – فى الوسوسة وتضليل العباد, لذلك فمن الأفضل أن نعطى العيش لخبازه ونستمتع نحن بنيران جهنم حتى تقوم الساعة وبعدها نستضيف شركائنا الكرام من نسل آدم عدونا اللدود. الشيطان الفصيح: المهم, اسمحوا لى أن أقوم بالاتصالات اللازمة كى ارتب ما اتفقنا عليه مع بنى البشر.. لكن هل لدى أحدكم «موديم» أو كارت شحن لزوم «التشات» مع الجماعة فرصيدى قد نفد ومكسورعلىّ فاتورتين.