«انزل بسرعة أبوك لقي تماثيل دهب.. شوف حد أمين يصرفها» رسالة نصية تنحصر من خلالها كل معرفة أهالي الوجه البحري عن الآثار المدفونة تحت المنازل أو مقابر مهجورة، أو كما يطلق عليها البعض في الصعيد الجواني «اللقية، المساخيط». تلك المعرفة مجرد دراية سطحية بالمقارنة بما يعرفه أهالي الصعيد والمناطق النائية التي تخطت حكاياتهم وأساطيرهم المتداولة حد «لعنة الفراعنة»، بل وصلت لحكايات أزمنة حكايات مصاصي الدماء، فتتوارد الحكايات أن من يعثر على المساخيط أسفل منزله، «يا سعده يا هناه» وهو ما دفع البعض إلى إعتقاد أن العثور على الكنز المدفون أول خطوة في طريق الأمل، ولكن البحث عن الثراء السهل ينسيه أن نهاية طريقه الندم. المساخيط تتحرك وتعدد الروايات حول الكنوز الأثرية، فقيل أن إحدى قرى محافظة أسيوط شهدت يومًا أحد الشيوخ - يقصد به الدجال الذي يزعم قدرته على تسخير الجن لفتح المقبرة - رصد الكنز أسفل باب منزل، وبعدها بيومين تحركت التماثيل إلى أسفل حائط جانبى بنهاية المنزل ووقتها وصف الشخص أن هذ الكنز اما أن يترك أو يتطلب الكثير من الدماء التي تنجم عن التشاجر بين أفراد الاسرة ليميل الجنى الحارث لها ويترك الرصد». وتتعد طلبات الدجالين التي يدعون أنها هامة لاستخراج القطع الذهبية أو الآثار من باطن الأرض، التي تبدأ بتحديد المكان ثم متطلبات الجن، ويزعم البعض أنها تتحول إلى جبس وتراب إذا تم مخالفة طلبات الحارس (الجن). فبعض الدجالين والمستغلين لجهل وفقر المواطنين يطلبون الكثير من الطلبات الوهمية أو ربما لكثرة من يتعاملون بالأعمال السفلية لارضاء الجن الحارث على حد قولهم فتصل طلباتهم في بعض الاحيان إلى اختيار سيدة حسناء والتعامل مع جسدها ليرضخ الجنى لتمتمات شيخه، ويوافق على فتح المقبرة بعد تحديد مكانها أو جلب شئ من رائحة فتاة عذراء واذا وافق الجن تستخدم جسدها في فتح المقبرة والأهم أن تكون المقبرة فرعونية حيث إن الآثار يمكن أن تكون رومانية أو مقابر عبيد وهى باخسة الثمن لا يشتريها الأجانب». طلباتكم يا أسيادنا كما أن بعض الشيوخ يغالوانفي الطلبات والتضحيات التي تتسم بإسالة الدماء أو نثر قطع بشرية وخاصة من الشباب الذين لقوا مصرعهم تحت عجلات القطار أو شعر إبط سيدة باسم معين وهي شعوذة رغم وجود الكثيرين ممن ينفذونها أو أكثر منها في سبيل الثراء السريع». وأبرز متطلبات الشيوخ هي البخور والتي يشعلونها أثناء التعزيم على مكان المقبرة لتحديد باب فتحها وتكون عادة تلك البخور إما مغربية أو تشادية مثل الطقش المشهور أو الشيح والمسك الأبيض وهو ذات تأثير أكبر من المسك الأحمر والعنبر فضلا عن بعض الزيوت التي يتم جلبها من السودان ودول أفريقيا التي تشتهر بالسحر وأعماله ويكون ذلك عن طريق الاتصال بين المعزم والجنى، وبعض الشيوخ تشترط أن تأخد ثلث ما يستخرج من المقبرة من تماثيل وعرائس أو يأخذ نصيبه أموالا محددة من قبل الفتح ويتم قراءة الفاتحة على تلك الاتفاقات». أعضاء تناسلية والمرأة الحائض وفي المنيا يأمر الجني حارس المقبرة بقربان أقرب ما يكون للخيال، حيث ينأى بنفسه عن فتح باب المقبرة إلا من خلال تقديم أعضاء تناسلية لبعض الأشخاص، مهرًا للجني حارس الرصد، فمنذ 11 عامًا استيقط أهالي قرية "شمس الدين" بمركز بني مزار في المنيا، على مذبحة مروعة، عندما فوجئوا بذبح 12 شخصًا ما بين "رجال ونساء وأطفال" بطريقة وحشية، كان الهدف الرئيسي منها والذي اكتشفته أجهزة البحث الجنائي فيما بعد، هو بتر الأعضاء التناسلية للذكور والإناث لاستخدامها في التنقيب عن الآثار. وعلل أهالي القرية آنذاك الأمر، أن تلك الأعضاء كان الهدف منها تقديمها ك"قرابين" لفتح الكنز المفقود بالقرية، واتهمت أجهزة الأمن وقتها شابًا في الثلاثين من عمره بارتكاب تلك الواقعة الوحشية. والطلب الأغرب أن أحد الأهالي ادعى عثوره على مقبرة أثرية داخل محله التجاري، وحينما لجأ لأحد المشعوذين، أخبره أن الرصد لن يفتح إلا من خلال مرأة حائض تقف فوق المقبرة، ومن خلالها يسمح لهم الحارس بالدخول. دماء الأطفال والعذارى أما القربان المشترك بين أكثر المعروفين بالسعي وراء المساخيط أو بالأعم الآثار، هي دماء الأطفال وقد يصل الجبروت والمغالاة في الطلبات أن يكون الدم لأحد أبناء صاحب المقبرة، ومن صلبه، أو أن يتساهل الحارس ويرضى بدم أحد أطفال الشوارع أو المخطوفين قربانًا. ففي الأقصر مقابر البر الغربي، وحارسها عبد أسود، وأحيانًا يطلب الدم، ويقوم أصحاب المقبرة بخطف طفل صغير لذبحه، ويشترط ألا يكون بلغ سن الرشد. وهناك من يطلب فتاة بكرًا، لمعاشرتها، وتنزل معه كل يوم، وتعرف الفتاة المقبرة وطريق المقبرة، ويقوم صاحب المنزل بمنع الفتاة عن الحارس الأسود"، بعدها يسمح الحارس لصاحب المنزل بالدخول للمقبرة. وفي البر الشرقي عبارة عن مخازن آثار وليس مقابر، وحارسها عبارة عن دجاجة، وكلب، وذئب، ولا يطلب أي شيء، ويتوجب من يرى ذلك أن يلقي حفنة من التراب على الأشياء التي تظهر له حتى تفتح له المقبرة. وتدخل الدائرة البحث عن طريق الدم محافظة سوهاج، حيث إن بعض المغارات لا تُفتح إلا عن طريق دم يسال، لطرد الجن من المقبرة، فنطلب من صاحب المكان ذبح كائن حي في المكان لكي يتم عمل تعويذات وإطلاق البخور في المكان من أجل طرد الحارس على المقبرة. وفي حالة طرد الجن من المقبرة التي يكون بها الحفر سواء كانت في المنطقة الجبلية أو في منزل، ينهار المكان على العمال الذين ينقبون عن الآثار، وهنا يقع ضحايا وتحدث حالات وفاة.. ليأتي دور السماسرة، فيذهب صاحب البيت في خفاء وسرية تامة إلى السماسرة المشهورين في هذا المجال فيقص عليهم القصة ويأخذ السمسار كمية من تراب هذا البيت تقدر ببعض الجرامات لعرضها على مشايخ هذا المجال. ورغم ما يعرف عن أهالي محافظة أسوان من الطيبة وحسن النية، إلا أن على قدر الطيبة التي تصل لدرجة السذاجة لدى البعض والتي يستغلها بعض المتاجرين بأحلام البسطاء في الغنى السهل، منهم من باع ممتلكاته وخسر أمواله وراء أعمال الحفر والتنقيب، فضلًا عن الدجل والشعوذة، حيث يطلب الدجال أنواع بخور مرتفعة الثمن بكميات كبيرة، ومجموعات زيوت ليستخدمها في أعمال الحفر والتنقيب، ويقنعوا صاحب المنزل بأنهم يحضروا تعاويذ لمقاومة حارس الكنز والذي يطلقون عليه "الرصد"، ومنهم سحرة ودجالون يدعون أنهم قادمون من المغرب، كما يوجد بالفعل بعض المشايخ يكونون من أصل مغربي. ويقنع الدجال صاحب المنزل المستهدف أنه يرى ما في باطن الأرض من آثار وذهب بواسطة تحضير الجن، ويصف لمعاونيه قبل الحفر عدد الأمتار التي يصلون إليها، وعدد الأنفاق التي يواجهونها في طريقهم للوصول إلى المقبرة الأثرية الموجودة تحت الأرض، كما أن بعض الدجالين يطلبون ذبح طفل صغير على الحفر حتى يفتح الكنز، أو ذبح قطة سوداء داخل حفر التنقيب لفتح الصيد، ولا يكون فيها أي نقطة من لون آخر. وأطلقت شائعة في فترة من الفترات أن هناك حالات خطف أطفال في محافظة أسوان، لذبحهم وفتح الكنوز الأثرية من باطن الأرض، ويروي الأهالي أن أحد الأشخاص في مدينة أدفو ذبح ابنه بالفعل بحثًا عن الكنز على حسب طلب الدجال أو الشيخ المسئول عن عمليات الحفر، ولكنه لم يصل إلى شيء وأصابه الندم والحسرة وكان على أعتاب الجنون.