هذه مقالة لن يقرأها أحد من المسئولين، ويبدو أن المشكلة تتعلق بنوعية التعليم التي تلقاها رجال الحكم في بر مصر، أو يبدو أن المشكلة تتعلق بالهوايات التي كانوا يمارسونها منذ أن كانوا صغارا والتي لم تكن القراءة من بينها، وفي فترة من الفترات كدت أن أقسم إن المسألة لا تتعلق بالقراءة ولكنها تتعلق بالفهم والذكاء، فحين كتبت عن وزير سابق للتعليم أنه لا يصلح إلا أن يكون وزيرا للتعتيم كان أن قابلته بعدها في ندوة فإذا به يأخذني بالأحضان والقبلات، فقلت في نفسي لعله يريد أن يحتويني ويُظهر لي أنه يرحب بالنقد مهما كانت قسوته، فإذا به يقول لي ولبعض الحاضرين في الندوة إن الأستاذ وأشار لي اقترح اقتراحا عظيما في مقال سابق له عن التعليم، ثم استطرد يقول: وهذا الاقتراح هو أن تسير الوزارة على سياسة «التعتيم» على إنجازاتها فلا تحكي عنها لأحد حتى تحقق هذه الإنجازات نتائجها المبهرة!. وحين كتبت مقالا انتقد فيه سياسات وزارة الداخلية وانفلاتات أجهزتها التي تزيد حنق المواطنين وغضبهم، وجعلت عنوانا للمقال «السيسي في قبضة الأمن» إذا برجل من كبار الداخلية يهاتفني في نفس يوم نشر المقال، فأيقنت أنه سيعاتبني على مقالي، فإذا به يقول لي: نحن بالفعل يا صديقي نعمل على أن يكون أمن الرئيس السيسي في قبضتنا، فنحن الأمناء عليه وعلى سلامته!. ويا سلام على أيام مضت من حضارتنا المنقضية، ففي عهد هارون الرشيد هرب موسى البرمكي من بغداد بعد أن غضب عليه هارون، وأراد الخليفة أن يستعيده فطلب من زوجة موسى أن ترسل له خطابا تطمئنه فيه وتدعوه للعودة إلى بغداد، فقالت لهارون: لقد تعود زوجي على أن أرسل له لوحة مطرزة تحتوي على كلمات مرسومة بفن من فنون الخط العربي، فوافقها هارون، فكان أن كتبت في اللوحة «يا موسى إنَّ» وبعد أن أرسلت الرسالة واللوحة قال هارون لوزير له إن موسى لن يعود، ولما استفهم منه الوزير قال هارون: سيرسل لها ذات اللوحة التي أرسلتها له وسيضيف حرفا واحدا فقط.. فعادت اللوحة وكانت كلماتها هي»يا موسى إنا» مضيفا الألف بعد النون، فلما استفهم الوزير من هارون قال هارون: قالت له في اللوحة يا موسى إنَّ.. فإذا أكملتها ستجدها آية قرآنية تقول:»يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك» ففهم زوجها المعنى الخفي فأضاف الألف بعد النون لتكون آية قرآنية أخرى هي «يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها». ومن هنا أصبح المثل يقول «الحكاية فيها إنَّ» هؤلاء كانوا يفهمون بالإشارة والرمز، أما الذين لا يفهمون بالإشارة والرمز فسأقول لهم: شريف إسماعيل رئيس وزراء فاشل من الدرجة العالية الرفيعة، ومجدي عبد الغفار يُضرب به المثل في الفشل الشنيع البليد، ومسئول العلاقات العامة في الداخلية أبو بكر عبد الكريم هو الفشل ذات نفسه، وأرجو ألا يهاتفني أحدهم شاكرا ظانا أنني أمتدحهم.