فى غمرة رسائل التطمين المتعددة التى وجهها الرئيس «محمد مرسى» إلى كل طوائف المصريين، وسعياً للاقتراب من الجماهير باعتباره المعبر عنها صرح قائلاً فى إحدى خطبه، إن أبوابى مفتوحة لكم! تحدث الرجل بحسن نية مفرطة، وهو يخاطب كل جماهير البسطاء من أول سائقى الميكروباص إلى سائقى التوك توك، ولم يدرك أن الجماهير ستزحف بشكل فوضوى صارخ إلى القصر الجمهورى لكى تزحم كل الشوارع المؤدية إليه وتحوله - للأسف الشديد- إلى منطقة عشوائية، تماماً مثلما حدث فى عملية تشويه ميدان التحرير والذى كان فى أيام الثورة المجيدة «أيقونة» ورمزاً جميلاً لجسارة المصريين، وسرعان ما تحول- من خلال ممارسات بعض التيارات الثورية الفوضوية التى انتقلت من إسقاط النظام إلى هدم الدولة وتفتيت المجتمع – إلى منطقة عشوائية قبيحة، تزدحم بأدعياء الثورة، ومروجى الفتنة وأنصار الوقيعة بين الشعب وقواته المسلحة الباسلة. وزاد من بشاعة منظر ميدان التحرير ازدحامه بالباعة الجائلين والبلطجية، حيث دارت المعارك الدموية بين الثوار المزعومين والبلطجية والباعة الجائلين، استخدمت فيها الأسلحة البيضاء وطلقات الخرطوش! مصير مؤلم لميدان من أعظم ميادين مصر، والذى كان يحمل منذ البداية اسماً له دلالة وهو «التحرير»، والذى أصبح من بعد ميداناً للثورة. بعد ممارسة رئيس الجمهورية الدكتور «محمد مرسى» لمهام منصبه فى القصر الجمهورى المعروف بقصر الاتحادية، زحفت الجماهير الفوضوية من كل التيارات رافعة أعلامها ومطالبها وشعاراتها، التى تحمل كل المزايدات السياسية الممكنة والمطالبات الفئوية التى لا نهاية لها. ولو راجعنا جريدة «روزاليوسف» فى عددها الصادر فى 4 يوليو الماضى لوجدنا موضوعاً رئيسياً فى صفحتها السابعة بعنوان «فوضى أمام القصر الجمهوري» والعنوان الفرعى «25 حركة ثورية تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين!» ولو راجعنا سجل الأحداث منذ انتقال رئيس الجمهورية إلى القصر الجمهورى لممارسة عمله، لاكتشفنا أن كل الممارسات الفوضوية التى شهدنا أمثلة عديدة لها بعد الثورة، مورست بشكل فيه إهدار لهيبة الدولة وخرق للقانون، وأهم من ذلك مخالفة لقواعد حسن السلوك وآداب الخطاب. والشاهد على ذلك أن الجماهير التى حاولت اقتحام أبواب القصر لمقابلة الرئيس «مرسى» شخصياً- هكذا بغير ترتيب وبغير موعد - والتى منعتها بالطبع قوات الحرس الجمهورى، أخذت تقذف بالطوب أبواب القصر! وحاول بعضهم- ومنهم محام للأسف الشديد- تسلق أبواب القصر، بزعم أنه حرم من التعيين فى النيابة الإدارية ويطالب مقابلة الرئيس لعرض شكواه! ما هذه الفوضى العارمة؟ وما هذا السلوك الغوغائى الذى يدل على عدم تربية الجماهير على السلوك القويم؟ وكيف يمارس رئيس الجمهورية وظيفته، ويتصدى للمشكلات الجسيمة الماثلة أمامه فى ظل هذا الصخب المدوى والضوضاء المقلقة؟ تقول جريدة «روزاليوسف» فى تحقيقها الصحفى عن الموضوع «استخدم المتظاهرون الدفوف ومكبرات الصوت ورفعوا لافتات مكتوب عليها«الإفراج من الضياع العسكرى» كما رددوا هتافات «علىً وعلىً الصوت... اللى بيهتف مش بيموت» و«هنفضل ثورجية لحد ما نوصل للحرية» ولا بأس من الهتاف أيضاً بالشعار الشهير، «يسقط يسقط حكم العسكر»، مع أن «العسكر» سلموا السلطة فى احتفال مهيب للرئيس «مرسى» بعد أن أدى قادتهم التحية العسكرية له! وهكذا يمكن القول إن الرئيس مرسى فى نوبة من نوبات تقربه من الجماهير دعاها لأبوابه المفتوحة! ولم تتأخر الجماهير فى الواقع! وفى ضوء ذلك نقرر أنه ما دام الرئيس قد أحضر العفريت بنفسه فعليه أن يصرفه، وإلا ضاعت هيبة الرئاسة وتبددت مكانة الدولة!