ترى الباحثة الإثنولوجية "سوزانا شروتر" أن على الدولة الألمانية أن تنتبه لبعض ما يحتاجه اللاجئون من الناحية المادية والاجتماعية والدينية، حتى لا يكونوا صيدا سهلا لاستقطاب الجماعات السلفية في ألمانيا، التي تسعى جاهدة لذلك. شروتر أعربت عن قلقها من إقبال السلفيين على مساعدة اللاجئين القادمين حديثا إلى ألمانيا في محطات القطار وفي أماكن أخرى، وهي وسيلة لاستقطابهم فكريا،وتساءلت: إلى أي مدى يشكل هذا الأمر خطرا؟ سوزانا تقول: أعتقد أن الأمر يدعو إلى القلق، فهناك حاليا حملة كبيرة في الأوساط السلفية للاهتمام باللاجئين، إذ يريد السلفيون أن يمنعوا بقدر الإمكان اعتناق بعض اللاجئين المسلمين دينا آخر، ففكرة أن يصبحوا مسيحيين تقلقهم، ويسعى السلفيون -عبر المساعدات الإنسانية المفترضة- إلى إيجاد صلة ارتباط باللاجئين، حيث يقفون وهم يحملون المواد الغذائية والملابس عند محطات القطار، تماما كباقي المساعدين الآخرين. كما تتم مناقشة مقترحات أخرى في الأوساط السلفية لتحقيق هذا الهدف، كأن تستضيف بعض الأسر لاجئين في بيوتها، مثل الأطفال السوريين الذين جاؤوا دون عائلاتهم، كما يتمنى السلفيون أن يستغلوا ظروف اللاجئين في مهمتهم الدعوية، فإذا ذهبت مثلا إلى محطات القطار ستجد بعض الوجوه السلفية المعروفة، التي تحاول أن تجد طريقا للاجئين، فيوزعون سجادات الصلاة، وأغطية للرأس، ونسخ من القرآن، وذلك بحجة تزويد اللاجئين بمستلزمات ضرورية مفترضة، حسب تصورات السلفيين. ما رد فعل اللاجئين لم ننجز لحد الآن بحثا منهجيا، لكننا أجرينا بعض اللقاءات واستمعنا إلى إفادات اللاجئين الشباب الذين وصلوا فرانكفورت، وقد لمسنا أن هناك حاجة كبيرة لديهم للدعم العاطفي والمادي، وهو الأمر المفهوم تماما، فاللاجئون بوضعية نفسية قلقلة ويحتاجون لهذا النوع من الدعم، وأي نوع من الكلام الودي يجد تربة خصبة. لكن ينبغي للمرء أن يميز بين أمرين: فهؤلاء الذين هربوا من بطش "الدولة الإسلامية" لن يكونوا بالتأكيد سعداء بلقاء مقابل ألماني لها هنا، أما الهاربون من بطش نظام الأسد فهم، حسب رأيهم، قد حلوا في مجتمع "كافر"، وبالتالي سيكونون سعداء إن وجدوا مؤمنين مسلمين، يهتمون بهم، فإذا تركت الأمور تسير بهذا الشكل فسينتج عنها مشاكل عدة. إذن ما الذي يمكن فعله لإفشال عروض السلفيين؟ الأمر متوقف على ما تقدمه الدولة والمجتمع المدني من عروض، في الوقت الحالي يبدو أن الدولة تقوم بأقصى مجهود إلى درجة أن الأمر قد يكون فوق طاقتها. في البداية طبعا يكون اللاجئون سعداء، لأنهم في أمان، لكن هناك أيضا جو قمعي في بعض مراكز استقبال اللاجئين، فيدخل الناس في حالة من الملل ولا يشعرون بالراحة،فإذا تلقوا عروضا جيدة يحسون من خلالها بالارتياح كإنسان وكمسلمين أيضا، فإن ذلك سيكون له أثر عكسي على ما يقوم به السلفيون. لكن إن لم تكن هناك عروض يأخذ من خلالها في عين الاعتبار، إذا كان لهؤلاء الناس المكان المناسب للصلاة، أو ما شابه ذلك، فهنا ستتشكل ثغرة سيملؤها الآخرون، وحسب رأيي-حسب سوزانا- لن يتم الأمر إلا ببرامج جيدة فعلا. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل