من بنى سويف.. انتقل المحقق الى أسيوط وتحديدا الى قرية «البربا» التابعة لمركز صدفا، التى شهدت واحدة من أغرب جرائم القتل والاعتداء على حرمة الموتى فى الشهر الكريم.. راح ضحيتها إمام وخطيب مسجد معروف بمحاربته للعنف ونبذ عادة الثأر البغيضة.. ما ان وصل الى القرية حتى لاحظ علامات الحزن الممزوج بالقلق والترقب على كل الوجوه.. استوقف أحد الأهالى وسأله عن تفاصيل الحادث فأجاب منفعلا: « لعن الله الثأر ومن يتمسك به، فبسببه فقدنا الأمن والأمان وكل يوم نستيقظ على نبأ مقتل أحد جيراننا.. وكانت الطامة الكبرى عندما قُتل الشيخ أحمد خليف شيخ معهد صدفا دون ذنب، وأثناء مشاركته فى تشييع جنازة».. قاطعه المحقق متساءلا: «ماذا حدث بالضبط؟».. قال: « الشيخ احمد ينتمى الى عائلة الضبوعة، وهى على خصومة ثأرية مع عائلة الهمامية.. يوم الحادث توفى احد أقارب الشيخ متأثرا بلدغة ثعبان، وبعد ان صلى الناس عليه صلاتى العصر والجنازة حملوا النعش وتوجهوا الى مقابر القرية المجاورة لمساكن الهمامية، وكان الشيخ احمد فى مقدمة المشيعين.. ما ان اقترب الموكب الجنائزى من المقابر حتى فوجئنا بطلقات الرصاص تنهمر علينا كالمطر.. ألقينا جثمان المتوفى على الأرض ولاذ الجميع بالفرار خوفا على حياته ، أما الشيخ احمد فقد امسك به أفراد من الهمامية وبلا رحمة أو مراعاة للشهر الكريم أطلقوا عليه النار فأردوه قتيلا فى الحال، رغم انه بعيد كل البعد عن الخلافات الثأرية وعلاقته رائعة مع الجميع حتى الهمامية أنفسهم». التقط شاهد عيان آخر يدعى «عاطف» طرف الحديث قائلا: « القتيل كان محبوبا من الجميع.. يشدد فى كل خطبه على حرمة الدم ويطالب الجميع بنبذ عادة الثأر، ورغم ان عائلته فى خصومة ثأرية مع الهمامية، إلا انه كان بعيدا كل البعد عن هذه المعارك وكان يتعامل مع خصوم عائلته بشكل طبيعى، وعندما اطلقوا النار على الجنازة هرب الجميع إلا هو وتوجه للمعتدين للحديث معهم وإقناعهم بالتوقف، ولكنهم غدروا به وقتلوه.. وهو أب لثلاثة بنات وكان يحلم بإنجاب الولد الذى يحمل اسمه إلا ان القدر لم يمهله». أما الشاهد «محمد.ح.ف» فتحدث بمرارة بالغة قائلا: « لقد فاض بنا الكيل من ممارسات عائلة الهمامية، فقد تسببوا فى مقتل العديد من الاهالى ونشروا الفزع والرعب فى كل مكان، لدرجة ان البعض هجر القرية والبعض الآخر يفكر فى الرحيل الى اماكن بعيدة.. كما انهم قتلوا رئيس مباحث صدفا من قبل ولم يردعهم رادع.. استنجدنا بالشرطة مرارا وتكرارا ولم يستجب لنا احد.. وكانت آخر جرائمهم قتل الرجل المسالم البعيد عن كل المشاكل والخلافات فى نهار رمضان وأثناء تشييعه جنازة». وأضاف أن الضحية رفض ان يحمل أقاربه السلاح لحماية الجنازة واكد لهم ان الهمامية لن يعتدوا عليهم فى رمضان وانه كفيل بهم، فحدث ما حدث.