اضطرت العائلات المسيحية المصرية التي تعيش بمدينة رفح المصرية إلى الرحيل عن المدينة، التي تقع على الحدود مع قطاع غزة، بعد العديد من التهديدات التي تلقوها من جانب ملثمين يرتدون الزي الأسود، وهم المعروفين بأصحاب الرايات السوداء. وهو ما حدث بتوزيع منشورات تارة، أو بالهجوم وتدمير ممتلكاتهم، كما حدث مؤخراً تارة أخرى، فضلاً عن الهجوم الذي حدث قبل ذلك على الكنيسة هناك وتدمير محتوياتها عقب 52 يناير 2011. أعلم جيداً أن المواطنين المسيحيين المصريين في العريش ليسوا هم وحدهم المستهدفين، وإنما جميع المواطنين المصريين مستهدفين هناك من تيارات إسلامية متشددة سواء كانت سلفية جهادية أو غيرها، والعمل الإرهابي الذي راح ضحيته 61 جندياً مصرياً خلال شهر رمضان الماضي مازال متصدراً مشهد ما يحاول البعض رسم ملامحه على أرض سيناء. كما أعلم أيضاً أنه لم يطلب أحد بشكل رسمي من العائلات المسيحية المصرية الرحيل إلى العريش؛ وإنما هم الذين طلبوا ذلك بعد حالة القلق المزمن من التهديدات المتوالية عليهم، وعدم تأمينهم وحمايتهم. إن ما حدث يستدعي أن نطرح بعض الأسئلة المعلقة التي لا نجد إجابة حاسمة لها، وعلى سبيل المثال: - لماذا لا يتم نشر ما حدث بشكل معلوماتي صحيح، من خلال أجهزة الدولة، سواء المحافظة أو وزارة الداخلية لبيان الحقيقة دون أي تهوين أو تهويل؟. - أين قوات الشرطة من تأمين المواطنين المسيحيين المصريين هناك.. وهي المنوط بها حمايتهم وحفظ أمنهم من ترويع المتطرفين؟. - لماذا لم يتم إلى الآن التعامل مع أصحاب الرايات السوداء؟، وبالتبعية الكشف عن هويتهم وانتماءاتهم وجنسياتهم.. بعد أن أصبحوا مصدراً للترهيب والإرهاب والعنف المسلح على أرض سيناء- التي هي جزء من الأراضي المصرية؟. - كيف يحدث اعتداء على محل (سوبر ماركت) لمواطن مسيحي مصري يقع على بعد أقل من 05م من الحدود؟!، وما يمثله ذلك من إمكانية افتعال أي أعمال إجرامية أو إرهابية على الحدود للاشتباك؟!. - لماذا نسمح باستمرار مثل هذه المهازل تجاه المواطنين المسيحيين المصريين دون اتخاذ إجراءات حاسمة وناجزة؟!. - لماذا نترك المشهد بهذا الشكل الذي يرسخ تحول سيناء إلى منطقة تأوي الإرهابيين والمتطرفين، بما يسمح بعد ذلك من الترويج إلى تأمينها بالقوات الدولية أو الإسرائيلية؟. ما أخشاه، أن يكون هذا المناخ الذي أدى إلى تهجير العائلات المسيحية المصرية من رفح إلى العريش، هو (بروفة) لترحيل العائلات المصرية بوجه عام؛ لتتحول رفح إلى إمارة إسلامية متشددة، يحكمها أصحاب الرايات السوداء.. وهو ما يؤكد العديد من التحليلات والاستنتاجات حول مستقبل الفلسطينيين في قطاع غزة.