تتكرر مشاهد فيلم «العتبة الخضراء» للنجم الراحل إسماعيل ياسين، فى هيئات وإدارات وزارة الأوقاف، فإذا رغبت فى التعيين، أو الحصول على قطعة أرض، ستجد القائم بدور الفنان أحمد مظهر، موجودا بشكل دائم، لاستغلال من يقع أمامه، ويبيع أملاك الدولة لهم، ويقنعهم بأنهم صاروا مليونيرات، ثم يكتشفون أنهم اشتروا الوهم. ومؤخرا حذرت وزارة الأوقاف من عمليات نصب على المواطنين، وقالت إن عدد هذه الحالات وصل إلى 05 ألف ضحية ويدفع الواحد منهم 5 آلاف جنيه فى المتوسط ما يعنى 052 مليون جنيه، وهو الرقم الذى يكشف حجم البيزنس من وراء التعيينات الوهمية فى الوزارة!. إلا أن هذه التحذيرات جاءت متأخرة جدا، على حد قول شيوخ الوزارة، لأن هذه الأوهام بيعت بالفعل للمواطنين، تحت إشراف الوزارة خلال فترة طويلة، مما تسبب فى نمو قطاعات الفساد داخل الوزارة، وحققت مليشيات «العتبة الخضراء» بالأوقاف، ملايين الجنيهات من بيع «الوهم». الشيخ وليد حمامة -إمام وخطيب مسجد وعضو ائتلاف «لا لأخونة الأوقاف»- يكشف الستار عن «بيزنس» الأوقاف قائلاً: إن بيزنس التعيين بالمساجد أهم وأخطر الملفات ولا توجد وظائف شاغرة، لكن الوزارة تعمدت بيع العتبة الخضراء، خاصة أن الضحايا من الفقراء والمعدمين، فالفقر الشديد والجهل، كانا السبب الرئيسى لتقدمهم لشغل وظيفة عامل مسجد أو خادم، وهى وظائف متواضعة يتقاضى خلالها السمسار من خمسة إلى عشرة آلاف جنيه مقابل التعيين، وشهدت محافظة الغربية أكبر عدد من التعيينات الوهمية، لدرجة أن رجلا قام ببناء مسجد على مساحة 57 متراً، ثم قسمه إلى 6 مساجد، كل منها عبارة عن غرفة، وعين بكل مسجد ثلاثة عمال، وتقاضى من ضحاياه مبالغ تجاوزت ال 05 ألف جنيه، وهى ليست حالة فردية، وإنما سياسة تُنتهج بمحافظات الجمهورية كافة. والغريب فى الأمر هو أنها تحصل على تصاريح بالموافقة من قبل وزارة الأوقاف، فضلا عن المساجد الوهمية التى يتم بناؤها على الورق، ثم يتم تعيين العمال فيها ويتقاضون رواتبهم، وعندما يقوم القطاع بالأوقاف، بالتفتيش عليها، لا يجد المساجد، كما أن بالأوقاف أكثر من 03 ألف موظف وهمي. ويضيف الشيخ رضا فاضل -أمين عام النقابة المستقلة للدعاة-: إن ضحايا النصب فى وزارة الأوقاف يقدرون بالآلاف، فالمسابقات الدينية، تشهد وقائع، حيث يحاول البعض إغراء المشتركين، بتصعيدهم للجولة النهائية مقابل مبلغ من المال، فى حين أنهم لا يملكون صلاحية تصعيدهم فعلا، وإنما يكون هدفهم الحصول على أكبر قدر من المال، والمفارقة الغريبة، أنه فى حالة فوز أحد من المتفقين معه يساومونه على نسبة من الجائزة، وهو ما جعل الكثير من الحافظين لكتاب المولى، يُعرضون عن المشاركة بمسابقات القرآن التابعة للأوقاف المصرية، ويبدأون البحث عن المسابقات فى دول الخليج، فضلا عن الشقق والأراضى التابعة لهيئة الأوقاف، والتى يتم الإعلان عنها للجمهور فى حين أنها تكون مباعة مسبقا، للأقارب والأحباب، أما الفقراء والمحتاجون الحقيقون فليس لهم نصيب منها. وبين تحذيرات الوزارة وما يحدث فى الواقع يبقى القرار الأخير ل «مافيا» العتبة الخضراء بالأوقاف.