كان بإمكان إسرائيل سحق جيوش مصر وسوريا والأردن فى وقت واحد، لكن بفضل ذكاء ودهاء الرئيس الراحل محمد أنور السادات استطاعت مصر الحصول على أراضيها. ففى بداية السبعينات من القرن الماضى، كان بإمكان إسرائيل فرض سياستها الخارجية وسيطرتها التامة على المنطقة بفضل تفوقها العسكرى والاقتصادى، وقتها كان جميع قادة العرب ينظرون إليها دائما بترقب شديد خوفا من تكرار حدوث نكسة 67 المذلة للعرب مرة أخرى. وخلال حرب "الأيام الستة" قام الجيش الإسرائيلى بسحق جيوش مصر وسوريا والأردن فى وقت واحد، واحتلت القوات الإسرائيلية شبه جزيرة سيناء من مصر ومرتفعات الجولان من سوريا والضفة الغربية من المملكة الأردنية الهاشمية، وثبت الجيش الإسرائيلى على ضفاف قناة السويس والتى ظلت مغلقة أمام حركة السفن التجارية، وكان انتصار إسرائيل بسرعة البرق واحدا من أهم الهزائم المذلة للعرب جميعا. ومع نهاية الحرب وتحديدا فى 11 يونيو من نفس العام بدأت عملية البحث عن اتفاق لإنهاء الصراع العربى/ الإسرائيلى، وكانت الحكومة الإسرائيلية تعتقد قبل هذه المعركة أنه من الصعب هزيمتها من جانب العرب، وأن العرب بحاجة للجلوس إلى طاولة المفاوضات للبحث عن سبل تسوية النزاع، وكان هذا أيضا موقف البريطانيين والأمريكيين الذين رأوا أن الظروف كانت ملائمة فى ضوء الهزيمة العربية لإيجاد حل جذرى للصراع بين الطرفين، وقتها خرج الزعيم المصرى الراحل جمال عبدالناصر بتصريحه الشهير "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة". لكن بالرغم من تلك التصريحات فإن قدرة مصر العسكرية لم تمكنها من العمل الفورى لإجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل من الأراضى المحتلة دون شروط، وقتها أيضا تحدث ناصر نيابة عن الدول العربية التى شاركت فى الحرب وهى مملكة الأردن وسوريا، على ضرورة استرداد الأرض بالقوة. وعلى الرغم من أنه دعا إلى استمرار الكفاح المسلح ضد إسرائيل، إلا أنه سعى طوال فترة ما بعد الحرب التركيز على العمل السياسى بين مصر وإسرائيل لإيجاد فرصة للسلام والانسحاب دون صراع عسكرى. ومنذ بداية صعوده للحكم وحتى أكتوبر 73، كانت سياسة الرئيس الراحل أنور السادات مختلفة عن سلفه عبدالناصر فيما يتعلق بعودة الأراضى العربية، حيث عاد مرة تلو المرة للحديث عن تسوية تحقق الانسحاب الإسرائيلى الكامل، حيث قال: "لم لا نتخلى عن شبر واحد من أرضنا وإن السلام لن يكون بين مصر وإسرائيل، ولكنه سلام شامل بين الدول العربية وإسرائيل"، وظهر الرئيس السادات أمام الكثيرين فى موقف ضعف مما تسبب فى موجة انتقادات حادة له، ولكنه بعد بضعة أيام خاض الحرب وحقق انتصارا كبيرا على الأرض ولكنه اتخذ خطوات مفاجئة أخرى بعد سنوات من المعركة، وعقد اتفاق سلام إسرائيلى / مصرى، وبالتالى كان أول زعيم عربى يعلن عن استعداده للتوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل، ولولا تلك المفاجآت التى حققها السادات سواء فى الحرب أو السلام ما استطاع المصريون الحصول على شبر واحد من أراضيهم. نقلا عن موقع "نيوز1" الإخبارى الإسرائيلى.