في درب المهابيل قررنا تشكيل لجنة عليا لإعداد دستور للحارة ، واشترطنا في أعضاء اللجنة أن يكونوا من أصحاب العقول لا أصحاب العجول ، فقد أصابنا الانفهاش الأبدي، عندما عرفنا أن اللجنة العليا التي تكتب دستور دولة مصر، تم تشكيلها من مجموعة من "حلاقي الصحة"، وأعلى ما فعله أبرز أعضاء اللجنة، هو أنه كان "يطاهر" العيال في مولد السيد البدوي ومولد سيدنا الحسين! ثم وصلتنا أخبار أكيدة بأن بعض أعضاء اللجنة كانوا مسجلين خطر نشل ، وأن رئيس لجنة من لجان الدستور كل علاقته بالقانون أنه كان متهما في قضية تحرش وفعل فاضح في الطريق العام، واستطاع ببراءة أن يرد على أمين الشرطة بأسانيد قانونية قوية استغل فيها ثغرة من ثغرات القانون، حيث أثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه جاء له حصر بول، وأنه مريض سكر فاضطر إلى القيام بما لا يحمد عقباه ، وقد كانت براعته هذه سببا في اختياره رئيسا لإحدى لجان الدستور . المهم يا سادة يا كرام وما يطيب الحكي إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام، المهم أننا في الحارة وجدنا أن لدينا كفاءات عظيمة أعلى من كفاءات الهيئة التأسيسية للدستور المصري، فقررنا أن نقوم بصياغة دستور، وكلنا ثقة في أن دستورنا الذي سيخرج من يراع الحارة العريقة سينطح دستور الإخوان . ولكن أول مشكلة قابلتنا هي أن الإخوان الذين يكتبون دستور مصر، كانوا يقولون في هتافاتهم الحنجورية ( القرآن دستورنا ) فكيف بهم يسعون لإعداد دستور والقرآن بين ظهرانينا ؟! المشكلة الثانية هي أن حارة درب المهابيل وقع تحت يدها نص الخطاب الأصلي الذي وجهه الرئيس الإخواني محمد مرسي للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، والذي تناقلت وسائل الإعلام بعض سطوره، وقالت إن مرسي بدأ الخطاب بعبارة صديقي العظيم شيمون بيريز !! ومن خلال الخطاب اتضح أن شعارات الإخوان في السنوات السابقة كانت مجرد شعارات ، فهل سيكون الدستور الذي يكتبه الإخوان دستور شعارات ؟ وهل من المفترض وفقا لهذا أن ننافسهم ونكتب دستور شعارات يتفوق على شعاراتهم؟ ولكي تكون الصورة كاملة أمام أهل حارة درب المهابيل قمت بجمع أهل الحارة ومعهم الهيئة التأسيسية لدستور الحارة وقرأت عليهم الخطاب الحقيقي للرئيس الإخواني محمد مرسي الذي وجهه للرئ يس الإسرائيلي شيمون بيريز ، وطبعا قبل أن اقرأ الخطاب قلت لأهل الحارة كل المعلومات عن بيريز وأنه مجرم حرب وأنه قتل مئات المصريين وآلاف الفلسطينين وأنه يحاول هدم المسجد الأقصى وأنه ما فتأ يهرق دماء المسلمين دون أن يرمش له جفن، ثم قمت في ذات الوقت بتشغيل شريط فيديو عليه خطبة عصماء خطبها الإخواني صفوت حجازي أيام انتخابات الرئاسة، وكانت في حضور الرئيس مرسي الذي تحركت أشداقه بضحكات شابها الانبهار، عندما أخذ الأخ صفوت حجازي يعدنا بدولة الخلافة، وأننا سندافع عن المسجد الأقصى ، ثم ما لبث حجازي أن بدأ يهتف والأخ مرسي يهتف وراءه " ع القدس رايحين شهدا بالملايين " حتى أن أهل الحارة وهم يشاهدون هذا المشهد التاريخي بلغ بهم الحماس مبلغا فأخذنا نهتف معهم . سكت أهل الحارة وكأن على رؤوسهم الطير، وقال لي أحدهم : هيا أبا يكح اقرأ علينا خطاب مرسي الحقيقي الذي أرسله لبيريز ، فأمسكت الخطاب وأخذت أقرأ : ( أخي وحبيبي وقرة عيني شيمون بيريز ، تقبل قبلاتي وأشواقي ، أحب أن أخبرك يا حبيب قلبي أنني في شوق شديد إليك حتى أنني عندما أتذكرك تفر الدموع من عيني ، المهم يا صديقي الحبيب لا تهتم بمن يزايدون على صداقتنا ويثيرون الأقاويل ويقولون إننا نبتغي القضاء عليكم ، وكيف لنا أن نقضي على دولة إسرائيل الحبيبة ، وكيف لنا أن ننهي المعاهدات بيننا، لقد تعهدنا أمام قيادات العالم أننا سنظل محافظين على العهد الذي بيننا وبينكم ، ولن يستطيع إنسان أن يخدش تلك العلاقة البريئة التي أطمع أن نحصل من خلالها على لقب ( أحسن couple في العالم ) . يا حبيب قلبي ويا قرة عيني ومهجة فؤادي لا تشغل بالك بالعبارات التي قالها الواد صفوت الشغال بأننا على القدس رايحين شهدا بالملايين ، فأنت تعرف أن صفوت ألدغ في بعض الحروف ، هو كان يقصد كلمات أخرى هي ( ع القدس رايحين سفرا بالملايين ) ولكن الكلمة خرجت "شهدا" رغما عن أنفه، وطبعا رغما عن أنفه لأنه يتكلم من أنفه كما تعلمون سيادتكم ، ولعلكم تعرفون أنه سبب لنا حرجا كبيرا، عندما التقى منذ عامين بمعمر القذافي عليه رحمة الله إذ كانت مخارج الحروف كلها عنده بايظة . ولتأكيد ما سلف فإنني اكتفيت بإرسال سفير واحد في هذه المرحلة الحساسة، وقد كان كل اهتمامي أن أرسله لك في القدس ليحتسي معك أمام العالم قدرا من الويسكي، وطبعا أنت تعلم أن يكون لقاؤه بك في القدس ، فالقدس التي لا يعترف العالم العربي والإسلامي الأبله بها كعاصمة لبلدكم الصديق قد أصبحت حقيقة واقعة لا يجوز إنكارها حتى أن أمريكا اعترفت بها علنا، فكيف لنا أن ننكرها بعد أن أقر بها سادتنا وتاج رؤوسنا الأمريكان ، لذلك كانت تعليماتي للسفير أن يتقابل معكم في العاصمة الأبدية لبلادكم العزيزة على قلوبنا، أن يتقابل معكم في القدس لا في تل أبيب ، وفي نهاية خطابي ابشرك بأن الحب سيدوم بيننا طالما أن في بلادنا عددا كبيرا من المغفلين وطالما أن في جماعتنا المشتركة " الإخوان " من يسهل إدارتهم بالريموت.. حبيبك للأبد رئيس مصر الإخواني ) . وبعد أن قمت بتلاوة الخطاب هاجت الحارة وماجت وصممت على أن نعيش في فترة شعارات وأن نقلد دستور الإخوان بل ونتفوق عليهم ، أمسك الواد " فلحوس " رئيس لجنة الصياغة الخاصة بالحارة بتاعتنا ورقة وقلما ، وللعلم الواد فلحوس كان في يوم من الأيام رئيس هيئة استغلال القضاء ، وليس استقلال ، الفارق نقطة واحدة فقط كما تعلمون ، وأمسك في اليد الثانية مسودة دستور الإخوان وأخذ يقلدها ويزايد عليها " ثكلته أمه " . كتب الواد فلحوس : المادة الأولى من دستور الإخوان تقول : والشعب المصري يعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الأفريقية وامتداده الأسيوي . ثم اضاف لها : كما أن الشعب المصري لا يفوته أن يشكر دولة إسرائيل الشقيقة ويهديها أطيب الأمنيات ويسألها بهذه المناسبة " تحبي تسمعي إيه " . ثم كتب فلحوس من المادة الأولى لدستور الإخوان : جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة وموحدة . ثم أضاف لها : ولا تقبل جمهورية مصر الاحتلال الانجليزي أو العثماني وتشجب الحملة الفرنسية التي تهدد استقلالها ووحدتها . ولأن فلحوس واد صايع فقد كتب المادة الثانية عشر من دستور الإخوان والتي تنص على أن : ( إنشاء الرتب المدنية محظور ) . وبعد إجماع أهل الحارة أضاف لها الواد فلحوس الآتي : وذلك لأن سعادتلو عزتلو معالي دولة الباشا رئيس الوزراء يرفض التمييز ويرى أن المواطنين أمام الرتب المدنية سواء لا فارق بين باشا ولا بك ولا أفندي إلا بقلادة النيل . ثم كتب الواد فلحوس المادة 23 من دستور الإخوان التي تنص على أن : ( الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز مصادرتها ) وبعدها كتب المادة 26 من دستور الإخوان التي تنص على أن : ( لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام) . وعندما اراد الواد فلحوس أن يضيف شيئا من بنات أفكار الحارة لهذه المادة لم يجد إلا العبارة الآتية : (وحياة امك ) . ثم كتب المادة 29 من دستور الإخوان التي تنص على أنه : ( الجنسية المصرية حق ينظمه القانون ويحظر إسقاطها عن مصري ) . ثم أضاف لها : ألم نقل لك يا سيد شيمون بيريز إننا لن نسقط جنسية المصريين الذين تجنسوا بالجنسية الإسرائيلية اطمئن وطمئن الجواسيس الذين عندك سيظلون مصريين للأبد . ثم كتب الواد فلحوس للمرة الخامسة المادة 71 من دستور الإخوان التي تنص على أنه ( يحظر الرق ) ثم اضاف لها ، ويتم إلغاء سوق الخميس الذي تباع فيه الإماء والغلمان والعبيد ولا يجوز للشخص الواحد أن يكون في ملك يمينه أكثر من ستة جواري بما لا يخالف شرع الله . ثم كتب مادة من دستور الإخوان تنص على أن : الرياضة للجميع ... ثم أضاف لها والجميع للرياضة وانا وانت واللي يحبنا ما يضربش نار في فرحنا . ومن بعدها كتب مادة من دستور الإخوان تنص على : الادخار واجب وطني ... ثم أضاف لها ، وغسل اليدين قبل الأكل وبعده وغسل الأسنان أمر يمليه ضمير البشرية . وأخيرا زهق المشرع الدستوري للحارة الواد فلحوس ، فجمع أهل الحارة وذهب بهم في مظاهرة إلى مقر الهيئة التأسيسية للدستور ، وعلي باب الهيئة التأسيسية خرج افراد من تلك الهيئة البائسة تستطلع الأخبار فإذا بالواد فلحوس يشخط فيهم قائلا : ياللا ياد انت وهو من هنا انتو طلعتوا شوية عيال صيع صحيح جتكم البلا.