حين أكون عاشقا، أشعر أني ملك الزمان، أمتلك الأرض وما عليها، وأدخل الشمس على حصاني، حين أكون عاشقا، أجعل شاه الفرس من رعيتي، وأخضع الصين لصولجاني، وأنقل البحار من مكانها، ولو أردت أوقف الثواني، حين أكون عاشقا، أصبح ضوءا سائلا، لاتستطيع العين أن تراني، وتصبح الأشعار في دفاتري، حقول ميموزا وأقحوان، حين أكون عاشقا، تنفجر المياه من أصابعي، وينبت العشب على لساني. هكذا تخيل الشاعر الكبير نزار قبانى حاله وهو عاشق، فالحب عنده حالة من الكمال والإرادة يشعر بها المحب، فيرى نفسه قد جمع الدنيا وما فيها وانتقل إلى الشمس فاخضعها والقمر قد تلاشى نوره أمام نور حبيبته، إنها حالة من البهجة والسعادة يعيش فيها كل من أحب ويحب! وعندما يمر بنا عيد الحب المصرى، فى الرابع من نوفمبر، من كل عام، دون احتفال كما كان فلابد أن نتوقف لنرى ونحلل ما يختمر فى قاع المجتمع عندما يتحول الحب إلى عدو يجب محاربته، وفيروس تجب مكافحته، وشيطان يجب رجمه فى ميدان عام! كان الموقف الرئيسى من عيد الحب العالمى "الفالنتين"، الذى يحل فى 14 فبراير، انه عيد غربى ارتبط بمناسبة غربية لا علاقة لنا بها، و هى الحجة التى اتخذها بعض السلفيين للهجوم على الاحتفال به، فإذا بالكاتب الكبير مصطفى أمين يدعو إلى عيد للحب يكون مصريا خالصا، ومع ذلك هناك من يحرمه ويتشدد فى تحريمه. ففى يوم من أيام عام 1974 كان كاتبنا الكبير يمر بميدان السيدة زينب فرأى جنازة لا يسير وراءها سوى ثلاثة رجال وعندما سأل عن سبب ذلك كانت الإجابة أن الميت لم يكن يحب أحدا فلم يحبه أحد! ولنا أن نسأل ملايين من المصريين الآن كم منهم لا يحبون أحداً ولا يحبهم أحد؟! إن الحالة التى يمر بها المجتمع بعد المد السلفى المستمر يخضع لحالة من الانغلاق على الذات والعنصرية لم تعرفها مصر من قبل، والسياسة التى يتبعها التيار المتأسلم تنذر بتفكك أواصر المجتمع وتدفع للفتنة الطائفية وهو ما يجب أن نتنبه له. وربما يكون الاحتفال بمناسبة عيد الحب المصرى خير بداية لإعادة الوسطية المصرية التى كانت دائما أكبر دليل على صحة المجتمع المصرى وحيويته وهى الخطوة الأولى للنهضة بمفهومها المعنوى وليس بمفهومها السياسى والوهمى والمنسوب لخيرت الشاطر! والذين يحرمون مجرد الاحتفال بعيد الحب بمعناه الراقى والسامى، الذى قال عنه الشاعر يوما: إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى فكن حجرا من يابس الصخر جلمد. هم من يتزوجون القاصرات، ومن يتم ضبطهم يمارسون الفعل الفاضح على الطريق العام.