ولد نيلسون مانديلا الأسطورة، أحد رموز الكفاح ضد الاستبداد والتمييز العنصرى فى أسرة فقيرة عام 1918 وتحديدا 28 يوليو، وهو اليوم الذى يحتفل فيه العالم بميلاد شخصية عظيمة علمت الشعوب مبادئ التسامح والمساواة والنضال من أجل حكم العدل والقانون.. فتح عينيه على بلد يعيش فيه أبناء جلدته من السود السكان الأصليين لجنوب أفريقيا أبشع مظاهر القهر والتنكيل من حكامها البيض.. التحق مانديلا بحزب المؤتمر الوطنى الأفريقى 1942 ودرس المحاماة وأكمل دراستها مضطرا بالمراسلة. وفى 1960 حدثت مذبحة شاربفيل التى قتلت فيها الشرطة 69 من السود المشاركين سلميا فى مظاهرة ضد قوانين المرور العنصرية، وتحول بعدها عمل حزب المؤتمر إلى العمل السرى وانتقل الشباب إلى واجهة هذا العمل المناهض للسلطة المستبدة.. ألقى القبض على مانديلا 1962 وظل فى غياهب السجن لمدة 28 عاما، حيث خرج من محبسه 1990. وبعد خروجه تولى قيادة حزب المؤتمر.. تناسى مانديلا عذاباته والظلم الواقع عليه ونادى بالتسامح وعدم الانتقام مجنبا بلاده أهوال حرب أهلية وفى سبيل ذلك مد يده المتسامحة مصافحا جلاديه متعاوننا مع دى كليرك آخر رؤساء حكومة الأقلية البيضاء ونالا معا 1993 جائزة نوبل للسلام.. تولى مانديلا 1994 منصب الرئاسة فى بلاده معلنا عن ثقافة التسامح وعدالة انتقالية احتوت عناصر الأمة المتناقضة من سود وبيض وهنود وملونين، وبعد أن أرسى دولة المساواة والعدل والقانون خطى ببلاده نحو الاستقرار والازدهار مجمعا أبناءها تحت راية الولاء والعمل والأمل.. تخلى الأسطورة عن رئاسة الحزب 1997.. ثم رفض ترشيح نفسه مرة أخرى للرئاسة 1999، جاب مانديلا العالم مناديا بالعدل والتسامح ومناديا بفض المنازعات وأيقونة للسلام العالمى مرحبا به ومحترما لذاته قبل احترام الآخرين.. هذه مقدمة صغيرة عن مانديلا فهو لا تكفيه كتب، أملا أن نأخذ منها العبر وبلادنا الحبيبة تمر بمرحلة خطيرة بعد ثورة عظيمة أطاحت بسلميتها حكما مستبدا لعشرات السنين.. وقد بارك مانديلا ثورة مصر وخاطبنا ناصحا بأن نحتذى برسولنا الكريم فى فتح مكة عندما قال صلى الله عليه وسلم لمن نكلوا به وأخرجوه من بلده من الكفار أذهبوا فأنتم الطلقاء، استوعب مانديلا جملة نبينا الكريم وطبقها ونال خيرها وها هو ينصحنا بها فهل من مجيب.. بلادنا تتعرض لمخاطر التقسيم والانهيار الاقتصادى والعناد مستمر.. ورأيى أن المسئولية الأكبر تقع على الرئيس الذى وعد قبل انتخابه بلم شمل القوى الوطنية بإجراءات محددة منها حكومة ائتلافية ترأسها شخصية وطنية وبدستور لا يعرض على الاستفتاء الشعبى إلا بعد التوافق عليه ولن ندخل فى وعود ال200 مليار دولار التى ستضخ للاقتصاد فى أربع سنين ولا مشروع النهضة الذى لم تظهر ملامحه حتى الآن ولا وعود المائة يوم ولم يتحقق أى من تلك الوعود. هل فات الوقت فى ظل هذه الممارسات التى تزيد الشارع احتقانا وتدفع البلاد إلى ما هو أسوأ.. مصر فى وضع ليس أسوأ من جنوب أفريقيا عندما تولى مسئوليتها مانديلا، فقط على الرئيس أن يكون رئيسا لكل المصريين كما يدعى فى كل خطاباته وليس كما يعتقد معظم المصريين أنه لا يشاور أو يحكم إلا جماعته. سيادة الرئيس لو أوفيت بوعودك لما ذهب الشعب للاستفتاء على دستور قسم المصريين ولما كانت تدير شئون البلاد حكومة بهذا الضعف ولما عين نائب عام منتم لجماعتك ولما اتجهت الجماعة للسيطرة على مفاصل الدولة، فمؤسسات الدولة يجب أن تكون محايدة فقط تحكمها الكفاءة فسوف ترحل سيدى الرئيس بعد ثلاث سنوات إذا تحملت البلاد هذه الأوضاع والانفلات والرخاوة.. مصر تستحق أن يكون رئيسها لن أقول مانديلا بل سيدى الرئيس كن جزءا من مانديلا أو لترحل.