«القرآن رحمة .. والإنجيل محبة» كلمات قليلة لها دلالة كبيرة يمكن أن تعالج حالة الاحتقان العابرة بين نسيج الأمة المصرية من المسلمين والمسيحيين, خاصة أن التسامح يجمعهما فى وطن واحد تحت مظلة الوحدة الوطنية. صاحب هذه الكلمات هو الدكتور أحمد الصاوى أستاذ أصول التربية بجامعة الأزهر الذي قال : إن هناك ضرورة ملحة لا تقبل التأجيل للبحث عن أرضية مشتركة للتعايش بين المسلمين والمسيحيين ، من خلال حوار هادئ بينهما بعيدا عن التعصب الأعمى , يؤسس لعلاقة جيدة تقى مصر صراعا لا ينتج عنه إلا المآسى. مقترح الصاوى يأتى لإيمانه بأن طرفى الأمة فى امتحان صعب , وهو امتحان – كما يقول – لابد منه ليفهما ما انزل الله فى قرآن الرحمة وإنجيل المحبة ويقوما بما اوجب الله عليهما تجاه الناس بغض النظر عن سلوك هؤلاء الناس تجاهم, مذكرا الطرف الإسلامى بقول الله سبحانه وتعالى « ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» ومذكرا الطرف المسيحى بما جاء فى الإنجيل «وأى فضل لكم أن سلمتم على اخوتكم فقط، وأى اجر لكم ان أحببتم الذين يحبونكم». «على المسلمين ان يركزوا فى دراستهم للإنجيل على ما يعتبرونه ايجابيا , ليكتشفوا عالما واسعا من الهدى والنور والاخلاق والرحمة» هكذا قال الدكتور الصاوى , ناصحا فى الوقت نفسه المسيحيين بعدم التركيز فى دراستهم للقرآن الكريم على الشبهات المثارة , لأنه يحرمهم من رؤية الانوار الساطعة فى القرآن . . وفى ذات السياق اوضح الدكتور الصاوى انه لا يقصد ترك الروح النقدية فى المدارسة , وانما توجيه بوصلتها للتفرقة بين ما انزله الله وما فهمه الناس وتأولوه وتدخلوا فيه، مشددا على اننا فى حاجة ماسة وعاجلة لفتح أعين الفريقين على الجوانب الايجابية لتقريب الهوة السحيقة بينهما – على حد وصفه . التركيز على القيم الانسانية المشتركة فى الرسالتين السماويتين امر حتمى - وفق رؤية الدكتور الصاوى – والتقارب الدينى لا يعنى تنازل اى طرف عن افكاره ومعتقداته , وانما يعنى الفهم الواعى للقيم الانسانية المشتركة فى الكتابين، والتى لا ينكرها دين ولا مذهب ولا اى فلسفة من الفلسفات . وعن القيم النورانية فى الانجيل والتى يوجد امثال لها فى القرآن , قال الدكتور الصاوى إن الانجيل حدثنا عن قصة يهودى سأل يسوع من هو قريبى ؟ فأجابه يسوع قائلا «انسان كان نازلا من اورشليم الى اريحا فوقع بين لصوص فعروه وجرحوه ومضوا وتركوه بين حى وميت , فعرف ان كاهنا نزل فى ذلك الطريق ونظر وجاز مقابله وكذلك لأوى ايضا اذا صار عند المكان وجاز مقابله , ولكن سامريا مسافرا جاء اليه ولما رآه تحنن فتقدم وضمد جراحه وصب عليها زيتا وخمرا واركبه على دابته وأتى به الى فندق واعتنى به , وفى الغد لما مضى اخرج دينارين واعطاهما لصاحب الفندق وقال له : اعتن به ومهما انفقت اكثر فعند رجوعى اوفيك , فأى هؤلاء الثلاثة ترى قريبا للذى وقع بين اللصوص؟ فقال الذى صنع معه الرحمة , فقال له يسوع : اذهب انت ايضا واصنع هكذا ». الدكتور الصاوى اكد ان هندسة مد الجسور مع الآخر المختلف معنا فى الدين لها محاذير تجب مراعاتها اولاها عدم الجلوس فى مجلس يكون الحوار فيه موجها نحو الاستهزاء بالقيم الدينية، او استهزاء غير المسلمين لعقائد غيرهم , محذرا من مثل هذه المجالس،لأنها تعتبر مجالس معصية وواجب على المؤمن مفارقتها، ومحذرا ايضا من الانجرار فى الكلام الى ما لا يوافق الشرع او التراجع عن اصول ثابتة فى الدين، وهى تحذيرات للمسلمين والمسيحيين على حد سواء . « بعد ثورة يناير آن الأوان للبحث عن سبل جديدة للتواصل والتقارب بين المسلمين والمسيحيين واعتقد ان ما اسماه القرآن «بالدفع بالتى هى احسن», واسماه الانجيل «الاحسان الى المبغضين» ينبغى تكريسه والعمل به حتى يصير عدو الامس وليا حميما، وهى مسئولية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين على مختلف المستويات « هكذا قال الدكتور الصاوى , مؤكدا ان دعوة سيدنا عيسى عليه السلام بمثابة بيان لحقيقة الرسالة الربانية الواحدة التى جاء بها كل الأنبياء واختتمها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الاسلام .