أحرام على بلابله الدوح .. حلال للطير من كل جنس.. بيت من شعر أمير الشعراء, كتبه شوقي وكأنه يصف حال أبناء سيناء, الذين حرم عليهم العمل في شركات البترول المقامة على أراضيهم في وقت سمح فيه للأجنبي -حتى الإسرئيلي- بتكسب رزقه من خيرات تخرج من رحم الأرض المصرية! سليم سربوح, شاب سيناوي, من قبيلة الحماضة, يجلس كل يوم ليندب حظه وأقرانه من أبناء القبائل الذين حرموا من العمل بشركات البترول المنتشرة بطول وعرض "أبو رديس", جنوب مدينة الطور, وقائلا: أبو رديس هي أكبر مدينة بترولية في مصر, تنتج 120 ألف برميل يوميا, وبها 54 شركة بترول, هي مصدر أرزاق 6 آلاف عامل, ليس بينهم سوى واحد بالمائة من أبناء القبائل والباقون إما من المحافظات المختلفة -دون سيناء- أو أجانب. بغضب وحدة "مبررة" يضيف سربوح: تصوروا حتى "اليهود" الصهاينة ينعمون بخيرات بلادنا وبعضهم يتكسب رزقه من الغاز الطبيعي المصري, بينما نحن أبناء سيناء الذين ضحينا بأرواحنا محظور علينا العمل بتلك الشركات التي بدأت عملها قبل نحو نصف قرن من الزمان, تحديدا عام 1953.. "لعنة و نقمة".. هكذا يصف أحمد الهريش شيخ القدارشة بجنوبسيناء تلك الشركات التي زرعت في أراضيهم فجاءت بالخير على الجميع سواهم, موضحا: في الوقت الذي تدخل هذه الشركات مليارات الجنيهات للبلد وتفتح بيوت الكثيرين من غير أبناء سيناء, ترمى إلينا بفضلاتها الملوثة وبقع الزيت التي تخضب مياه خليج السويس.. حتى المطار الذي تنطلق منه وتهبط فيه طائرات شركات البترول بنوه في المنطقة التي نعيش فيها وسط المدارس والمستشفيات, وحرمونا من بناء دورين فوق بعضهما في مساكننا, حتى لا نعيق حركة الطيران.. لحظات من الصمت تسيطر على الهريش.. يمتعض وتختفي ملامح وجهه خلف تكشيرة كبيرة لا تنقصها المرارة قبل أن ينهى كلامه: لوثوا الشاطئ وملئوا الجو بغازات سامة تقتحم صدورنا, فلماذا لا نكون أولى بخيرات أرضنا, فيعملون ونعمل معهم.. فليقدموا يد العون لمرافق المدينة وينظفون ما لوثته مخلفاتنا!