[email protected] أشهد بأننى رغم الوقت الطويل الذى قضيته فى العمل الإعلامى والاحتكاك بمختلف القوى السياسية إلا أننى مازلت أعانى من الطيبة السياسية التى تصل إلى حد السذاجة وذلك يعود بالمقام الأول إلى حسن النية المطلق عندى، وتخيُّلي أن العالم يعيش فى مثالية على الأقل تفرض عليه التقيد بحد أدنى من الأخلاق وهو ما أصبح فى عداد السراب الآن.. ما ذكرنى بسذاجتى السياسية ما حدث لى هذا الاسبوع، حينما وجدت مع احد الزملاء نسخة من مسودة الدستور صادرة عن نقابة المحامين فاستعرتها منه، لاتصفح بهدوء مواد الدستور التى أصبحت حديث العامة والخاصة فى كل مكان، وبعد ما قرأتها وجدت نفسى اتحفظ على بعض مواده، ومنها: مادة تنص على ان نظام الانتخابات القادم بالقائمة للثلثين والثلث فردى، ويجوز للأحزاب الدخول عليه، وهو ما اعتبرته تفصيلا للانتخابات القادمة على مقاس التيار الاسلامى فقط، باعتباره الأوفر حظا فى الفوز اذا اجريت الانتخابات بهذا النظام.. إلا ان المفأجاة الصادمة هى انه يوم الاستفتاء وقعت فى يدى نسخة اخرى من الدستور موقعة من المستشار حسام الغريانى، وحينما تصفحتها وجدتها مختلفة تماما عما قرأته من قبل.. إلى هذا الحد وصلت بنا صناعة الكذب إلى اختلاق ما هو غير موجود وإشاعته بين الناس لتضليلهم عن الحقيقة، والغريب أنى علمت أنه تم طباعة آلاف النسخ من هذا الدستور المزيف وتم توزيعه على الناس.. العديد من الأسئلة نهشت عقلى الساذج.. من يستطيع الكذب بهذه الفجاجة؟ وهل تدار الخصومات السياسية بالكذب وحده؟. الإجابة بالطبع، لا.. ليته كان الكذب وحده، وإنما هناك العشرات من الأساليب القذرة وأكثرها بغضا لى هى ازدواجية المعايير، لماذا انتفض الجميع لحصار مدينة الإنتاج الإعلامى ولم ينتفض احد لحصار بيت الله وبداخله قامة وطنية مثل الشيخ المحلاوى؟ وهل يمكن أن أعقل أن الداخلية عجزت عن إخراج الرجل المريض من المسجد لأكثر من 14 ساعة، والغريب انها لم تقبض إلا على شخص واحد ملتح، بحجة حمله سلاحاً غير مرخص وكأن الذين كانوا يحاصرون المسجد أشباح؟ لماذا انتفض الجميع فى جنازة الحسينى أبو ضيف، ولم يتكلم أحد عن التسعة الذين سبقوه إلى ربهم؟ لماذا ثارت الثائرة لاحراق حزب الوفد، وهو عمل بغيض نرفضه جميعا، بينما كنت أرى السعادة فى وجه الجميع حينما تُحرق مقار الحرية والعدالة؟ المئات من المواقف التى تدل على تعمد صناعة الكذب والتعامل بازدواجية مع مواقف متطابقة.. اللهم احفظ مصر من كيد كل كاذب.