بين مقر مؤسسة «الأهرام» وتحديدا مركز الدراسات السياسية والإستراتجية ومدينة الإنتاج الإعلامي مسافة كبيرة جدا يبدو أن الزميل والخبير في شئون الحركات الإسلامية الدكتور –كما يطلق عليه زملاؤه- ضياء رشوان أراد استغلالها في كتابة مقاله المنشور بالزميلة «المصري اليوم» في عددها الصادر الأربعاء الماضي والذي حمل عنوان « لجنة التأكد من نزاهة انتخابات» الذي حاول «رشوان» من خلاله أن يجد لنفسه موضع قدم في أزمة اللجنة العليا للانتخابات المتعلقة بإعلانها «تعليق عملها» ورفضها تجاوزات عدد من نواب البرلمان ضد أعدادها. المسافة بين الأهرام والمدينة يبدو أنها أيضا لم تكن كافية لأن ينتهي« رشوان » من المقالة وهو ما أوضحته حالة الإزداوجية وعدم وجود تناسق بين ما كتب في بداية المقالة وما كان في نهايته ف«الباحث الإستراتيجي» تحدث في النصف الأول من مقاله عن يد «العسكري» النظيفة التي جعلت المصريين يشهدون أول انتخابات حقيقية لنواب البرلمان سواء الشعب أو الشورى وفي النهاية قدم اقتراحا بتشكيل لجنة مهمتها الرئيسية الوقوف في وجه محاولات التزوير وأيضا مواجهة الأصوات المتوقع أن ترفض ما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية المنتظرة وبدأ «رشوان» مقاله بقوله : لأنها المرة الأولى في تاريخنا الحديث التي نقوم فيها باختيار رئيسنا بالانتخاب الحر المباشر، ولأننا تعودنا خلال السنوات الطويلة التي جثمت فيها على صدورنا الأنظمة المستبدة أن تزور إرادتنا وأصواتنا، فإن كثيرين منا تنتابهم شكوك ومخاوف من أن يحدث تدخل أو تزوير في انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة بعد أقل من ثلاثة أسابيع. وإلى جانب خبرة الماضي السيئة، فإن بعض القوى والتيارات السياسية والمرشحين الذين تحوط نجاحهم صعاب أو شكوك، راحوا يثيرون مخاوف علنية من تزوير الانتخابات الرئاسية مصحوبة ببعض التهديدات بعدم قبول نتائجها، بل وذهب البعض إلى الحديث عن ثورة أخرى يمكن أن تشهدها البلاد بسبب ذلك إذا حدث. «رشوان» – كعادته في الكتابة- أطلق العنان للتساؤلات حتى تتاح له الفرصة أن يقدم البرهان للجميع بأنه يستحق لقب «الباحث الإستراتيجي» فسرعان ما بدأ في تفنيد التساؤلات وتقديم الإجابات الصحيحة لها حيث أكمل بقوله : ترجيح وقوع تزوير في هذه الانتخابات وأي انتخابات عامة يستند عادة إلى أحد أمرين أو كليهما: وجود سوابق مؤكدة للتزوير في انتخابات سابقة أدارها النظام السياسي نفسه، ووجود تشريعات ونظم قانونية تسمح بهذا التزوير. وفيما يخص الأول، فإن انتخابات مجلسي الشعب والشورى، التي أشرف على إدارتها المجلس العسكري قبل شهور قليلة، أكدت أنه لا تدخل منه ولا من أي من سلطات الدولة فيها، على الرغم من وقوع أخطاء وتجاوزات قام بها المرشحون والأحزاب لا يمكن إنكارها، لكن الحصيلة الأخيرة كانت أنها الانتخابات الأكثر حرية ونزاهة في تاريخنا الحديث كله. المساحة المخصصة للمقال قاربت علي الانتهاء ولم يتحدث «رشوان» عن اقتراحه الخاص ب»لجنة التأكد» ويبدو أنه فطن لهذا الأمر بعد أن انتهي من عدة حلقات ولقاءات في غالبية برامج «التوك شو» التي تلاحق المواطن المصري ليلا ونهارا أيضا ب«الإعادة» ولهذا كتب : لذلك فإن تشكيل لجنة من ممثلين لكل المرشحين ومعهم ممثل للمجلس القومي لحقوق الإنسان وممثلون لخمسة من أبرز وأكبر المنظمات المصرية التي تقوم بمراقبتها، تكون لها وظيفتان رئيسيتان: الأولى هي التنسيق بين المرشحين جميعاً، خاصة المتخوفين من التزوير لتغطية جميع اللجان الفرعية بمندوبيهم وتجميع بيانات الفرز التي يحصلون عليها، منها على المستوى القومي للتأكد من دقة وصحة النتيجة الرسمية. والوظيفة الثانية هي أن تكون هي الجهة التي تعلن للشعب المصري، بأغلبية ثلثي أعضائها، مدى نزاهة أو تزوير الانتخابات الرئاسية.