لا أحد ينسى نجيب محفوظ، ولا أحد سينساه رغم أن هذه المقولة له -لا أذكر من أي رواية، ليس ذلك مهما- المهم أن هذه المقولة شاعت في الفضاء الافتراضى بعد ثورة يناير كلما تقدم الوقت واشتد الهجوم على الثورة وتبدل موقف الناس حتى صار بعضهم يحلمون بالرجوع للمربع الأول، عصر مبارك.. نجيب محفوظ لم يكن يقصد بها نظامًا سياسيًا بعينه ولا حكامًا بعينهم، لكنها حالة الشعب الذي يستريح في النهاية إلى ما هو أمامه مهما كانت أخطاؤه وإن كان طبعًا في المقولة استنكار واضح، فالآفة لا معنى لها إلا أنها آفة جالبة للضرر، والضرر هنا أننا نظل واقفين مكاننا، الآن مع الذكرى الثامنة لرحيل العظيم أستاذ الأجيال نجيب محفوظ أعود إلى مقولته، وأنا أرى حولى من يحاول إرجاء انتخابات مجلس الشعب بحجة الظروف الأمنية الصعبة وما إلى ذلك، والمسألة أن صلاحيات الرئيس المطلقة غير موجودة في الدستور الذي على أساسه سيكون الحكم وتأليف الوزارة ثم وضع القوانين عن طريق مجلس الشعب. القائلون بذلك يريدوننا أن ننسى أنه رغم وجود مجلس شعب أيام السادات ومبارك فلقد كان الحكم مطلقًا دستوريًا ومن ثم وصلنا إلى ما وصلنا إليه.. يريدوننا أن ننسى أن عبدالناصر ضاع وضعنا معه في 1967؛ لأنه لم يكن هناك معنى لمجلس الأمة وكان الحكم مطلقًا فلم يعرف الرجل الذي يرى التهليل له في كل وقت أننا غير قادرين على الحرب وحدثت الهزيمة. الآن وبعد دستور معتدل يناصف الحكم إلى حد كبير يبن الرئيس والحكومة يريدون الحكم المطلق مباشرة، ومن جديد يدور الحديث عن الديمقراطية وأنه من الصعب أن نقوم بتجارب فاشلة مرة أخرى وكأن الديمقراطية ستهبط بالباراشوت أو كأنها تحتاج تعليمًا مدرسيًا رغم أنهم رأوا كيف قام الشعب الذي انتخب الإخوان بالثورة عليهم ورفضهم، وعلى جبهة الحكم نرى كلامًا من نوع تصدى السلفيين لأفكار داعش مما يشى بأن الباب سيفتح للسلفيين ليحلوا مقام الإخوان وهنا آفة النسيان. فالذي حدث بعد أن أطلق السادات العنان للإخوان ودعمهم من الدولة انتهى إلى كل هذا الإرهاب ثم أن موضوع فصل الدين عن السياسة لا يمكن التحكم به وتنفيذه على المزاج، ياسادة هذه ليست لعبة ميكانيكية، هي لعبة فكرية لا تعرف إلى أين تنتهى ولا تستطيع التحكم فيها إذا بدأت، وهكذا نفر من الكتاب أو المفكرين أو ما تشاء يريدنا أن ننسى أن آفة مصر الحكم المطلق وفى الدولة نفسها من ينسى ويريدنا أن ننسى معه درس التعاون مع الإخوان حتى لو كانت الحجة هذه المرة «داعش» التي هي أقرب للسلفيين من غيرهم بل هي نتاج سلفى بامتياز.