بوتين: محطة الضبعة النووية تلبي احتياجات الاقتصاد المصري المتنامي    جامعة قناة السويس تحتفي بأبطالها المتوجين ببطولة كأس التميز للجمهورية    لن نبكي على ضعف الدولار    الزراعة: أكثر من مليون شتلة فراولة تم تصديرها خلال أكتوبر    محافظ الجيزة يتفقد مشروعات تطوير الطرق.. ويؤكد: تحسين كفاءة المحاور أولوية    وزير الزراعة يعقد اجتماعاً موسعاً لمديري المديريات ومسئولي حماية الأراضي بالمحافظات    البيئة تنظم مؤتمر الصناعة الخضراء الأحد المقبل بالعاصمة الإدارية الجديدة    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    مجلس الشيوخ الأمريكى يوافق على مشروع قانون للإفراج عن ملفات إبستين    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    تأهل منتخبا 3×3 إلى نصف نهائي دورة ألعاب التضامن الإسلامي    دوري أبطال إفريقيا.. 30 ألف متفرج في مباراة الأهلي وشبيبة القبائل الجزائري    الإسماعيلي يكشف حقيقة طلبه فتح القيد الاستثنائي من فيفا    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    محافظ قنا يكرم مسعفا وسائقا أعادا 115 ألف جنيه وهاتف لصاحبهما    حسين فهمى يكرم محمد قبلاوي.. والمخرج يهدى التكريم لأطفال غزة    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    بث مباشر.. بدء مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الضبعة النووية    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد الجوية تحذر من تغير حالة الطقس    سرايا القدس تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي بعبوة ناسفة في جنين    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية بعد خضوعه لجراحة دقيقة في ألمانيا    نورا ناجي عن تحويل روايتها بنات الباشا إلى فيلم: من أجمل أيام حياتي    هيئة الرعاية الصحية تُطلق عيادة متخصصة لأمراض الكُلى للأطفال بمركز 30 يونيو الدولي    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    الصحة: 5 مستشفيات تحصل على الاعتماد الدولي في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    بسبب تراجع الانتاج المحلى…ارتفاع جديد فى أسعار اللحوم بالأسواق والكيلو يتجاوز ال 500 جنيه    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    القادسية الكويتي: كهربا مستمر مع الفريق حتى نهاية الموسم    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية التي تستخدمها القوات الأوكرانية    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    المايسترو هاني فرحات أول الداعمين لإحتفالية مصر مفتاح الحياة    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو.. ننشر تقرير "هيومن رايتس ووتش" حول فض اعتصام "رابعة"
نشر في فيتو يوم 12 - 08 - 2014

زعمت "هيومن رايتس ووتش" اليوم، في تقرير يستند إلى تحقيق استمر عامًا كاملًا إن وقائع القتل الممنهج وواسع النطاق لما لا يقل عن 1150 متظاهرًا بأيدي قوات الأمن المصرية في يوليو، وأغسطس من عام 2013 ترقى على الأرجح إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية. في فض اعتصام رابعة العدوية وحده في 14 أغسطس، قامت قوات الأمن، باتباع خطة تتحسب لعدة آلاف من الوفيات، بقتل 817 شخصًا على الأقل، وأكثر من ألف على الأرجح.
ويعمل التقرير المكون من 188 صفحة، تحت عنوان "حسب الخطة: مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر"، على توثيق كيفية قيام الشرطة والجيش المصريين على نحو ممنهج بإطلاق الذخيرة الحية على حشود من المتظاهرين المعارضين لخلع الجيش في 3 يوليو لمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في مصر، في ست مظاهرات بين 5 يوليو و17 أغسطس 2013. ورغم وجود أدلة على استخدام بعض المتظاهرين لأسلحة نارية في العديد من تلك المظاهرات إلا أن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من تأكيد استخدامها إلا في حالات قليلة، الأمر الذي لا يبرر الاعتداءات المميتة بنية مبيتة وفي انعدام تام للتناسب على متظاهرين سلميين في جملتهم.
قال كينيث روث، المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش: "في ميدان رابعة قامت قوات الأمن المصرية بتنفيذ واحدة من أكبر وقائع قتل المتظاهرين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث. لم تكن تلك مجرد حالة من حالات القوة المفرطة أو ضعف التدريب، بل كانت حملة قمعية عنيفة مدبرة من جانب أعلى مستويات الحكومة المصرية. وما زال العديد من المسئولين أنفسهم يشغلون مناصبهم في مصر، وهناك الكثير مما يتعين مساءلتهم عليه".
نشرت هيومن رايتس ووتش مقطع فيديو يوضح الأحداث أثناء تلاحقها بميدان رابعة يوم 14 أغسطس، بما فيه شهادات حية من الشهود والضحايا.
وقد أخفقت السلطات في محاسبة ولو فرد واحد من أفراد الشرطة أو الجيش ذوي الرتب المنخفضة على أي من وقائع القتل، ناهيك عن أي مسئول من الذين أمروا بها، كما تواصل قمع المعارضة بوحشية. وفي ضوء استمرار الإفلات من العقاب تنشأ حاجة إلى التحقيق والملاحقة الدوليين للمتورطين، بحسب هيومن رايتس ووتش. كما يتعين على الدول أيضًا تعليق مساعداتها العسكرية والمتعلقة بإنفاذ القانون المخصصة لمصر حتى تتبنى إجراءات لإنهاء انتهاكاتها الجسيمة للحقوق.
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع أكثر من 200 شاهد، وبينهم متظاهرون وأطباء وسكان من مناطق الأحداث وصحفيون مستقلون، وزارت كل موقع من مواقع التظاهر أثناء الاعتداءات أو مباشرة في أعقاب بدئها، وراجعت أدلة مادية وساعات من مقاطع الفيديو؛ وكذلك تصريحات مسئولين حكوميين. كما كاتبت هيومن رايتس ووتش الوزارات المصرية المعنية لالتماس وجهة نظر الحكومة في تلك الأحداث، إلا أنها لم تتلق أية ردود.
وكانت هيومن رايتس ووتش تعتزم إصدار التقرير في القاهرة، لكن السلطات عرقلت ترتيباتها بهذا الشأن عندما رفضت السماح لوفد هيومن رايتس ووتش بدخول مصر في 10 أغسطس.
ويشتمل التقرير على فحص تفصيلي لتخطيط وتنفيذ عملية فض اعتصام رابعة العدوية، حيث كان عشرات الآلاف من مؤيدي مرسي السلميين في غالبيتهم، وبينهم سيدات وأطفال، قد نظموا اعتصاما مفتوحًا من 3 يوليو وحتى 14 أغسطس للمطالبة بإعادة مرسي. واستخدمت هيومن رايتس ووتش صورًا فوتوغرافية ملتقطة بالأقمار الصناعية لإحدى ليالي الاعتصام، ليلة 2 أغسطس، فقدرت أن ما يقرب من 85 ألف متظاهر كانوا بالميدان في تلك الليلة.
في 14 أغسطس هاجمت قوات الأمن مخيم اعتصام رابعة من كل مدخل من مداخله الرئيسية، باستخدام ناقلات الأفراد المدرعة (المدرعات) والجرافات والقوات البرية والقناصة. كما لم تقدم قوات الأمن تحذيرًا فعالًا يذكر وفتحت النار على حشود كبيرة، ولم تترك مخارجًا آمنة لمدة تقترب من 12 ساعة. وأطلقت قوات الأمن النار على المرافق الطبية الميدانية، كما وضعت القناصة في مواقع تتيح لهم استهداف أي شخص يسعى لدخول مستشفى رابعة أو الخروج منه. وقرب نهاية اليوم تم إشعال النيران في المنصة المركزية والمستشفى الميداني والطابق الأول من مستشفى رابعة، بأيدي قوات الأمن في الأغلب.
قام أحد المتظاهرين، وهو رجل أعمال، بوصف المشهد:
أطلقوا الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية على الفور. كانت من القوة بحيث لا يمكنني وصفها. لم تكن مثل المرات السابقة، رصاصة أو اثنتين في المرة. كان الرصاص ينهمر كالمطر. شممت رائحة الغاز ورأيت أشخاصًا يصابون على الفور ويسقطون حولي. لا أعرف عدد المصابين. لم نسمع أي تحذير. لا شيء. كانت جهنم.
وثقت هيومن رايتس ووتش مقتل 817 شخصًا في فض رابعة وحده، وبالنظر إلى الأدلة القوية المتاحة على وجود وفيات إضافية والتي جمعها الناجون من رابعة والنشطاء، والجثث الإضافية التي أخذت مباشرة إلى مستشفيات ومشارح دون تسجيل دقيق أو هوية معروفة، والأفراد الذين ما يزالون في عداد المفقودين، فمن الأرجح أن ما يزيد على ألف شخص قد قتلوا في رابعة. احتجزت الشرطة أكثر من 800 متظاهر من الاعتصام، واعتدت على بعضهم بالضرب والتعذيب، بل الإعدام الميداني في بعض الحالات كما قال ستة شهود لهيومن رايتس ووتش.
ادعى مسئولون حكوميون أن استخدام القوة كان في معرض الرد على العنف من جانب المتظاهرين، بما فيه الطلقات النارية. وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أنه بخلاف مئات المتظاهرين الذين كانوا يلقون بالحجارة وزجاجات المولوتوف على الشرطة فور بدء الهجوم، فقد قام متظاهرون بإطلاق النار على الشرطة في بضع حالات على الأقل. وبحسب مصلحة الطب الشرعي الرسمية، لقي 8 من رجال الشرطة حتفهم في فض رابعة. وبعد الفض التام للاعتصام في 14 أغسطس، أعلن وزير الداخلية محمد إبراهيم عثور قواته على 15 بندقية في الميدان، وهو الرقم الذي يشير بفرض صحته إلى أن قلة من المتظاهرين كانوا مسلحين، ويوفر تأييدًا إضافيًا للأدلة الوفيرة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش على قيام الشرطة بحصد المئات من المتظاهرين العزل.
حاول المسئولون المصريون تبرير فضهم لاعتصام رابعة بادعاء أنه كان يعطل حياة سكان المنطقة، ويوفر ساحة للتحريض والإرهاب، وموقعًا لقيام المتظاهرين باحتجاز معارضين والإساءة إليهم. ومع ذلك فمن الواضح أن قتل 817 متظاهرًا لا يتناسب مع أي تهديد كان يقع على السكان المحليين أو على أفراد الأمن أو غيرهم. وبقدر ما تتوافر للحكومة مصلحة أمنية مشروعة في تأمين موقع الاعتصام، إلا أنها أخفقت في تنفيذ الفض على نحو مصمم بحيث يقلل المخاطر الواقعة على الأرواح. لا يجوز استخدام القوة المميتة إلا حيثما لا يكون هناك مناص من استخدامها للوقاية من خطر محدق بالأرواح وهو المعيار الذي بعدت هذه الحالة كل البعد عن استيفائه.
قال كينيث روث: إن "الأدلة التي تبين قيام قوات الأمن بفتح النار على حشود من المتظاهرين من الدقائق الأولى لعملية الفض تكذب أية مزاعم بسعى الحكومة لتقليل الخسائر. وقد أدت الطريقة الوحشية التي اتبعتها قوات الأمن في فض هذه المظاهرة إلى حصيلة وفيات صادمة كان يمكن لأي شخص التنبؤ بها، بل إن الحكومة توقعتها".
في اجتماع مع منظمات حقوقية محلية بتاريخ 5 أغسطس، قال أحد مسئولي وزارة الداخلية إن الوزارة تتوقع حصيلة وفيات تصل إلى 3500 شخص. وفي مقابلة متلفزة بتاريخ 31 أغسطس 2013، قال وزير الداخلية محمد إبراهيم إن الوزارة توقعت خسائر تبلغ "10 بالمائة من الأشخاص" في رابعة، معترفًا بوجود "أكثر من 20 ألف شخص" في الاعتصام. في سبتمبر، قال رئيس الوزراء حازم الببلاوي لصحيفة "المصري اليوم" المصرية إن عدد المتظاهرين المقتولين في رابعة وفي الاعتصام الأصغر حجمًا بميدان النهضة بالجيزة يوم 14 أغسطس "يقترب من الألف". وأضاف أن "المتوقع كان أكثر بكثير مما حدث. والنتيجة النهائية كانت أقل من توقعاتنا". في اليوم التالي للفض قال إبراهيم ل"المصري اليوم" إن "خطة الفض نجحت بنسبة مئة بالمئة".
وثقت هيومن رايتس ووتش أيضًا خمس وقائع أخرى للقتل غير المشروع في يوليو وأغسطس 2013:
-في 5 يوليو قام جنود بإطلاق النيران المميتة على 5 متظاهرين أمام مقر الحرس الجمهوري بشرق القاهرة، وبينهم واحد كان يحاول وضع ملصق لمرسي على سور أمام المقر. تم تصوير واقعة القتل بالفيديو.
- في 8 يوليو فتحت قوات الشرطة والجيش النار على حشود من مؤيدي مرسي في اعتصام سلمي أمام مقر الحرس الجمهوري فقتلت ما لا يقل عن 61 منهم. وقتل اثنان من رجال الشرطة.
- في 27 يوليو فتحت الشرطة النار على مسيرة لمؤيدي مرسي قرب النصب التذكاري في شرق القاهرة، فقتلت ما لا يقل عن 95 متظاهرًا. وقتل رجل شرطة واحد في الاشتباكات.
-في 14 أغسطس قامت قوات الأمن بفض الاعتصام بميدان النهضة، فقتلت ما لا يقل عن 87 متظاهرًا وأدت الاشتباكات إلى حالتي وفاة بصفوف الشرطة.
-في 16 أغسطس فتحت الشرطة النار على مئات المتظاهرين في منطقة ميدان رمسيس بوسط القاهرة فقتلت ما لا يقل عن 120 متظاهرًا. وقتل اثنان من رجال الشرطة.
قال كينيث روث: "إنه لأمر مروع ومحطم للقلوب أن تخبو آمال الكثير من المصريين في أعقاب انتفاضات 2011، وسط الدماء المراقة في عمليات القتل الجماعي في العام الماضي".
وتتمثل الجرائم ضد الإنسانية في أفعال إجرامية ترتكب على نطاق واسع أو على أساس ممنهج كجزء من "هجوم موجه ضد سكان مدنيين"، بمعنى وجود درجة من درجات التخطيط أو السياسة القاضية بارتكاب الجريمة. وتشمل تلك الأفعال القتل والاضطهاد لأسباب سياسية، و"الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية". وبالنظر إلى الطبيعة الممنهجة واسعة النطاق لوقائع القتل هذه، والأدلة التي توحي بأنها شكلت جزءًا من سياسة تقضي باستخدام القوة المميتة ضد متظاهرين عزل في معظمهم لأسباب سياسية، فإن أعمال القتل هذه ترقى على الأرجح إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية. والحظر المفروض على الجرائم ضد الإنسانية من المبادئ الأكثر أساسية في القانون الدولي، ويمكن أن يمثل أساسًا للمسئولية الجنائية الفردية في المحاكم الدولية، وكذلك في المحاكم الوطنية لبلدان عديدة بموجب مبدأ الاختصاص الشامل.
منذ أحداث يوليو وأغسطس2013، وبالإضافة إلى مواصلة فتح النار على المتظاهرين، انخرطت السلطات المصرية في حملة قمعية على نطاق لم يسبق له مثيل في السنوات الأخيرة، بما في ذلك فرض قيود مشددة على حريات التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، فقامت بتنفيذ حملات جماعية للاعتقال التعسفي والتعذيب، وحرمان المحتجزين وبينهم ما لا يقل عن 22 ألفًا من مؤيدي الإخوان المسلمين من الحقوق الأساسية في سلامة الإجراءات، وإصدار أحكام جماعية بالسجن لفترات طويلة والإعدام على المعارضين.
أنشأت الحكومة لجنة رسمية لتقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان منذ 30 يونيو 2013، كما قام المجلس القومي لحقوق الإنسان، ذي الصفة شبه الرسمية، بإصدار تقرير منفصل في مارس 2014 يرد فيه أن قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة في رابعة. ومع ذلك فلم تكن هناك محاسبة رسمية على ما حدث، ولا أية تحقيقات أو ملاحقات قضائية ذات مصداقية. وقد رفضت الحكومة الإقرار بأي خطأ من جانب قوات الأمن. وبدلًا من هذا أعادت رصف الشوارع وبناء المباني المتضررة، ووزعت المكافآت على أفراد القوات المشاركة في عمليات الفض، وأقامت نصبًا تذكاريًا لتكريم الشرطة والجيش في قلب ميدان رابعة.
قال كينيث روث: "إن جهود الحكومة المستمرة لسحق المعارضة، وكنس انتهاكاتها تحت البساط، وإعادة كتابة التاريخ، لا يمكنها أن تمحو ما حدث في رابعة في العام الماضي. وبالنظر إلى إخفاق مصر المدوي في التحقيق في تلك الجرائم فقد آن للمجتمع الدولي أن يتدخل".
لقد حددت هيومن رايتس ووتش أكثر من عشرة من كبار القادة ضمن تسلسل القيادة الذين ينبغي التحقيق معهم لدورهم في أعمال القتل تلك، وبينهم وزير الداخلية إبراهيم، ووزير الدفاع آنذاك والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ومدحت المنشاوي قائد القوات الخاصة وقائد عملية رابعة. وحيثما توافرت أدلة على المسئولية، تنبغي محاسبة هؤلاء الأشخاص فرديًا على التخطيط والتنفيذ أو الإخفاق في منع القتل الممنهج وواسع النطاق المتوقع للمتظاهرين.
وعلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنشاء لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في وقائع القتل الجماعي للمتظاهرين منذ 30 يونيو2013. كما ينبغي توجيه التهم الجنائية إلى المتورطين في تلك الأفعال، بما في ذلك أمام محاكم تطبق مبدأ الاختصاص الشامل. وعلى الدول أيضًا تعليق مساعداتها العسكرية والمتعلقة بإنفاذ القانون المخصصة لمصر حتى تتبنى إجراءات لإنهاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
قال كينيث روث: "يواصل ميراث مذبحة رابعة إلقاء ظلاله القاتمة على مصر، التي لن تمضي للأمام حتى تتوصل إلى تفاهم مع هذه البقعة الدموية التي تلطخ تاريخها".
أدلة من أقوال الشهود
"وقف أحمد، وتجاوز البوابة [التي كنا قد أقمناها] ورفع ذراعيه قائلًا: "نحن سلميون، لا يوجد شيء هنا". وعندها قام ضابط من وزارة الداخلية كان يلبس زيًا أسود، زي القوات الخاصة، ويحمل بندقية بتذخير سلاحه استعدادًا للإطلاق. فوقفت في محاولة لإبعاد أحمد عن طريقه. وكنت على بعد خطوة واحدة، لكنني عجزت عن التحرك. لم أستطع سوى مناداته باسمه. أصابه الضابط في صدره بأربعة طلقات، فسقط" متظاهر عمره 17 عامًا يصف وفاة أحمد عمار، الذي كان بمثابة الأب له.
"ثم رأيت رجلًا يقف بجوار النافورة في منتصف طريق النصر عند تقاطع يوسف عباس. كان المشهد صعبًا. لقد تلقى رصاصة في كتفه وسقط. وحاول النهوض فتلقى رصاصة في ساقه. وبدأ يزحف، وتتسرب منه الدماء. كان الوحيد في المواجهة، وظل يتلقى الرصاص في ذراعيه وصدره. لقد تلقى ما لا يقل عن 8 رصاصات. كانت الرصاصة تأتي فيرتعد ثم لا يتحرك... حاولنا جره إلى حيث السلامة، لكننا عجزنا [لبعض الوقت] بسبب النيران" متظاهر، طالب بجامعة الأزهر.
"رأيت 3 مدرعات أمام المستشفى، كانت الشرطة تطلق منها النيران. كنت هناك تمامًا خلف [مكتب] الاستقبال ورأيتهم يضربون بقوة. اختبأت خلف المكتب للاحتماء. واستمرت النيران لمدة 15 دقيقة. أصيب أولئك الذين عجزوا عن الاختباء وهم وقوف. مرت الرصاصات بجانبي وكسرت الزجاج. كانت لحظة من الفزع. ظننت أن أجلي قد حان. شحنت هاتفي وخطر لي، والرصاص يتطاير من حولي، أن الأمر انتهى وسوف ألقى حتفي. ثم أخرجت هاتفي واتصلت بأمي" أسماء الخطيب، صحفية مصرية.
"وسمعت شرطيًا يصيح: أسرعوا، امضوا من هنا إلى هناك‘، وكان بوسعك سماع صوته يرتعد. كان هناك طابور من [نحو ستة من الرجال]، وكانوا يسيرون بأيديهم فوق رءوسهم. وفجأة أطلق الشرطي النار، ثم رأيت رجلًا على الأرض. لقد قتل ذلك الرجل بدون أي سبب" إحدى السكان المحليين التي تطل شقتها على شارع جانبي متفرع من ميدان رابعة.
"دخلوا المبنى وقتلوا خمسة حولي... لم أكن واثقًا مما يجب أن أفعل. لم يكن أمامي مكان أذهب إليه. كان دوري قد حان، وحان أجلي. دخلوا الغرفة وقالوا إننا سنموت. نادوني وقالوا لي أن أغادر المبنى. ودخل ضابط قائلًا: "لا تقلق!" فانزلت يديّ وعندها ضربني. وصفونا بالكلاب وبشتائم أخرى. وكان كل منهم يضربنا بطريقة مختلفة. كنت بالطابق الأول ولا أدري ماذا أفعل. قال الضابط إننا إذا لم نهرب فسوف يقتلوننا، لكن أحدنا هرب ووجدته ميتًا على الأرض. بصق الضابط على رجل الشرطة الذي أطلق النار قائلًا: 'لماذا لم تطلق النار على عينه؟‘" طالب يدرس علوم الحاسب الآلي، واصفًا المشهد فيما كانت قوات الأمن تدخل المبنى الذي احتمى به مع متظاهرين آخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.