كان رجل الأعمال المصرى حسين سالم صاحب النصيب الأكبر من اهتمامات الصحف المصرية خلال الفترة الماضية، حيث تصاعد الحديث عن احتمالات تصالحه مع المؤسسات المصرية مقابل تخليه عن نصف ثروته، ساعد فى ذلك أنها المرة الأولى التى تصل فيها إلى مسامع المصريين أحاديث عن رغبة أحد المقربين من الرئيس السابق حسنى مبارك فى التخلى عن "نصف ثروته" دفعة واحدة مقابل العودة من ملجئه الاختيارى "إسبانيا" إلى مصر. صفقة أثارت اهتمامات كثيرين بمقدار ما أثارته من حالة جدل حول قانونية ما يبتغيه سالم من عدمه، حتى بلغ الأمر بالمستشار مصطفى الحسينى، المحامى العام الأول لنيابة الأموال العامة، للقول بأن النيابة قد لا توافق على طلب حسين سالم بالمصالحة مع الحكومة، مقابل التنازل عن 50% من جميع ممتلكاته، لأنه يعتبر تحايلا على القانون، حيث أن القضايا المتهم فيها سالم من الممكن أن يكون التصالح فيها يستلزم رد أكثر من 50% من ممتلكاته".
اتهم سالم بقضايا فساد وغسيل أموال والربح غير المشروع من قبل السلطات المصرية عقب الإطاحة بمبارك، وطالبت السلطات المصرية، الحكومة الإسبانية بتسليمه لمصر لمحاكمته، وألقى القبض عليه يوم 16 يونيو 2011 من قبل الإنتربول الدولى فى أسبانيا ثم تم الإفراج عنه بعد يومين بكفاله تقدر ب 27 مليون يورو بعد تجميد جميع أصوله وأرصدته.
قام سالم بتقديم طلب للمحكمة الدستورية الإسبانية معترضا على تسليمه للسلطات المصرية زاعما أنه مواطن إسبانى ويحمل الجنسية الإسبانية وأن جميع الاتهامات المنسوبة إليه ترجع لأسباب سياسية وليست لأمور قضائية، وبناء على ذلك قبلت المحكمة الطعن ورفضت تسليمه إلى السلطات المصرية.
بينما قررت محكمة التحقيقات الإسبانية المسئولة عن التحقيقات فى قضية غسيل الأموال المتهم فيها حسين سالم، والدكتور على أفسن أحد شركائه الذى يحمل الجنسية التركية، مد قرارها بسرية التحقيقات فى قضية غسيل الأموال لمدة شهر ينتهى فى 4 فبرير المقبل، وإذا ثبت تورطة سيحكم عليه ب6 سنوات.
وقال المستشار حسن ياسين، رئيس المكتب الفنى للنائب العام، رجل الأعمال الهارب حسين سالم الذى عرض التنازل عن 50% من ثروته داخل مصر وخارجها، إلا أن النائب العام لم ينظر فى هذا التصالح حتى الآن.
حسين سالم رجل أعمال مصرى ولد فى عام 1928، عمل طيارا ثم رجل مخابرات عسكرية، على علاقة وطيدة للغاية بالرئيس مبارك، بدأت هذه العلاقة منذ عام 1967 وحتى اليوم، وهى العلاقة التى وضعت علامات استفهام كبرى حول شخصية حسين سالم، الذى لم يعرف اسمه أثناء حياته العسكرية، وبدأ رحلة الشهرة مع حياة البيزنس، حيث يعد الأب الروحى لمدينة شرم الشيخ كونه أول من استثمر فيها منذ عام 1982، وهو يعتبر مالك خليج نعمة بالكامل، بالإضافة إلى أنه يمتلك عدة منتجعات منها منتجع "موفنبيك جولى فيل" فى مدينة شرم الشيخ أكبر المنتجعات السياحية فى هذه المنطقة.
أمر ببناء قصر كبير على أطراف المنتجع على أحدث الأساليب العالمية وأهداه للرئيس السابق محمد حسنى مبارك، وأمر أيضا ببناء مسجد بلغت تكلفته حوالى 2 مليون جنيه خلال أقل من شهرين، عندما علم أنه سيقضى إجازة العيد فى المنتجع الشهير.
لم يكتف سالم بمجال السياحة فقط كرجل أعمال، حيث امتد نشاطه أيضا إلى مجال الطاقة، وكان له دور رئيسى فى اتفاقية تصدير الغاز المصرى لإسرائيل من خلال شركة غاز شرق المتوسط التى يمتلكها، ووزعت حصص الصفقة على ثلاثة أطراف، المستثمر الإسرائيلى يوس ميمان يمتلك ربع أسهمها، بينما الحكومة المصرية 10%، وسالم النسبة المتبيقة، ثم عاد سالم بعد ذلك وباع 12% من حصته لمستثمرين إسرائيليين هما: ديفيد فيشر، وسام زيل، وذلك بمبلغ حوالى مليارى جنيه، فى حين أن قيمتها السوقية 15 مليار جنيه، وهو ما طرح علامات استفهام أكثر حول مدى الشبهات التى تحيط بالصفقة.
واجه حسين سالم العديد من الحملات الشعبية والمعارضة، التى سبق أن أدرجت اسمه على قوائم الفساد بعد أن كشف الصحفى الأمريكى بوب وودوارد عن حركة صفقات السلاح التى تدخل مصر، ثم فيما بعد قضايا قروض لم تسدد للبنوك، وغيرها من القضايا المالية الأخرى والتى ترتبط معظمها بشبهات استثمار مع إسرائيل.
السؤال الذى يجب أن يُطرح الآن..هل ستقبل الحكومة المصرية صفقة حسين سالم وتغتنم الفرصة باسترداد 50% من أموال حسين سالم داخل وخارج مصر التى من شأنها أن تكون بذرة وبداية تصالح مع رموز النظام السابق وفتح مجال للعفو؟..كما حث الكاتب الأمريكى توماس فريدمان الرئيس محمد مرسى أن يمنح العفو عن جميع من كانوا فى عهد مبارك والذين لم تلوث أيديهم بالدماء، مؤكدًا أن مصر بحاجة إلى رأس المال للنهوض بالوطن، وأنه لا يوجد وقت للانتقام.