أكثر مخرج ألتقيه خارج مصر فى المهرجانات هو محمد خان، دائما ما نشاهد أفلامه، ممثلة للسينما المصرية أو مشاركا فى لجان تحكيم أو ندوات.. أنسى تماما حكاية أنه حتى الآن لم يحصل على الجنسية المصرية، هذه حكاية خيبانة لا تجهد نفسك كثيرا فى محاولة تفسيرها، فلا أحد يصدق أن «خان» من الناحية الرسمية ليس مصريا! السينما هى حياته وليست فقط عشقه، ولا أتصوره سوى أنه وجه آخر للشريط السينمائى.. كان «خان» ضيفا على مهرجان «دبى» وتحدث فى ندوة عن السينما بعد الثورة لم يكن مطمئنا إلى حالة الصناعة السينمائية، رغم أننى على العكس أرى أن القادم فى مصر لصالح السينما.. سوف تخلق الثورة حالة إبداعية قادمة بمعادلات مختلفة سيشارك فيها «خان» وحتى يحين موعد اللقاء فإنك إذا لم تعثر على «خان» خلف الكاميرا فسوف تجده فى دار العرض. عشاق الفن السابع تستطيع أن تقرأ فى عيونهم هذا الشغف بمطاردة الأفلام.. أكثر مخرج سينمائى أراه يحرص على تلك المطاردة هو «خان».. تنتابه حالة من الشغف عندما يقرأ عن فيلم ويجد صعوبة فى الحصول على تذكرة على الفور تنشط بداخلة كل أسلحة البقاء التى تدفع الإنسان إلى الحياة، والفيلم بالنسبة إليه هو أوكسجين الحياة وترى الفرحة تطل من عينيه عندما يشعر بلذة الانتصار بالحصول على تذكرة، وكثيرا ما أفاجئه بأن التذكرة أيضا لا تزال فى جيبى! الوصية التى طلبها من المقربين أنه عندما يصبح عاجزا عن الذهاب للأفلام أن تذهب الأفلام إليه ويعرضوها أمامه. كل الأفلام التى شاهدها يريد أن يحظى منها برؤية أخرى وأخيرة. يحلم «خان» بإنجاز ثلاثة أفلام وليس من بين هذه الأفلام مشروعه الأثير «نسمة فى مهب الريح» الذى كان يحلم به قبل 15 عاما وأصابه إحباط منه، حيث تتابع على بطولته ليلى علوى ثم عبلة كامل، وبعد ذلك كان أحد مشروعات سعاد حسنى، وهى فى سنوات الغربة فى لندن وقبل ثلاث سنوات تحمست غادة عادل لبطولته وتحمس زوجها مجدى الهوارى لإنتاجه ثم فجأة فَتُر الحماس وتوقف المشروع وماتت أيضا الفكرة التى كتب لها «خان» السيناريو كاملا وقرر بعدها إغلاق ملف «نسمة» نهائيا.. ولدى «خان» سيناريو عنوانه «استانلى» مشروع تناقلته أكثر من شركة إنتاج وتتابع على الترشح له محمود عبد العزيز وخالد صالح، وثورة 25 يناير دفعته إلى وضع بذرة لفيلم جديد عن رجل تجاوز الستين، مصرى قبطى عاش وهو طفل ثورة 52 ووصل فى كهولته إلى ثورة يناير ولديه مشروع ثالث عنوانه «فتاة الأحلام» ومشروع رابع عنوانه «قصص الأستاذ إحسان» تنازل عنه ورشح له المخرجة هالة جلال.. ولا أتصوره فقط يحلم بهذه الأفلام الثلاثة، ولكنه بالتأكيد يرى السوق السينمائية الآن معاكسة تماما لأى طموح فنى، ولهذا بين الحين والآخر يتذكر ساخرا مشروعا لإنشاء محل فول وطعمية جمعه مع المخرج الكبير صلاح أبو سيف عندما التقاه فى لندن واقترح أبو سيف أن يفتتحا هذا المحل فى قلب عاصمة الضباب، ودفع أبو سيف شيكاً مقداره 5 آلاف جنيه إسترلينى ووضع «خان» مثلها واقترح أبو سيف أن يطلق على المحل اسم الأسطى حسن أشهر أفلامه ووجد «خان» أن الاسم حميم بالنسبة إليه، لأنه فى تلك السنوات نهاية السبعينيات كان قد أنجب أول أبنائه حسن. وفى زيارة للمونتيرة نادية شكرى التقتْه فى لندن ووجدت على مكتبه قصاصات لمشروع أول أفلامه «ضربة شمس» وغيرت تماما البوصلة لديه فأغلق دكان الأسطى حسن، وبدأ فى تنفيذ ضربته السينمائية الأولى «شمس». لا أتصور «خان» معتزلا السينما، ولكن الحقيقة أنه صار بعيدا عنها خلال السنوات الأخيرة ولن يستمر الأمر طويلا لأن المذاق الفنى الذى قدمه «خان» لا أعتقد أنه من الممكن أن يصبح بعيدا عن الناس! لم يغادر «خان» موقعه سيظل يبدع ويلهث حتى آخر نفس وراء الأفلام ولن تأتى له سيظل «أبو حسن» يطاردها!