الصدام بدأ مبكرا، بين الإسلاميين والمجلس العسكرى، ملامح الصدام ظهرت مع تصريحات اللواء مختار الملا، حول صلاحيات البرلمان القادم، والمجلس الاستشارى، وهو جعل محللين سياسيين، يعتبرون هذه التصريحات «تكشيرا» من المجلس العسكرى للإسلاميين. أستاذ العلوم السياسية د.جمال زهران، اعتبر أن تصريحات الملا دليل على تكشير المجلس العسكرى عن أنيابه لجماعات الإسلام السياسى، موضحا أن المجلس أظهر للإخوان العين الحمرا بعد حصولهم على الأغلبية بالجولة الأولى بالانتخابات، معتبرا هذه التصريحات بداية الصدام بين المجلس العسكرى وجماعات الإسلام السياسى. زهران دلل على بدء الصراع بأن المجلس العسكرى لم يتدخل من قبل فى ما أطلق عليه وثيقة السلمى، وأبدى تجاوبا مع تعديل المادتين التاسعة والعاشرة، لكنه اليوم وبعد حصول الإخوان على الأغلبية فى الجولة الأولى تراجع عن تعديلهما، وهذا دليل على أنه هو من كان يقف وراء هاتين المادتين، موضحا أن تصريحات الملا أثبتت أن لجنة وضع الدستور سوف يضعها المجلس العسكرى بموافقته ومن خلال المجلس الاستشارى، مضيفا أن الدستور لن يتم صياغته بعيدا عن المجلس العسكرى، كما أن ميزانية الجيش ستكون بعيدة عن رقابة البرلمان، مشيرا إلى أن كل تلك الأمور تدل على نية «العسكرى» فى الاستمرار فى الحكم وإصراره على أن يكون البرلمان القادم منزوع الاختصاصات. المحلل السياسى، والأستاذ بأكاديمية الشروق الدكتور محمد سيد أكد أن البرلمان القادم لا يمثل جميع المصريين، مرجعا سبب ذلك إلى أن مجلس الشعب لم تكن به فرص متساوية بين القوى السياسية والثورية لتمثيل الشعب، بل كانت الفرصة الكبرى للقوى التى تمتلك المال، وللعصبية القبلية، وبالتالى لم تتمكن القوى الشابة أو السياسية التى ظلت مكبوتة طوال عصر مبارك من الحصول على مقاعد حقيقية فى البرلمان القادم، مشيرا إلى أنه ليس من حق البرلمان القادم أن يشكل الحكومة، خصوصا أن النظام السياسى المتبع ما زال نظاما رئاسيا منبثقا من دستور 1971، لا برلمانيا كما يحلم الإخوان، وبالتالى المجلس العسكرى الذى تنازل لرئيس الوزراء الجنزورى عن صلاحياته، أى منحه صلاحيات الرئيس، يعد هو المسؤول حاليا عن تشكيل الحكومة الجديدة، مفسرا تنازل «العسكرى» عن صلاحياته لحكومة الجنزورى بأن «العسكرى» يبعث برسالة ضمنية إلى الأغلبية القادمة فى مجلس الشعب، أنه ليس من حقها تشكيل الحكومة وحل البرلمان فى أى وقت، فى حال وضع حكومة الجنزورى فى مأزق الاستجوابات. وكيل مؤسسى حزب الكرامة أمين إسكندر انتقد تصريحات الملا بأن البرلمان القادم لا يعبر عن جموع المصريين، مشيرا إلى أن هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، وإلا سيكون النظام الانتخابى الذى أقره المجلس العسكرى غير صالح للتعبير عن إرادة الشعب، معتبرا أن الشعب المصرى هو العنصر الفعال الوحيد المسيطر على تلك المعادلة، وبالتالى الشعب المصرى الذى خرج فى الثورة بالملايين هو الذى خرج للانتخابات للإدلاء بصوته عبر الصناديق الانتخابية، قائلا «فالشعب خرج من القمقم، وأصبح يقود الأحداث». إسكندر أوضح أن البرلمان القادم لا بد أن يكون شريكا فى وضع الدستور، لأنه يعبر عن إرادة من انتخبوه، قائلا «صحيح أن تأسيس الدستور وتشكيله لا بد أن يكون بحالة وفاق وطنى يعبر عن كل الوطنيين بمشاركة الأطر التنظيمية الموجودة فى المجتمع، لكن هذا لن يأتى إلا عبر مجلس الشعب القادم، لأن البرلمان القادم لا بد أن يكون له دور فى اختيار الجمعية التأسيسة حتى يكون الدستور معبرا عن إرادة الشعب». إسكندر فسر تصريحات الملا بأن المجلس العسكرى يحاول أن يفجر بالونات اختبار كل فترة، و«العسكرى» يجيد ذلك الفعل تماما لكى يحاول ضبط الإيقاع فى المجتمع، لأن هناك فجوة بين المجلس العسكرى والثورة، وذلك ناتج عن عدم رغبة «العسكرى» فى التغيير الجذرى للمؤسسات واكتفى فقط بعزل الرجل المريض من الحكم، لكن الثورة لها استحقاقات ومطالب كثيرة، المجلس العسكرى يقف فى وجهها الآن.