هل يُطبق نظام البكالوريا في الثانوية الأزهرية؟ جامعة الأزهر ترد    وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة للعمالة المصرية في الأردن    استعدادًا للعام الدراسي.. لجان ميدانية بالمنوفية لمتابعة جاهزية المدارس والتأكد من انتهاء أعمال الصيانة    الفيدرالي الأمريكي يخفض الفائدة لأول مرة خلال 2025    وزير البترول يبحث مع توتال إنرجيز تعزيز منظومة النقل الآمن للمنتجات    رئيس الفلسطيني للبحوث: الاتحاد الأوروبي يراجع مواقفه من العدوان على غزة (فيديو)    "الخارجية" تعرب بأشد العبارات عمليات توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة    «أوقفوا قنابل ترامب النووية».. احتجاجات عارمة في لندن ضد زيارة الرئيس الأمريكي    إنتر ميلان يواجه أياكس بقوته الضاربة    الاتحاد السعودي يحدد موعد السوبر الإيطالي    مفارقة غريبة في تعادل يوفنتوس ودورتموند بدوري أبطال أوروبا    تأجيل محاكمة 7 متهمين بقتل شخص والشروع في قتل آخر بالخانكة    ماستر كلاس لفتحي عبد الوهاب بالدورة الثالثة من مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    إجمالي إيرادات فيلم «ضي» بعد أسبوعي عرض في مصر (أرقام وتفاصيل)    أحمد السقا يسلم محمد هنيدي تكريمه في ختام مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي    دليل مواقيت الصلاه فى المنيا الاربعاء17سبتمبر2025    هل الحب بين شاب وفتاة حلال؟.. أمين الفتوى يُجيب    لجنة مشتركة من الصحة لفحص واقعة وفاة توأم عقب التطعيم في المنوفية    تحلمين بالأمومة..أقوى 8 أطعمة لتحفيز التبويض وزيادة فرص الحمل بشكل طبيعي    بوتين يبحث هاتفيًا مع رئيس وزراء الهند الأزمة الأوكرانية وتطورات العلاقات الثنائية    لأول مرة.. ترشيح طالب مصري من أبناء جامعة المنيا لتمثيل شباب العالم بمنتدى اليونسكو للشباب 2025    أرتيتا يتفوق على فينجر بعد 25 مباراة في دوري أبطال أوروبا    ياسمين الحصرى ل"الستات": والدى جاب العالم لنشر القراءة الصحيحة للقرآن    بالذكاء الاصطناعي.. رضوى الشربيني تستعيد ذكريات والدها الراحل    "الأرصاد": أمطار غزيرة على منطقة نجران    مصرع شخص والبحث عن آخرين في ترعة بسوهاج    عاجل.. استمرار تدفق المساعدات عبر معبر رفح وسط تصعيد عسكري غير مسبوق في غزة    "بسبب إسرائيل".. إسبانيا تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026    إصابة شاب بإصابات خطيرة بعد أن صدمه قطار في أسوان    حقيقة اختفاء 5 قطع أثرية من المتحف اليوناني في الإسكندرية    كيليان مبابي يعلن غيابه عن حفل الكرة الذهبية 2025    تعيين نائب أكاديمي من جامعة كامبريدج بالجامعة البريطانية في مصر    مدارس «القليوبية» تستعد لاستقبال مليون و373 ألف طالب    أيمن عبدالعزيز يعلن تمسكه بعدم العمل في الأهلي.. وسيد عبدالحفيظ يرد    إحالة شكاوى مرضى في وحدة طب الأسرة بأسوان للتحقيق    80%ملكية أمريكية.. ملامح الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والصين بشأن "تيك توك"    بعد نشر صورة مع جدها الفنان محمد رشدي.. من هي البلوجر فرح رشدي؟    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    البنك المركزي: القطاع الخاص يستحوذ على 43.3% من قروض البنوك بنهاية النصف الأول من 2025    منال عوض: خطة شاملة للمحافظات للتعامل مع مخاطر الأمطار    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    بالفيديو.. ميسرة بكور: زيارة ترامب إلى لندن محاولة بريطانية لكسب الاستثمارات وتخفيف الضغوط السياسية    «المشاط»: إنشاء وتطوير 21 قصر ثقافة في 11 محافظة خلال 2025-2026    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    تحديث بيانات المستفيدين من منظومة دعم التموين.. التفاصيل    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    وزارة الصحة تطلق أول مسار تدريبى لمكافحة ناقلات الأمراض    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    وزير التعليم يبحث مع وفد الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك    بن عطية يفتح جراح الماضي بعد ركلة جزاء مثيرة للجدل في برنابيو    ملكة إسبانيا فى زيارة رسمية لمصر.. أناقة بسيطة تعكس اختياراتها للموضة    اجتماع طارئ للمكتب التنفيذي لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الرخصة من دون رشوة
نشر في التحرير يوم 06 - 12 - 2011

لم أنتبه لانتهاء رخصة السيارة ووجدت لزاما علىّ أن أذهب لقضاء هذا المشوار المقرف ثقيل الوطأة على النفس. فى كل البلاد التى عشت فيها كانوا يرسلون لى الرخصة بالبريد عند أوان التجديد ويطلبون بأدب أن أرسل لهم شيكا بالرسوم، لكن هنا يذهب المرء إلى وحدة المرور منذ الصباح ولا يعرف هل يأخذ الرخصة قبل موعد الإغلاق أم يضيع يوما آخر بصحبة الموظفين الكفرانين؟
فى السنوات الماضية كنت أعتمد أحيانا على أحد الزملاء الصحفيين بأقسام الحوادث والجريمة الذين يتعاملون مع الضباط ويقومون بتلميعهم ونسْب أمور طيبة غير حقيقية إلى حضراتهم.. أعتمد عليهم فى تذليل الصعوبات وإنهاء الرخصة فى الزمن الطبيعى مثل كل البشر فى العالم... لا تستطيع فى مصر أن تأخذ نصيبك من الأوكسجين والخضرة والبراح والمعاملة الكريمة إلا باللجوء إلى الواسطة أو دفع مبالغ باهظة.
هذه المرة بعد الثورة وبعد مئات الشهداء وآلاف العيون المفقوءة وما لا يمكن حصره من الجرحى والمفقودين وجدت فى نفسى إصرارا على أن لا أحتاج إلى خدمة من ضابط قام أصدقاؤه الجبناء بقتل أعز أبنائنا وقنص عيونهم، ورأيى هو أن ضباط الشرطة يؤزّمون أمور الحياة على الناس عمدا حتى نحتاج وساطتهم فى المشكلات التى يخلقونها لنا، ومن ثم تبرز أهميتهم!
ذهبت إلى وحدة مرور المقطم فعرفت أنها من الأماكن التى احترقت فى أثناء الثورة، فى الغالب على يد بعض ضحايا الشرطة الذين وجدوا الفرصة للانتقام من جلاديهم. وجهونى للذهاب إلى مرور عين الصيرة الذى انتقل إليه مرور المقطم مؤقتا، وهناك ذهبت لدفع المخالفات، لكن العسكرى الواقف على الباب أخبرنى بأنهم قفلوا بدرى النهارده! سألته عن وكيل النيابة فقال إنه ترك العمل وغادر المكان. قلت له إننى سأكتب شكوى إلى النائب العام وأنشر ما فعل بالصحف، فخاف وأخبرنى أنه بالداخل وأخذنى إليه! سألته: لماذا أوقفتم العمل والساعة ما زالت الثانية عشرة والنصف، فأجابنى بأن المحامى العام لنيابات مش عارف إيه هو الذى طلب منهم ذلك. سألته: وهل من حق المحامى العام لنيابات مش عارف إيه أن يغلق الباب فى وجه الناس ويعطل مصالحهم؟ قال لى: إن الأمر يتعلق بالانتخابات وأنا أنفذ الأوامر. تركت الأخ الذى ينفذ الأوامر وعدت لاستكمال باقى الإجراءات، فأخبرونى بوجوب عمل فحص للسيارة، فذهبت إلى الفنى الذى قام بفحص السيارة ووقع الأوراق دون أن يطلب رشوة كالمعتاد، فقلت بركاتك يا ثورة يناير. رجعت إلى الموظف بالأوراق كاملة ففاجأنى بضرورة الحصول على شهادة بيانات لأن الرخصة منتهية. قلت له على طريقة الدكتور شديد: وماله يا اخويا اعملوا لى شهادة بيانات، فقال إن هذه الشهادة تستخرج من مرور البساتين! تغلبت على الصدمة وهرعت من فورى إلى هناك، فقالوا إن الخزنة أقفلت ولا مفر من العودة غدا. فى الصباح ذهبت مبكرا، وهناك وجدت المكان غير صالح لوجود البشر. الموظفون البؤساء يجلسون على مكاتب خربة، والمتعاملون لا يجدون أماكن للجلوس أو حتى للوقوف.. على الحائط لافتة توضح الأوراق المطلوبة للحصول على شهادة بيانات ومن ضمنها إجراء فحص فنى للسيارة. أخبرتهم أننى قمت بهذه العملية أمس فى عين الصيرة. قالوا لا بد من فحص جديد! ذهبت وفحصت من دون داع للمرة الثانية، وأيضا لم يطلب الفنى رشوة! عدت إلى الطابور، وهناك أدهشنى وجود موظفة واحدة مختصة بالعملية اسمها «ثريا» تقوم وحدها بكل شىء.. تقابل الناس ببشاشة وتتلقى الطلبات وتستكمل كتابة البيانات وتجيب عن أسئلة لا تخصها وتوجه الناس إلى الأماكن الصحيحة وتنهض كل فترة لتذهب بالأوراق التى أنجزتها وتدخل بها مغارة لا نرى ما يحدث فيها ثم تعود ومعها الشهادات.. كل هذا وحولها رهط من الأنطاع يجلس كل منهم إلى مكتب يأكل ويشرب شايا ويتفرج على الجمهور بلا عمل! ولم أجد بالمكان مسؤولا يستحث أحد الموظفين العاطلين أن يساعد الموظفة المطحونة. بعد ثلاث ساعات حصلت على الشهادة المطلوبة، ثم أحسست أننى اكتفيت من هذه الأماكن الغريبة وأخذت منها جرعة أحتاج أسبوعا على الأقل للتعافى منها. عدت بالفعل بعد أسبوع إلى مرور عين الصيرة ووجدت نيابة المرور تعمل هذه المرة، وكانت أعداد طالبى الخدمة تفوق الوصف، إذ كانوا عبارة عن زبائن المقطم والبساتين علاوة على عين الصيرة! ولا أدرى لماذا لا يجمعون فى كل وحدة مرور كل ما يلزم من موظفين بدلا من شخرمة المتعاملين على هذا النحو. تقدم إلىّ أحد السماسرة وعرض علىّ أن ينهى لى الموضوع بطريقته سريعا. نظرت إليه طويلا قبل أن أنفجر بالضحك، فتركنى وهو يظن بى جنونا.. الشاب لا يعلم أننى كنت أستطيع أن أرسل أحدا لإنهاء الأمر برمته دون أن أنزل من بيتى، لكنى قررت أن أحصل على حقى دون واسطة. دفعت المخالفات وسط معجنة بشرية وعدت لإكمال الرحلة فقالوا لى: مبروك.. مرور المقطم عاد إلى العمل من مكانه الطبيعى.. عُد إلى هناك! فى المقطم طلبوا منى دفع رسوم اللوحات الجديدة التى سرق فلوسها حبيب العادلى مع نظيف وغالى. سألتهم عن اللوحات القديمة وهل سيردون لى ثمنها، فلم يفهموا السؤال!
حصلت على الرخصة التى اقتضت التنقل بين ثلاث وحدات للمرور فى إجراء شديد الغباوة والقسوة، لكن هوّن الأمر أن دماء الشهداء أوقفت تحصيل الرشاوى المعتادة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.