منح دراسية كاملة من جامعات ألمانية لأوائل الثانوية    محافظ بورسعيد يعقد اجتماعًا لمناقشة الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ    انفوجراف| أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 29 يوليو في بداية التعاملات    "السويس الجديدة" تستقبل وفدا من شركة السويس للبترول    «الزراعة»: صادرات مصر تتجاوز 6.2 مليون طن حتى الآن    الهلال الأحمر الفلسطيني يثمن جهود مصر في إيصال المساعدات إلى قطاع غزة    تايلاند تتهم كمبوديا بانتهاك وقف إطلاق النار فور دخوله حيز التنفيذ    وزير الشباب يُطلق "يوم مصر الرياضية" احتفالًا بأول إنجاز أوليمبي    زيارة تثير الجدل.. محمد صلاح في معبد «إيكو ين» البوذي باليابان    حملات مرورية تضبط 15 مطلوبًا قضائيًا و3 مركبات مخالفة    مصرع شخص مجهول الهوية أسفل عجلات قطار في قنا    وزير الثقافة: المسرح يعكس تنامي الوعي الفني    قبل عرضه.. تفاصيل فيلم «بيج رامي» ل«رامز جلال»    «الصحة»: «100 يوم صحة» قدّمت 19 مليون و253 ألف خدمة طبية مجانية    6 مشروبات تناولها قبل النوم لإنقاص الوزن بسرعة    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    تأجيل محاكمة المتهمين بالاعتداء على أستاذة جامعية ووالدتها وشقيقتها في المنصورة إلى 12 أغسطس    الصحة تنظم برنامجا تدريبيا مكثفا لأطباء امتياز الأسنان بجامعة سيناء    بالفيديو.. المركز الإعلامي للوزراء: الدولة تمضي قدمًا نحو تطوير المنظومة الصحية والارتقاء بصحة المواطن    هيئة الإسعاف: نجحنا في نقل 30 ألف طفل مبتسر بشكل آمن خلال 2025    «التضامن» توافق على إشهار جمعيتين في محافظة البحيرة    ياشاري خارج حسابات ريال مدريد.. وكوناتيه يواصل جذب الأنظار    رئيس «جهار» يستقبل وفدا من منظمة دعم أداء النظم الصحية والابتكار العالمية    إصابة جابرييل شيكودي بكسر في الساق    رصيف محطة هاتشيسون رقم 1 بميناء السخنة يستقبل السفينة ZHEN HUA 36 المخصصة لنقل الأوناش الثقيلة    اليوم بدء الطعون على نتيجة الشهادة الثانوية الأزهرية للدور الأول.. تفاصيل    انتظار صدور حكم في قضية سرقة عملات ذهبية أثرية من متحف ألماني    وزير العمل: التعليم الفني يشهد طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة بتعاون وجهود ملحوظة من القطاع الخاص    وزير التنمية المحلية: شركاء التنمية حليف قوي في دفع العمل البيئي والمناخي في مصر    "حرارة مرتفعة ورطوبة خانقة".. الأرصاد تكشف عن تفاصيل طقس الثلاثاء    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    دخول 9 شاحنات مساعدات إنسانية إلى معبر كرم أبو سالم تمهيدًا لدخولها لقطاع غزة    سبورت تكشف موعد عودة برنال لتدريبات برشلونة    ثنائي المصري أحمد وهب وأحمد شرف ضمن معسكر منتخب الشباب استعدادًا لبطولة كأس العالم بشيلي    ارتفاع حصيلة ضحايا إطلاق النار فى نيويورك ل5 أشخاص بينهم ضابط شرطة    مقتل 16 شخصا وإصابة 35 في غارات روسية جنوب شرق أوكرانيا    السوداني يجدد موقف العراق الثابت والداعم للقضية الفلسطينية    وظائف قيادية وإشرافية شاغرة بمديرية التعليم في شمال سيناء (التخصصات والشروط)    رابط التقديم الإلكتروني ل تنسيق الصف الأول الثانوي 2025.. مرحلة ثانية (الحد الأدني ب 6 محافظات)    يوسف معاطي: سعاد حسني لم تمت موتة عادية.. وهنيدي أخف دم كوميديان    مصرع 30 شخصًا في العاصمة الصينية بكين جراء الأمطار الغزيرة    "بقميص الزمالك".. 15 صورة لرقص شيكابالا في حفل زفاف شقيقته    اليونسكو: الإسكندرية مدينة الانفتاح والإبداع وعاصمة فكرية عالمية    فى مقال بمجلة «معلومات الوزراء».. وزير البترول يستعرض «استراتيجيات التحول الطاقي»    الاَن.. الحدود الدنيا وأماكن معامل التنسيق الإلكتروني للمرحلة الأولى 2025 في جميع المحافظات    وفاء عامر تبكي على الهواء: "قررت الابتعاد عن تيك توك نهائيًا"    مرشح الجبهة الوطنية: تمكين الشباب رسالة ثقة من القيادة السياسية    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    «النادي ممكن يتقفل».. رسائل نارية من نصر أبوالحسن لجماهير الإسماعيلي    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    مفتي الجمهورية السابق يوجه رسائل عاجلة لأهالي البحيرة قبل إنتخابات مجلس الشيوخ    اليوم.. «الأعلى للثقافة» يعقد اجتماعه ال 72 للتصويت على جوائز الدولة لعام 2025 (قوائم المرشحين)    صراع على السلطة في مكان العمل.. حظ برج الدلو اليوم 29 يوليو    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الرخصة من دون رشوة
نشر في التحرير يوم 06 - 12 - 2011

لم أنتبه لانتهاء رخصة السيارة ووجدت لزاما علىّ أن أذهب لقضاء هذا المشوار المقرف ثقيل الوطأة على النفس. فى كل البلاد التى عشت فيها كانوا يرسلون لى الرخصة بالبريد عند أوان التجديد ويطلبون بأدب أن أرسل لهم شيكا بالرسوم، لكن هنا يذهب المرء إلى وحدة المرور منذ الصباح ولا يعرف هل يأخذ الرخصة قبل موعد الإغلاق أم يضيع يوما آخر بصحبة الموظفين الكفرانين؟
فى السنوات الماضية كنت أعتمد أحيانا على أحد الزملاء الصحفيين بأقسام الحوادث والجريمة الذين يتعاملون مع الضباط ويقومون بتلميعهم ونسْب أمور طيبة غير حقيقية إلى حضراتهم.. أعتمد عليهم فى تذليل الصعوبات وإنهاء الرخصة فى الزمن الطبيعى مثل كل البشر فى العالم... لا تستطيع فى مصر أن تأخذ نصيبك من الأوكسجين والخضرة والبراح والمعاملة الكريمة إلا باللجوء إلى الواسطة أو دفع مبالغ باهظة.
هذه المرة بعد الثورة وبعد مئات الشهداء وآلاف العيون المفقوءة وما لا يمكن حصره من الجرحى والمفقودين وجدت فى نفسى إصرارا على أن لا أحتاج إلى خدمة من ضابط قام أصدقاؤه الجبناء بقتل أعز أبنائنا وقنص عيونهم، ورأيى هو أن ضباط الشرطة يؤزّمون أمور الحياة على الناس عمدا حتى نحتاج وساطتهم فى المشكلات التى يخلقونها لنا، ومن ثم تبرز أهميتهم!
ذهبت إلى وحدة مرور المقطم فعرفت أنها من الأماكن التى احترقت فى أثناء الثورة، فى الغالب على يد بعض ضحايا الشرطة الذين وجدوا الفرصة للانتقام من جلاديهم. وجهونى للذهاب إلى مرور عين الصيرة الذى انتقل إليه مرور المقطم مؤقتا، وهناك ذهبت لدفع المخالفات، لكن العسكرى الواقف على الباب أخبرنى بأنهم قفلوا بدرى النهارده! سألته عن وكيل النيابة فقال إنه ترك العمل وغادر المكان. قلت له إننى سأكتب شكوى إلى النائب العام وأنشر ما فعل بالصحف، فخاف وأخبرنى أنه بالداخل وأخذنى إليه! سألته: لماذا أوقفتم العمل والساعة ما زالت الثانية عشرة والنصف، فأجابنى بأن المحامى العام لنيابات مش عارف إيه هو الذى طلب منهم ذلك. سألته: وهل من حق المحامى العام لنيابات مش عارف إيه أن يغلق الباب فى وجه الناس ويعطل مصالحهم؟ قال لى: إن الأمر يتعلق بالانتخابات وأنا أنفذ الأوامر. تركت الأخ الذى ينفذ الأوامر وعدت لاستكمال باقى الإجراءات، فأخبرونى بوجوب عمل فحص للسيارة، فذهبت إلى الفنى الذى قام بفحص السيارة ووقع الأوراق دون أن يطلب رشوة كالمعتاد، فقلت بركاتك يا ثورة يناير. رجعت إلى الموظف بالأوراق كاملة ففاجأنى بضرورة الحصول على شهادة بيانات لأن الرخصة منتهية. قلت له على طريقة الدكتور شديد: وماله يا اخويا اعملوا لى شهادة بيانات، فقال إن هذه الشهادة تستخرج من مرور البساتين! تغلبت على الصدمة وهرعت من فورى إلى هناك، فقالوا إن الخزنة أقفلت ولا مفر من العودة غدا. فى الصباح ذهبت مبكرا، وهناك وجدت المكان غير صالح لوجود البشر. الموظفون البؤساء يجلسون على مكاتب خربة، والمتعاملون لا يجدون أماكن للجلوس أو حتى للوقوف.. على الحائط لافتة توضح الأوراق المطلوبة للحصول على شهادة بيانات ومن ضمنها إجراء فحص فنى للسيارة. أخبرتهم أننى قمت بهذه العملية أمس فى عين الصيرة. قالوا لا بد من فحص جديد! ذهبت وفحصت من دون داع للمرة الثانية، وأيضا لم يطلب الفنى رشوة! عدت إلى الطابور، وهناك أدهشنى وجود موظفة واحدة مختصة بالعملية اسمها «ثريا» تقوم وحدها بكل شىء.. تقابل الناس ببشاشة وتتلقى الطلبات وتستكمل كتابة البيانات وتجيب عن أسئلة لا تخصها وتوجه الناس إلى الأماكن الصحيحة وتنهض كل فترة لتذهب بالأوراق التى أنجزتها وتدخل بها مغارة لا نرى ما يحدث فيها ثم تعود ومعها الشهادات.. كل هذا وحولها رهط من الأنطاع يجلس كل منهم إلى مكتب يأكل ويشرب شايا ويتفرج على الجمهور بلا عمل! ولم أجد بالمكان مسؤولا يستحث أحد الموظفين العاطلين أن يساعد الموظفة المطحونة. بعد ثلاث ساعات حصلت على الشهادة المطلوبة، ثم أحسست أننى اكتفيت من هذه الأماكن الغريبة وأخذت منها جرعة أحتاج أسبوعا على الأقل للتعافى منها. عدت بالفعل بعد أسبوع إلى مرور عين الصيرة ووجدت نيابة المرور تعمل هذه المرة، وكانت أعداد طالبى الخدمة تفوق الوصف، إذ كانوا عبارة عن زبائن المقطم والبساتين علاوة على عين الصيرة! ولا أدرى لماذا لا يجمعون فى كل وحدة مرور كل ما يلزم من موظفين بدلا من شخرمة المتعاملين على هذا النحو. تقدم إلىّ أحد السماسرة وعرض علىّ أن ينهى لى الموضوع بطريقته سريعا. نظرت إليه طويلا قبل أن أنفجر بالضحك، فتركنى وهو يظن بى جنونا.. الشاب لا يعلم أننى كنت أستطيع أن أرسل أحدا لإنهاء الأمر برمته دون أن أنزل من بيتى، لكنى قررت أن أحصل على حقى دون واسطة. دفعت المخالفات وسط معجنة بشرية وعدت لإكمال الرحلة فقالوا لى: مبروك.. مرور المقطم عاد إلى العمل من مكانه الطبيعى.. عُد إلى هناك! فى المقطم طلبوا منى دفع رسوم اللوحات الجديدة التى سرق فلوسها حبيب العادلى مع نظيف وغالى. سألتهم عن اللوحات القديمة وهل سيردون لى ثمنها، فلم يفهموا السؤال!
حصلت على الرخصة التى اقتضت التنقل بين ثلاث وحدات للمرور فى إجراء شديد الغباوة والقسوة، لكن هوّن الأمر أن دماء الشهداء أوقفت تحصيل الرشاوى المعتادة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.