ما إن أظهرت المؤشرات الأولية فى انتخابات مجلس الشعب تقدم الإخوان، من خلال حزب الحرية والعدالة، ومن ثم فوزه الكبير فى الجولة الأولى.. وهو مؤشر لتحقيق نتيجة كبيرة، وربما يحصل على الأغلبية وحده فى نهاية الانتخابات.. حتى بدأ الكلام عن حكومة الإخوان. وقد بدأ عدد من قيادات حزب الحرية والعدالة فى الحديث عن حق البرلمان الجديد فى أن يشكل الحكومة، على الرغم من أن الإعلان الدستورى لا يمنح البرلمان ذلك، وإنما اختصاصات ذلك فى يد الرئيس، الذى يمارس عمله الآن المجلس العسكرى. هل الإخوان وحزبهم سيصرون على الحصول على حقهم فى تشكيل الحكومة باعتبارهم سيمثلون الأغلبية.. أم سيتركون الأمر للمجلس العسكرى ليتخذ هو القرار؟! .. وماذا سيكون موقفهم من حكومة الجنزورى التى ستدير لهم العملية الانتخابية مع المجلس العسكرى فى المرحلتين الثانية والثالثة؟ هل ستحصل على رضا الإخوان ويتركونها إلى حين كتابة الدستور وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.. أم سيطالبون بتشكيل حكومة جديدة يكونون هم أصحابها؟! عموما الإخوان لا يتكلمون فى السياسة عبر خريطة المستقبل.. وإنما يأخذون وقتهم ويتعاملون بالقطعة مع الأحداث. فهم لم يكن عندهم أى مانع فى التعامل مع نظام حسنى مبارك المخلوع، فى مقابل أن يعترف بهم النظام ويسمح لهم بممارسة نشاطهم بأى طريقة، مع وجود تمثيل لهم.. ولا مانع عندهم فى التضحية ببعض الأفراد باعتقالهم ومحاكمتهم.. ولا مانع بعد ذلك فى إجراء مفاوضات مع الأجهزة الأمنية للإفراج عنهم.. وهكذا كان يسير الأمر. وقد أبدوا حسن نيتهم مع النظام السابق فى انتخابات برلمان 2010، عندما رفضوا أن يقاطعوه وخرجوا مع حزب وفد السيد البدوى عن إجماع القوى الوطنية بالمقاطعة لتلك الانتخابات، التى بدت بتلك القوى أنها هزلية وستكون مزورة بعد رفض الحزب الوطنى الفاسد المنحل تقديم أى ضمانات للعملية الانتخابية، وبعد إلغاء الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات.. لكن النظام لم يعبرهم، وأسقط كل مرشحيهم فى الجولة الأولى، وتعالى عليهم ولم يتعاون معهم، وهم الذين مدوا أيديهم الأول إليهم، مما أجبرهم على الانسحاب من جولة الإعادة فى الانتخابات. ونتيجة لذلك اتخذوا موقفا من التعاون الذى رفضه النظام المخلوع إلى المعارضة، بإغاظته بإعلانهم تبنى مبادرة الدكتور محمد البرادعى للتغيير، الممثلة فى النقاط السبع، وبدأت الجماعة فى تجميع توقيعات عليها، من خلال موقعهم الإلكترونى ومكاتبهم فى المحافظات، وبدت وكأنها حليفة مع الدكتور البرادعى، وكان ذلك انتهازية من الجماعة التى تتخذ مواقف شخصية فى سياساتها.. فما إن قامت ثورة 25 يناير العظيمة، التى شارك فيها الشعب كله بجميع طوائفه بدعوة من شبابه المخلص.. وبدأت الجماعة فى الانصراف عما كانت تتعهد به فى السابق من مناصرة وتأييد الدكتور محمد البرادعى، وتركت الثوار فى صراعهم مع السلطة الجديدة والمجلس العسكرى، للحصول على حق الشعب فى الديمقراطية والدستور الجديد، ومحاكمة رؤوس النظام السابق والفاسدين.. وبدؤوا فى الاستعداد للانتخابات مبكرا، بعدما نجحوا مع المجلس العسكرى فى جعل الانتخابات أولا قبل الدستور، وهو وضع مقلوب.. وأعلنوا بشكل واضح وصريح تخليهم عن الدكتور محمد البرادعى، الذى كانوا يستخدمونه لإغاظة النظام السابق المخلوع لعله كان يعطيهم شيئا من الجزرة. وقد يكون للجماعة وحزبها ومخططها (ليس الحزب منفصلا عن الجماعة كما يدعون وإنما هو أداة لها.. والقرار الأخير لمكتب الإرشاد ولمن يتحكم فى هذا المكتب)، خطط فى ذلك، إلا أنها تتغير وفقا للحظة وأحداثها. فقد تخرج من قيادات الإخوان خلال الأيام المقبلة تصريحات كثيرة حول الحكومة وحقهم فى تشكيلها، كما قال محمد مرسى وعصام العريان.. لكن ليس هذا هو الموقف النهائى.. فإنهم سينتظرون النتائج النهائية للمراحل الثلاث لانتخابات مجلس الشعب، ومن ثم يبدؤون فى طلباتهم، خصوصا فى ظل ارتباك وضعف وربما تحالف المجلس العسكرى معهم. فلننتظر حكومة الإخوان.