.. ويستمر حديثنا عن اللقاء التليفزيونى بين هادى خشبة ومحمد أبو تريكة وننتقل إلى الجزء المهم والخطير كما وصفه هادى مقدم البرنامج (الآن ولأول مرة سنتحدث مع أبو تريكة فى السياسة، ولكن بعد هذه المكالمة المفاجأة والتى ستغير مسار الحلقة) وبعد هذه المقدمة الشيقة وفى انتظار المفاجأة نسمع صوت ابن أبو تريكة وهو طفل وديع ولطيف لم يستطع أن يحقق لهادى المفاجأة التى ينتظرها من شدة خجله مثل والده. المهم ننتقل إلى أهم ما فى الحلقة التى أشعر أنها جرت من أجلها وهى الجانب السياسى فى حياة أبو تريكة فبعد المقدمة التى وضعت تريكة بين ثوار التحرير ورموزه وأبطاله لأنه التقط صورة لنفسه فى الميدان يوم التنحى، وهو اليوم الوحيد الذى نزل فيه تريكة بعد ضغوط إعلامية وجماهيرية وإحراج عن سبب غيابه عن التضامن مع أهل بلده فى ثورتهم ضد الظلم والاستعباد والقهر والفساد بينما تضامن مع أهل غزة وقد كان هذا الموضوع مثار نقاش كبير بين محبى أبو تريكة وشباب الثورة على الفيسبوك وانتهى بنزول تريكة إلى الميدان فى يوم تنحى الرئيس السابق. وفى الوقت الذى حاول فيه أبو تريكة شرح وتبرير تأخر نزوله والدفاع عن زملائه الذين لم يشاركوا أو تضامنوا مع الرئيس، كان هادى يقطع الطريق ويقوده للتصديق على ما يقول حتى وصلنا إلى الفقرة المهمة وهو إعلان الهوية السياسية لأبو تريكة ونصيحته لجمهور الشعب المصرى لمن سيعطى صوته فى الانتخابات القادمة. «سأنتخب الإسلام سلفى أو إخوان» قالها أبو تريكة بهدوء وتلقائية فى وقت كاد هادى فيه يقفز من على كرسيه من الفرحة مكبّرا ومهللا لدخول أبو تريكة فى الدين الجديد (دين الإخوان المسلمين) وكأنه فوجئ بهذا الخبر السعيد وتلك القوة التى ستعطى العزة للإخوان وتدفعهم للنصر على أعدائهم الكَفَرَة من المسلمين الذين يؤمنون بالله ورسوله فقط وينسون الإخوان. واستطرد تريكة منظّرا «المشكلة تكمن فى أن الناس تخشى التعامل مع الإسلاميين نتيجة عدم ثقتهم فى الأشخاص الذين يطالبون بذلك وليس فى الدين الإسلامى نفسه، فى حين أنهم لم يخوضوا التجربة، ولا بد أولا من إعادة الثقة المفقودة فى القائد لأن ذلك يدفع البعض للخوف من تطبيق الشريعة». وواصل «كل ما أتمناه أن ينتبه الجميع إلى أهمية التغيير لأن هناك أمورا مغلوطة شائعة مثل إقامة الحدود على الناس، فمن المهم جدا أن يعلم الجميع أن الحدود لم يتم تطبيقها إلا نادرا فى الإسلام ولا بد من توفير الأمور أولا قبل أن تتم المساءلة». وإذا كان هذا الاتجاه مفاجئا لهادى فإنه ليس جديدا لكثيرين يعلمون أن محمد أبو تريكة يشارك فى جميع فاعليات الإخوان الاجتماعية والخيرية وجمع التبرعات ووضع نفسه تحت تصرفهم لنشر دين الإسلام الجديد الذى يدعون إليه. وبغض النظر عما إذا كان أبو تريكة يفهم ما يفعله أم لا فما قاله دعاية لفصيل سياسى يسعى للسلطة رافعا شعار الإسلام لا دعاية للإسلام والشريعة، فإننى ضد أن يدخل لاعب الكرة أو الفنان مجال العمل السياسى، فهاتان الفئتان ترتبطان بوجدان الناس على مختلف طبقاتهم وأعمارهم ودينهم وجنسهم وعقائدهم وأفكارهم السياسية والاجتماعية، من ثَم فإن انحياز اللاعب أو الفنان إلى تيار سياسى فيه ابتزاز للجماهير ولعب على عواطفهم وسرقة أصواتهم واستغلال الثقة التى تنشأ بين اللاعب وجمهوره فى توجيه الرأى العام تجاه فصيل سياسى ليس بالضرورة هو الأفضل للمجتمع. فى بعض الدول الأوروبية يجرَّم استغلال النجوم فى الدعاية الانتخابية بينما فى دول أخرى تقوم أحزاب سياسية بشراء النجوم لوضع صورهم إلى جوار شعار الحزب، وما فعله هادى خشبة مع أبو تريكة يندرج تحت هذا النوع من ابتزاز الجماهير واستغلال حبهم لأبو تريكة من أجل تأييد فصيل سياسى. لقد أسعد إعلان أبو تريكة تأييده الإخوان المسلمين ناسا كثيرين أولهم هادى الذى اعتبره نصرا للدين الجديد، وأحبط آخرين يحبون أبو تريكة ويعشقون فنه ويقتدون بأدبه ولكنهم لا يؤمنون بدين الإخوان وهو دين مختلف عن الدين الإسلامى الذى نعرفه. ونستكمل غدا إن شاء الله.