«كل يوم هو فى شأن». الآية القرآنية تصلح للتعبير عن حال الصعيد فى الدعاية الانتخابية، فبعد صراعات كانت مكشوفة بين التيارات الإسلامية تجتمع تلك التيارات لتنسق فيما بينها. «الوفد» الذى كان صاحب مكانة عظيمة هناك، يبدو أنه يسقط إلى قاع «الجب» بعد تحالفه مع فلول «المنحل»، وانسحاب عدد من مرشحيه من قوائمه. اقرؤوا ما يجرى فى الصعيد لتعرفوا الفارق بين الماضى والحاضر. فى ميادين سوهاج انتشرت مجموعات من ائتلاف شباب المحافظة، بأجهزة كمبيوتر وشاشات عرض. عرضوا مواد هدفها التعريف بالانتخابات، وشرح الفارق بين نظامى «الفردى» و«القائمة»، كما عرضوا أسماء المرشحين الأمثل بهدف التسهيل على الناخب السوهاجى. ولكن كيف قابل الأهالى ذلك الأمر؟ الواقع أن الشباب تمت مقابلتهم بنوع من السخرية من معظم المارة، وكان عدد قليل منهم يتوقفون ليستمعوا وليشاهدوا ما يتم عرضه على الشاشات. فى السياق ذاته، عقد حزب النور السلفى، فى حضور جماهيرى كبير يناهز 20 ألف شخص، فى الملاعب الفرعية لأستاد سوهاج الرياضى، مؤتمره الانتخابى الأول بحضور الشيخ محمد حسان. الأخير بدأ كلامه بتأكيد أنه «يجب أن تجعل لربك النصرة، لا لحزبك أو لقبيلتك»، مشيرا إلى أن «مصر تتعرض للعديد من الفتن، أولها الفتنة الطائفية، التى تحاول خرق القارب المصرى ليغرق الجميع»، وثانى الفتن التى أشار إليها حسان.. الفتنة بين التيارات الإسلامية، كالفتنة بين الصوفية والسلفيين، مشددا على أنه يخشى على الأمة من الصراع الإسلامى-الإسلامى، محذرا من الفتنة الانتخابية التى تمر بها مصر حاليا، وطالب باختيار الأفضل قائلا «حتى على نفسك»، وتناول فى كلمته الفتنة الحالية فى سوهاج، بين قريتى أولاد يحيى، وأولاد خليفة، مطالبا الجميع بتقديس الدم، محذرا من الانصياع وراء الإعلام المحرض. فى قنا عقد الحزب ذاته «النور» اجتماعا، لتأكيد عدم الدخول خلال الانتخابات فى صراعات مع التيارات الإسلامية الأخرى، مثل جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة الإسلامية. الاجتماع الذى عقد فى قاعة جمعية الشبان المسلمين حضره ممثلون عن الإخوان والجماعة الإسلامية، وناقش كيفية الاتفاق على اختيار مرشحين، من كل تيار دينى، وتم الاتفاق فى نهاية اللقاء على ميثاق شرف بين جميع التيارات، يتم من خلاله تقسيم المقاعد والأدوار، فى اللجان الشعبية، ومن دون الدخول فى صراعات، حتى تتم العملية الانتخابية بشكل حضارى، ينم عن السلوك الإسلامى. فى المنيا أصبح السؤال الأساسى بالنسبة للجميع: ماذا يحدث للوفد؟ فالوفديون أنفسهم ساخطون على حزبهم، ويتعرضون بشكل مستمر إلى الحرج، بسبب عبارات اللوم ونظرات السخرية، التى توجه إليهم بعد أن ضم حزبهم فلول «المنحل». والمدهش أن كثيرا من الشباب المنياوية سخروا من ذلك بطريقة حضارية، حيث قاموا بطبع شهادات تقدير تتضمن عبارات شكر من الفلول إلى «الوفد»، الذى قام بضم مرشحين لهم على قوائمه. ليس ذلك فحسب، بل إن أسماء وفدية بارزة خرجت من عباءة «الوفد» وشكلت قوائم أخرى، ومن بينهم الوفدى البارز عمر محمد عبد اللطيف، الذى أرجع سبب رفضه الانضمام إلى قوائم «الوفد» إلى وجود مرشحين على قوائمه لا يؤمنون بمبادئه، واصفا إياهم ب«المتسلقين». ياسر التركى له حكاية خاصة مع «الوفد»، فهو رئيس لجنه قرية بنى محمد سلطان، التى تضم أكثر من 300 عضو، وترشح على الدائرة الثالثة «فئات-فردى»، احتجاجا على وجود فلول فى قوائم حزبه، وبعد مفاوضات طويلة وافق على خوض الانتخابات على القائمة الثانية «جنوب» قبل أن يفاجأ بتنصل «الوفد» من وعوده الخاصة بدعم مرشحيه فى الدعاية الانتخابية. ابتسام محمود معبد هى أيضا من الأسماء التى تم الدفع بها على القائمة الأولى «للوفد- عمال»، لكنها قررت أن تنسحب لتنضم إلى قائمة أخرى، بسبب عدم وجود تواصل بين الحزب ومرشحيه، ويتردد بقوة أن هناك ثلاثة مرشحين آخرين يفكرون فى الانسحاب من قوائم «الوفد» لنفس السبب. «الوفد» الذى كان أول من يرفع شعار «يحيا الهلال مع الصليب» فى ثورة 1919، لم يسلم أيضا من غضب الأقباط، بعد تجاهلهم فى ترشيحاته على القائمة الثانية، ووجود مرشح واحد فقط فى ترتيب متأخر على القائمة الأولى، رغم أن الأقباط لهم ثقل كبير فى الدائرة الجنوبية. فى مركز «طامية» فى الفيوم، خرجت مسيرة حاشدة تأييدا لمرشحة «الحرية والعدالة» الدكتورة نادية توفيق، من أمام مسجد قباء، وجابت شوارع المركز، وانتهت عند المقر الانتخابى للحزب. الدكتورة نادية تحدثت عن نهب ثروات مصر، مؤكدة أن «وصول مصر إلى تلك الدرجة من الفقر ليس لقلة الثروات، وإنما لكثرة نهب تلك الثروات».