هو أحد ضحايا النظام السابق، لُفقت له قضية لا يعلم عنها شيئا. دخل السجن وعمره 19 عاما، وخرج وعمره 38 عاما. مسقط رأسه مركز طما فى محافظة سوهاج. حصل -فى أثناء سجنه- على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، عام 2009. من براءة فى قضية ملفقة، إلى أحكام بالإعدام والمؤبد... هو سيد مقبول فهمى. الثورة أخرجته من مرارة الظلم والقهر، إلى نور الدنيا، ولكن بعد 18 سنة. مقبول قُبض عليه، ضمن حملة معتادة لجهاز أمن الدولة، ضد أعضاء الجماعة الإسلامية. يوم 10/3/1993، جاءت الحملة إلى منزله، هكذا يروى مقبول، أخذته، وعشرين آخرين، من الجماعة الإسلامية، فى مركز طما. فى الصباح سمعوا أن نقطة مرور سلامون، وهى قرية تابعة لطما، حدث بها إطلاق نار، من قبل مجهولين، والنتيجة مقتل مجند وإصابة آخر. الضرب والتعذيب والكرابيج، هى اللغة المعروفة، فى مبنى أمن الدولة، هو يقول، التحقيق معه دار حول المسؤول عن الجماعة بالمركز، أسئلة على شاكلة «هل تعرف الأخ فلانا أو علانا؟»... مقبول يروى حكايته، «مكثت فى مبنى أمن الدولة بطما ثلاثة أيام، وقتها وصل إلينا أنه تم القبض على أحد الإخوة وهو الأستاذ بخيت عبد الرحمن سالم، مدرس لغة إنجليزية بمدرسة طما الثانوية الصناعية، واتهم فى قضية نقطة مرور سلامون، لم نصدق، لعلمنا أن الرجل كبير السن، وليس له أى علاقة بأعمال العنف»، مقبول قال إن الإفراج كان من نصيب الجميع، إلا هو. فى المساء أخذوه فى سيارة الترحيلات. يتذكر مقبول، «ظننت أنه سيفرج عنى بعد جولة بالسيارة، إلا أننى ذهبت إلى مكان بعيد»، ويتابع «أخبرنى الشيخ بخيت أنهم أرغموه فى التحقيق بعد التعذيب، أن يسمى أربعة أشخاص، فاختارنى منهم». مقبول قال «حبسونى فى غرفة صغيرة بمفردى، عاريا تماما، معصوب العينين، تعرضت لتعذيب متواصل لمدة 45 يوما، يبدأ التحقيق فى منتصف الليل، لإجبارى على الاعتراف، بقيامى بعملية (سلامون)، ورفضى كان يزيد التعذيب». ويضيف «أصبت بشلل مؤقت لمدة ثلاثة أشهر، ولم أكن أعرف من بجوارى، إلا بعد شهر كامل». يضيف مقبول «هددنى أحد الضباط، بالقتل، ذهبت إلى سجن سوهاج العمومى، ثم كعبا دائرا على السجون، من العقرب حتى التغريبة»، وفى عام 1995 انتزع مقبول حكما بالبراءة، لأن الاعتقال كان بلا خطاب من وزير الداخلية، ولأن الطب الشرعى أثبت أن القتيل قُتل برصاصة زميله من الخلف. الأمر لم ينته، رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد، لم يعجبه قرار البراءة، ورفض التصديق عليه، وتم تحويل القضية إلى قاض عُرف بعدائه الشديد للتيار الإسلامى، وولائه التام لأمن الدولة، هو أحمد صلاح بدور، الذى قال لنا مرة: أنا نفسى أمسك وزير داخلية سنة علشان ألبّسكم الطرح»، حسب كلام مقبول. حُكم على ثلاثة بالإعدام، هم الشيخ بخيت، ومحمد فوزى، ومحمود مصطفى، وبالمؤبد لى، ولعلى حروكة، وقد نُفذ حكم الإعدام فى محمد ومحمود فقط، لأن الشيخ بخيت، كان قد توفى فى السجن، بسبب ما أصابه من أمراض نتيجة التعذيب. «قرار المحكمة (الظالم)، كان له وقع الصدمة فى البداية، وعندما ذهبت إلى السجن رأيت (مظلومين) أكثر منى، فهان الأمر على. خرجت فى 13/3/2011، كعفو بنصف المدة، لكنى لا أجد فرصة عمل، وعاجز عن دفع ثلاثة آلاف جنيه قيمة الاشتراك فى نقابة المحامين». سيد مقبول.tif