(كان أهل المدينة كلها يتحدثون عن مرشحى الرئاسة، وتساءلوا لماذا لم تختر مدينتهم مرشحا لينافس على الرئاسة؟ واتفقوا فى ما بينهم على ترشيح أبو العربى، رمز المدينة وحكيمها، لينافس على المنصب، فذهبوا إلى المقهى الذى يجلس عليه أبو العربى، وعرضوا عليه الأمر، فاستمع إليهم أبو العربى ثم نفخ دخان المعسلة القص فى الهواء، وأتبعها برشفة باردة من زجاجة السفن، ثم سألهم باقتضاب). - واشمعنى أنا؟ - عشان انت رمزنا يا ابو العربى. - برضوا فهمكو بطىء.. أنا قصدى أقول انتو عايزين الرئيس اللى جاى شكله إيه؟ - عايزينه يكون حاكم عادل يا ابو العربى. - انسوا.. - ننسى إيه يا ابو العربى؟ - مافيش الاختراع اللى اسمه حاكم عادل ده. - إزاى يا ابو العربى؟ ده العدل أساس الملك يا جدع؟ - الكلام ده عشان تكتبه بالمدهب يا روح خالتك وتعلقه على الحيطة.. إنما الحقيقة مافيش حاكم عادل، ولا حتى أنا، وخصوصا مع ناس عاشت طول عمرها موطية، كل اللى جاى هيركب. - انت بتتكلم ازاى يا ابو العربى؟ - صدقونى.. أنا بكلمكو عن تجربة، وأنا شخصيا حاولت قبل كده أكون حاكم عادل.. وفشلت. - انت حكمت قبل كده يا ابو العربى؟ (ترك أبو العربى المعسلة، واعتدل فى جلسته واضعا ساقا فوق أخرى وقال لهم). - اللى قدامكم ده بلا فخر.. يبقى حاكم سابق. - حاكم سابق ازاى يا ابو العربى وإمتى؟ - زمان.. حكاية حصلتلى فى شبابى، إنما ولا حكايات ألف ليلة وشهرزاد. - طب ماتحكيلنا يا ابو العربى الحكاية. - هتفهموا؟ - هنحاول يا ابو العربى، بس انت احكى. - وراكو حاجة؟ - ولا محتاجة. (سرح أبو العربى قليلا ثم بدأ يحكى والناس يسمعون منصتين). - زماااان.. أيام الشقاوة.. كنت طهقان من البلد وعايز أهج.. طلعت البازبورت الأسود، وركبت أول مركب لقيتها، كانت مركب خردة، ما استحملتش أول نوة، وغرقت فى البحر باللى فيها، ببص لقيت نفسى فى وسط موج زى الجبال، وموجة تشيلنى، وموجة تحطنى، وانا بعافر وبشرب مية مالحة وبطلع فى الروح، ببص لقيت جنبى لوح خشب كبير من حطام السفينة، شبطت فى اللوح واستقتلت، وفجأة، ببص لقيت البحر بينشق وطالع منه حوت رزل ييجى عشرين متر العرض عرضين. - وبعدين يا ابو العربى؟ - بلعنى الحوت.. بس حظى الحلو خلا لوح الخشب اللى انا شابط فيه يشحط فى زور الحوت بالعرض.. - وبعدين؟ - فضلت فى الوضع ده كتير..؟ ييجى أسبوع. - أسبوع ازاى يا ابو العربى؟ - زى الناس يا خويا.. - كنت بتاكل وتشرب منين؟ - لأ ماكانش فيه مشكلة فى الحكاية دى، كان أكلى وشربى وكيفى كمان موجودين والخير كتير. - ازاى يا ابو العربى؟ - أصل الحوت الفاجومى كان بالع نص تموين المركب، كيزان بلوبيف كنت افتح وآكل، كيزان بيرة هنكن كنت افتح واشرب، سجاير مارلوبورو كنت بدخن.. الخير كان كتير - كل ده فى بطن الحوت؟ - بطنه دى إيه يا جدع؟ بقولك انا كنت شاحط فى زوره.. أبو العربى مايتبلعش، ولما يتبلع يشحط فى الزور. - الله أكبر.. وبعدين يا ابو العربى؟ - فجأة كده وانا رابط نفسى فى لوح الخشب، وواخد تغفيلة، الحوت المعفن عطس حتة دين عطسة.. خدتنى وطيرتنى فى الهوا ييجى كذا كيلومتر مربع، لدرجة انى كنت طاير فى الهوا والنورس طاير جنبى، وفجأة.. لقيتنى واقع فوق جزيرة فى وسط المحيط، ماحدش يعرف عنها حاجة، أهلها كلهم عرايا زى ما امهم ولدتهم، أول ماشفتهم خفت ولسه بفكر أجرى.. لكن ببص ياخويا لقيتهم كلهم سجدولى، رجالة وستات وعيال. - يسجدولك انت يا ابو العربى؟ - مش شايفينى خارج من بطن الحوت! معجزة يا جدع. - صح.. وبعدين يا ابو العربى؟ - عملونى حاكم عليهم. - وحكمت بالعدل يا ابو العربى؟ - بصراحة حاولت.. بس ماقدرتش. - ليه يا ابو العربى؟ - ماينفعش. - ليه ماينفعش؟ - ناس موطيين لك على طول.. ماتعرفش تعمل حاجة غير انك تركب.. بصراحة انا افتريت جامد قوى. - كنت بتعمل إيه يا ابو العربى؟ - كل اللى بتفكروا فيه. - كله كله؟ - كله كله. - وبعدين يا ابو العربى؟ - فى يوم.. كنت بعوم فى المحيط.. ونايم على ضهرى ومغمض عينى ومأنتخ على وش المية.. وحواليه الحور العين.. فجأة.. لقيت المية بتشق ويطلعلى نفس الحوت الرزل.. وبلعنى أنا برضه دونا عن كل البشر. - تاااانى يا ابو العربى..؟ - شفتوا الرزالة؟ - وعملت إيه يا ابو العربى؟ - لقيت نفس لوح الخشب لسه شاحط فى زور الحوت، رحت شابط فيه ولقيت بقايا علب البلوبيف والبيرة، بس السجاير كانت اتبلت، فضلت آكل من البلوبيف، واشرب من البيرة، وفضلت خرمان دخان ييجى أسبوعين بحالهم، لحد ما الحوت الرزل عطس تانى، ببص لقيت نفسى مرمى على الشط مغمن عليا. - وبعدين يا ابو العربى؟ - وبعدين فقت على خلقكم وسحنكو العكرة.. ساعتها عرفت ان الحوت انتقم منى شر انتقام