يوم الامتحان يكرم الشعب ولا يهان... هكذا عدّل التونسيون الحكمة الشهيرة بإصرارهم على اختيار طريق صحيح بعد ثورة 14 يناير، وتمهيد السبيل لتونس حرة من دون قيود بعدما سالت الدماء فى سبيل الإطاحة بالهارب بن على. لكن الانتخابات التاريخية التى تشهدها تونس غاب عن مشهدها شباب الثورة الذين لم تتجاوز مشاركة من هم دون ال40 عاما عن نسبة ال28% من إجمالى المرشحين، بينما حجز من هم أكبر من 40 عاما أكثر من 50% من مقاعد الترشح، والأغرب كان من هم أكبر من 50 عاما الذين وصلت نسبتهم إلى نحو 22%. المرأة أيضا اختفت عن مشهد الانتخابات، حيث لم تتجاوز نسبة مشاركتها ال5%، وهى نسبة ضعيفة جدا، إذا ما قورنت بحجم الآمال الكبيرة المعقودة عليهن للعب دور فعال فى رسم خارطة طريق تونسالجديدة. المشاركة النسوية كانت صورية إلى حد كبير حيث اكتفت بعض القوائم الحزبية بوضع سيدة أو أكثر، لتحسين صورتها فى الشارع، كما فعل حزب النهضة الإسلامى بدفعه بمرشحة ليبرالية غير محجبة على رأس إحدى قوائمه وهى الناشطة سعاد عبد الرحيم، بينما دفع حزب شيوعى آخر بمرشحة محجبة كإشارة إلى الحرية المنشودة فى الفترة المقبلة. والدة محمد البوعزيزى مفجر «الربيع العربى» ترى أن انتخابات المجلس التأسيسى لحظة انتصار لتونس كلها ولروح ابنها الذى أثار موته الثورة فى أرجاء البلاد، والتى انتقلت إلى المنطقة بأسرها. منوبية البوعزيزى قالت فى تصريحات لوكالة «رويترز» إنها تشعر بالفخر لأن ابنها ينظر له فى الخارج على أنه بطل وملهم، وأنه ضحى بحياته حتى تعيش تونس مثل هذا اليوم، ثم انفجرت فى البكاء قائلة «كل هذا لم يكن ليحدث لو لم يثر ابنى ضد القمع والتهميش والإهانة».